الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

ترفض الاعتذار لهن: لعنة الاعتداء الاستعماري على نساء غرينلاند تطارد الدنمارك 

ترفض الاعتذار لهن: لعنة الاعتداء الاستعماري على نساء غرينلاند تطارد الدنمارك  امرأتان من شعب الإنويت
على غرار آلاف الشابات المنتميات إلى شعب الإنويت في غرينلاند، فرض على بريتا مورتنسن، عندما كانت تبلغ 15 عاما،  تركيب لولب رحمي لتصبح ضحية سياسة تهدف إلى الحد  من معدل المواليد في المنطقة المحيطة بالقطب الشمالي التي لا تزال الدنمارك تحكمها رغم أنها لم تعد من مستعمراتها. وتقول مورتنسن "شعرت بألم كبير جدا عند تركيب اللولب".

ويشير تحقيق أجرته هيئة الإذاعة الوطنية الدنماركية "دي آر" إلى أن  حوالى 4500 امرأة خضعن لهذا الإجراء الطبي.
واضطرت مورتنسن للخضوع له عام 1974 بعدما تركت منزل عائلتها للمرة الأولى بسبب عدم وجود مدارس ثانوية في إيلوليسات، وهي قرية صيد تقع على طرف الجزيرة الغربي، كانت تسكن فيها، فرأت في الانتقال إلى الدنمارك فرصة  لإكمال دراستها.

وتقول مورتنسن وهي تقف أمام المنزل الذي ولدت فيه: "ذهبت... إلى مدرسة داخلية وعندما وصلت قالت لي المديرة إن علي  تركيب لولب رحمي فرفضت"، مضيفة أن  المديرة أكدت لها حينها أنها ستخضع للإجراء الطبي رغم رفضها. ولم يطلب إطلاقا  من والديها اللذين كانا في منطقة تبعد آلاف الأميال إعطاء موافقتهما ولم يبلغا حتى بأن على ابنتهما الخضوع لهذا الإجراء.

وفي أحد أيام فصل الخريف، أذعنت المراهقة في نهاية المطاف وتولى الطبيب تركيب وسيلة منع الحمل هذه لها.  وتقول مورتنسن (63 عاما ) لوكالة فرانس برس إن:  "اللولب كان خاصا  بالنساء اللواتي سبق أن أنجبن أطفالا، لا بالفتيات الشابات من سني آنذاك".
بعد تعرضها لهذا الإجراء الذي كان بمثابة "اعتداء"، التزمت مورتنسن الصمت، غافلة  عن أن  فتيات أخريات من غرينلاند يتشاركن معها المصير نفسه داخل المدرسة الداخلية في يوتلاند غرب الدنمارك. وتقول "شعرت بالخجل. ولم أخبر أحدا  بما حصل حتى اليوم".

وتشارك مورتنسن حاليا  في نقاشات محدودة غالبا  ما تنظم من خلال مجموعة على فيسبوك أنشأتها طبيبة نفسانية كانت ضحية تركيب لولب رحمي كذلك وتضم أكثر من سبعين امرأة.
وتقول نايا ليبيرث التي تولت إنشاء المجموعة، إن  الهدف منها هو: "الدعم المتبادل بين نساء تجمعهن علاقة أخوية لكي لا تشعر أي منهن  بأنها وحيدة، خصوصا  مع إعادة التطرق للصدمة التي تكت من عليها لسنوات عدة". وتستهدف المجموعة تحديدا  النساء اللواتي لم يستطعن الإنجاب.

وتوضح أن عددا  كبيرا من النساء لم يكن على دراية بأنهن  يضعن وسيلة منع حمل، ولم يكتشفن ذلك إلا بعد معاينتهن  من أطباء في الأمراض النسائية في غرينلاند. وتشير ليبرث لوكالة فرانس برس، إلى أن  اللولب الرحمي "عادة ما يوضع أثناء عملية إجهاض من دون إبلاغ النساء بوجوده".

ويقول المؤرخ سورين رود، إن  الحملة الدنماركية في أواخر الستينات شكلت جزءا من عقلية استعمارية استمرت حتى ما بعد انتهاء الاستعمار رسميا  سنة 1953. ويوضح الأستاذ المساعد في جامعة كوبنهاغن أن  ما عزز هذا الموقف "هو الأفكار التي تتمحور على أن سكان غرينلاند يفتقرون إلى المستويات الثقافية"، مضيفا  أن  "اللولب الرحمي لم يتطلب أي جهد من نساء غرينلاند ليكون فعالا  على عكس أنواع أخرى من وسائل منع الحمل".

وتأتي شهادات النساء في مرحلة تعيد فيها الدنمارك وغرينلاند التي أصبحت تتمتع بحكم ذاتي منذ العام 2009، مناقشة علاقتهما التاريخية. وتعتبر بريتا مورتنسن أن  النساء اللواتي أجبرن على وضع وسائل منع الحمل يستحققن اعتذارا وتعويضا  كذلك. وتقول "ينبغي تعويضنا عن الضرر الذي ألحق بنا، نحن الفتيات اللواتي أجبرن على وضع لولب رحمي".