الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: ممارسة السياسة قد تفتح باب الاغتناء السريع  

إدريس الأندلسي: ممارسة السياسة قد تفتح باب الاغتناء السريع   إدريس الأندلسي
فلتسمع أيها الرئيس... إن الشعب يرى. 
أعجب لمن يدبرون أمر بلادي ويكثرون من خطابات حول العدل والنزاهة والحلال والحرام وجزء منهم مجرد ناهب للمال العام ومرتشي وممن حصلوا على الكرة الذهبية في إتقان لعبة الاغتناء السريع.  ولو كانوا أوفياء لبلادهم لأعطوا الحساب  وقالوا للشعب كيف عبروا من الفقر إلى الغنى الفاحش بمجرد أن دخلوا سوق السياسة. "الشفارة" بالعضلات والكلام الخبيث والدعم المقيت أصبحوا زعماء  ومتمكنين من آليات التحكم في بعض  الأحزاب. أغلبهم ذوي مستوى دراسي ضعيف وبقدرة قادر تحولوا إلى مراكز الرئاسة في البلديات والجهات والأقاليم.  المباركة من احزابهم أتت والكذب على المغاربة باسم الديمقراطية تجارة تحول الترشيح  والتزكيات إلى مصدر دخل  لبعض الزعماء. وبالطبع تقف مهام المجلس الأعلى للحسابات في منطقة الممكن قانونيا وما رآه المشرع كإطار لا يتعدى ضبط إحترام القواعد المالية والميزانياتة.
وتقتصر الملاحظات على هامش الممارسات المالية في الممارسات السياساوية. لأن العجب العجاب يقع خارج دائرة اختصاص المجلس الأعلى للحسابات. 
في عز أزمة اقتصادية وآثارها على التضخم  وفقدان مناصب الشغل، يقترف  بعض رؤساء المؤسسات الترابية و الوطنية أبشع التصرفات إتجاه المال العام. مؤسسات ومقاولات عمومية قال عنها ملك البلاد، بطريقة مفهومة، أنها لا تعطي المثال في مجال الحكامة. وهذه الأخيرة لها ارتباط كبير بالنتائج التي ركز عليها الدستور و ربطها بالمسؤولية. يظهر أن الكثير من الأحزاب ترى وتعرف وتتطلع على تضخم ثروات ممثليها  وتصمت. نعم تصمت لأنها منتفعة من شرذمة اغتنت  وتحكمت في دواليب القرار  واحكمت سيطرتها على الحزب. وحكومتنا تريد إخراج المجتمع المدني من الترافع كطرف مدني في قضايا الفساد.
هذا كلام فرضه الواقع. تكلم صاحب الجلالة عن رافعات التنمية وتقوية ركائز الإقتصاد الوطني. وفي نفس الوقت هناك من ينهشون ليل نهار لانتزاع كل درهم  وكل أرض  وكل متاع لأجل مراكمة ثروات بمجرد الوصول إلى منصب. رغم المحاكمات  والأحكام الصادرة بإسم صاحب الجلالة، يستمر تدمير تلك الثقة التي ارداها  ملك البلاد قوية بين المواطنين ومؤسساتهم. الجهات  مؤسسات كان مطلوب أن تؤسس للجهوية المتقدمة.  لكن هيهات هيهات...دخل الجهل بالمسؤولية إلى مستنقع الجهل  وغياب المهنية. ومرت السنين  وسوف تمر أخرى وستظل بعض الجهات سجينة الكسل  والنهب وغياب الكفاءة  وعبادة مراكمة المال الحرام مثلها مثل جماعات ترابية أخرى.  ويصل التغول ببعض الوصوليين إلى تدمير الفضاء العام  وتحويل الطرق إلى جزء من ممتلكاتهم رغم أنف القانون. في بلدنا يقوم بعض المسؤولين بجر الصحافيين إلى القضاء لمجرد تعرية واقع  أو فضح واقعة وخصوصا حينما يتعلق  الأمر بالعقار  وبانتهاك  قواعد التعمير. من حق الجميع أن يلجأ للقضاء ومن حق جميع المواطنين  والصحافيين على  الخصوص، فضح كل من تجاوز القانون بالإثباتات  والقرائن.  
الأمر يتطلب تدخلا قويا للدولة. صحيح أن تحرير الملك العمومي شيء جيد  ولو تعلق الأمر بإيقاف أنشطة معيشية،  ولكن احتلال الملك العام الحقيقي أبطاله زعماء  و رؤساء  وأعيان. من الشواطئ والملك العام البري  و البحري إلى ارصفة الشوارع الكبرى  والأماكن التي يمنع فيها البناء،  يتسلط أصحاب النفوذ لكي يرسخوا الشعور بالظلم في نفوس المواطنين. 
الأمر خطير و يحتاج إلى أكثر من تصوير باشا أو قائد مقاطعة يقوم بواجبه لتحرير الملك العام،  ولكن الأمر يحتاج إلى قوة أكبر لمواجهة من يتحدون القانون و مؤسسات الدولة ويشككون ، بتجاوزاتهم منذ سنين، في شرعية  وقدرة المؤسسات على الحفاظ على الملك العام  و المال  العام  وخصوصا وبالأساس على هيبة الدولة. يا زعماء الأحزاب شطبوا أبواب مقراتكم  وكونوا نزهاء في محاسبة مسؤوليكم  ومنتخبيكم على مصادر ثرواتهم  ولا تتستروا على ناهبي المال العام من منتسبيكم. كل غفلة منكم تعرض الوطن للخطر. نريد الكثير من تطبيق القانون وخصوصا القانون الأسمى للبلاد  وهو الدستور ونريد أحزاب قوية تضع المواطن في صلب اهتمامها و تتقوى  بالتخليق. نريد أن لا يصبح الجهلاء  وقليلي التكوين  وعديمي التجربة رؤساء الجهات والبلديات وأباطرة دون ردع. نعم  وصلنا إلى وضعية يحكم فيها مستوى الباكالوريا ناقص خمسة مستويات على مستوى الباكالوريا زائد تسعة أو عشر مستويات. رفقا بمستقبل بلادنا وتحركي أيتها المؤسسات لإرجاع الثقة إلى المواطنين. فلقد طفح الكيل. 
وللموضوع بقية بمعطيات تبين كيف  أصبح من كان بالأمس بسيطا فطغى وتجبر وبنى القصور.  اللهم إننا نطلب عونك على التبليغ  والسلام على من اتبع الهدى في مستواها الحقوقي  والاجتماعي  والمحاسباتي وخدمة الصالح العام. والعودة للموضوع بتفاصيله  واجب نحو الوطن. لن يستقيم أمر تخليق الحياة السياسية إذا لم يتم تفعيل المحاسبة  وتنزيل سؤال" من أين لك هذا؟".