الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

مبارك اوتشرفت: الخطاب الملكي رسم معالم التنمية المستدامة لمغرب الغد..

مبارك اوتشرفت: الخطاب الملكي رسم معالم التنمية المستدامة لمغرب الغد.. مبارك اوتشرفت

الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم الجمعة 14 أكتوبر 2022، إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية، خطاب قوي وواضح يتسم بالجرأة والدقة في طرح إشكاليتين مهمتين ومرتبطتين ألا وهما إشكالية الماء والاستثمار.

وجاء خطاب الملك في سياق عالمي وإقليمي مضطرب ومقلق بسبب ازدياد تأثيرات التغيرات المناخية على كوكب الأرض، واستمرار أزمة الطاقة العالمية واستمرار الحرب بين اوكرانيا وروسيا. كما حمل توجيهات مهمة في قضيتين أساسيتين تهمان مستقبل المغرب والمغاربة جميعا. تتعلق النقطة الأولى بإشكالية الماء والجفاف الذي يعيشه العالم أجمع، وليس المغرب فحسب وتأثيراته. أما النقطة الثانية فمرتبطة بالاستثمار بشقيه الخاص والعمومي وهو ملف متعثر رغم الجهود المبذولة في شأنه.

ويمكن القول بأن الخطاب يؤسس لتدبير مرحلة اخرى، ويرسم خارطة طريق في معالجة هاتين الإشكاليتين بمقاربة تشاركية ونسقية، وهو ما يحتم على الحكومة والبرلمان إيجاد حلول في أقرب الآجال. خاصة وقد اعتمد الخطاب منهجية علمية في تحليل الوضعية الراهنة للموارد المائية، ومسألة الاختيارات والسياسات العمومية المتعلقة بالماء، وكذلك في رسم معالم التنمية المستدامة لمغرب الغد، من خلال معالجة إشكاليتين هما الماء والاستثمار.

وهكذا بخصوص ملف الماء فإن الخطاب وقف على مكامن الضعف والخلل في تدبير هذا الملف عندما اعتبر الملك محمد السادس أن المسؤولية جماعية وأنه ينبغي توحيد الجهود ودحض المزايدات السياسية لمعالجة التهديدات والمخاطر التي تتعرض له الفرشة المائية بسبب الاستنزاف والإجهاد المائي، وأن ازمة الماء والجفاف بالمغرب بنيوية وهيكلية؛ وتتطلب مضاعفة الجهود من طرف الجميع وبالتالي فإن ازمة الماء بالمغرب تحتم علينا إعادة النظر في اختياراتنا الاقتصادية وتبني اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن، والفعالية. وتوحيد الجهود لمواجهة تأثير الجفاف والتغيرات المناخية على المجال والانسان وشدد الخطاب الملكي على مشكل الإجهاد المائي والاستنزاف للفرشة المائية بسبب الحفر العشوائي للآبار ، وضرورة التصدي لضخ غير القانوني والتعجيل بإخراج المخطط الوطني الجديد للماء وتنفيذه ،وفي هذا الإطار نبه الملك إلى ان تدبير الموارد المائية ليس مهمة قطاع وزاري بشكل حصري، بل المسؤولية تتحملها قطاعات اخرى كوزارة الفلاحة ،حيث ينبغي ان تراعي هذا البعد في وضع استراتيجياتها الاستثمارية ، واستحضار بعد الاستدامة في المشاريع الفلاحية؛ والاستمرار في تنفيذ كل المشاريع والبرنامج الوطني للسدود ،مهما كانت وضعية التساقطات.

كما دعا الخطاب المؤسسات العمومية ان تكون قدوة في هذا المجال، وتتخذ تدابير وإجراءات، وتستعمل وسائل حديثة لترشيد الماء والحفاظ عليه مؤكدا على:

أولاـ المسؤولية جماعية والعمل على إعطاء المثال بالقدوة في ترشيد الماء باستعمال تقنيات الري الحديثة. والحرص على التقائية السياسات العمومية، وضمان الفعالية والنجاعة. مع تقدير تكلفة الماء، بما يتناسب مع مستعمليها وضرورة الأخذ بعين الاعتبار موضوع الماء في تنفيذ المشاريع التنموية لضمان استدامتها.

ثانيا-عقلنة للموارد المائية والتضامن وتعبئة كل المتدخلين والفاعلين والمواطنات والمواطنين في تنفيذ وتتبع وتقييم البرامج والمشاريع العمومية المتعلقة بالماء، في إطار تفعيل المخطط الوطني الجديد للماء. وتأكيد جلالة الملك على الدور المهم الذي تضطلع به الجالية المغربية المقيمة بالخارج وحثه على ضرورة إشراكها في هذا المجال،دون أن ننسى تسجيل بأن ربط الخطاب بين الموضوعين المتعلقين بإشكالية الماء والنهوض بالاستثمار يكتسي أهمية كبيرة في الظرفية الحالية، فهما من جهة ملفان يتميزان بالأمد الطويل، كما يهمان قطاعات مختلفة بشكل أفقي، ولا يقتصران على قطاع دون آخر، وبالتالي لا بد من تعبئة جهود الجميع من أجل الوصول إلى الأهداف المرسومة.

 

مبارك اوتشرفت، رئيس منتدى افوس للديمقراطية وحقوق الانسان

منسق لجنة التشاور المدني بإقليم طاطا وعضو النواة الوطنية لحركة مغرب البيئة 2050