الخميس 25 إبريل 2024
خارج الحدود

الرئيس الجزائر: "نريد حصتنا من أفريقيا" وهذه الدول الثلاث لها حق في اقتسام إفريقيا !!!

الرئيس الجزائر: "نريد حصتنا من أفريقيا" وهذه الدول الثلاث لها حق في اقتسام إفريقيا !!! عبد المجيد تبون
يبدو أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من النوع الذي لا يقيم اعتبارا للغة الديبلوماسية أو لآداب الخطاب الموجه للغير ولا يهمه أن تصدر عنه كلمات وصيغ من شأنها أن تستفز الآخرين، وليس هناك ينبهه، فيما يظهر، أن فلتات اللسان Lapsus linguae تحلل باعتبارها معبرة عن حقيقة موقف المتكلم.
وقد كان لقاؤه مع صحفي، بث أمس(الإثنين 1 غشت 2022) بعد تسجيله في وقت سابق، مليئا بفلتات اللسان التي سينتبه إليها لا محالة محللو الخطابات، وستستفز من دون شك القادة الأفارقة، نظرا لفجاجتها وانطوائها على ميل إمبريالي واضح يعيدنا إلى الحديث عن إرث الجزائر الفرنسية المستمر في لاوعي ووعي من يزعمون أنهم ورثة حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار.
ذلك أن رئيس القوة الضاربة والقوة العظمى، كما يسميها هو نفسه، لم يتردد في القول بصراحة، لا تختلف عن الوقاحة، "نريد حصتنا من افريقيا"، هكذا، وكأن أفريقيا بقرة تم ذبحها بغرض اقتسام لحمها، وهو قول يذكر بما قاله قادة الدول الإمبريالية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في مؤتمر برلين وبعده، حين اشتد الصراع بين يملكون مستعمرات كثيرة ومن ينافسونهم للفوز بحصص من القارة (Having vs No having) )وأدى إلى الحرب العالمية الأولى.
وزاد الرئيس على ذلك بأن عين من يحق لهم في القارة اقتسام البقرة المذبوحة وحددهم في ثلاثة لا شريك لهم: الجزائر في الشمال ونيجيريا في الوسط وجنوب افريقيا في الجنوب، مستشهدا للمرة الثانية في خرجاته الاعلامية بدراسة اعدتها جهة أمريكية سنة 1994 حسبه، ولا أحد عرف عنها شيئا ولا وجود لها الا لديه ربما، نظرا لكونها مرجعيته ومرجعية السياسة الافريقية والخارجية للنظام الجزائري، والبين ان اختياره للدول الافريقية الثلاث لا ينطلق من حجم الثروة الوطنية، لأن الناتج الداخلي الخام المصري مثلا يتجاوز الناتج الجزائري بكثير بدون البترول والغاز، أو من عدد السكان، اذ ان عدد سكان مصر يتجاوز ضعفي سكان الجزائر، أو القوة العسكرية، لان قوة مصر العسكرية متفوقة كما نوعا عن القوة الجزائرية حسب التصنيفات العالمية، واتحاشى هنا المقارنة مع المغرب واختلاف الديناميات ومستوى تطور البنيات التحتية والقطاعات الانتاجية وغير ذلك.
الرئيس الجزائري يفكر من داخل منطق الجزائر الفرنسية كما أسلفت، ويمني النفس ايضا بان يكتسب الوضع الاقليمي لجنوب افريقيا في جنوب القارة، حيث تفرض هيمنتها على محيطها الغارق في التخلف والفقر وعدم الاستقرار، دون أن تكون له قدرات بلد نيلسون مانديلا على اي صعيد او مستوى، وفي هذا السياق كانت إشارته إلى مصر "في الجهة الأخرى" مشحونة بحقد لم يستطع اخفاؤه على مصر التي تمثل بالنسبة اليه، ولنظام الجنيرالات الفاشل، عقدة، ليس بسبب دورها في ليبيا حيث تواجه وتفشل العمل التخريبي للمخابرات الجزائرية واذنابها، بل وايضا لأسباب اخرى، تندرج ضمنها التحالفات الاقليمية والعلاقات مع المغرب، كما تندرج ضمنها الديناميات الاقتصادية والتنموية بمصر.
وحين تحدث رئيس القوة المضروبة بهذه الطريقة الامبريالية عن افريقيا، فإن المغرب كان حاضرا في خلفية كلامه بقوة، اذ يقارن في العمق بين نجاح الاستراتيجية الافريقية القائمة على منطق التنمية المشتركة ورابح-رابح وبين فشل الجزائر حتى في تسيير خط بحري الى موريتانيا، والفشل في ان تكون الجزائر فاعلا في تنمية التنمية في القارة، التي انطلقت فعليا في بداية الالفية الجديدة وما تزال تواجهها تحديات كبيرة، وهو ما اعترف به، وهذه ايضا من فلتات لسانه التي تقود اليها الثرثرة، عندما اشار الى ان الجزائريين لم يستثمروا في افريقيا، وكأنهم يستثمرون اصلا في الجزائر دون خوف من انتقام الجنيرالات، وهي اشارة تحيل على تصريح سابق له قال فيه "المغاربة كلاونا فافريقيا"، ويعترف رئيس القوة المخروبة، أيضا، بأن المغرب يحظى اليوم بثقة واحترام الدول الافريقية نظرا لدوره الاستثماري والتنموي المنتج للقيمة المضافة وايضا نظرا لكونه يتعامل باحترام كامل لأشقائه الأفارقة ويعاملهم على قدم المساواة و يبتعد عن اي احلاف تروم السيطرة على القارة أو انتهاك سيادة دولها واستقلالها، وهذا ما انعكس بوضوح على التوازنات داخل الاتحاد الافريقي مند عودة المغرب وما من شأنه أن يضع نهاية لخرق المقبور "ايدم كودجو"، الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية في ثمانينات القرن الماضي، الذي ترتب عليه إدخال كائن مصنوع في مكاتب مخابراتية ومسخر لا هداف مكشوفة إلى المنظمة القارية ضدا على كل مقتضيات القانون الدولي التي تعرف الدول وخصائصها.
وقد بات مؤكدا ان جزءا من اجوبة الرئيس تبون على اسئلة الصحفي متعلقا بالمغرب قد حذف بعد خطاب الملك محمد السادس الذي فاجا باستمراره في اليد الممدودة، ولا استبعد أن ذلك الجزء، الذي قيل بأنه غطى 20 دقيقة، كان مليئا بفلتات اللسان وبالكلام الذي لا يليق أن يصدر عن رئيس دولة، أو عن أي مسؤول في دولة، إذا كانت هذه الدولة مسؤولة فعلا وكان مسؤولوها يعون ويقدرون مسؤولياتهم، ولننظر كيف يتحدث بوتين ورؤساء الدول والحكومات في الغرب، وكيف تلجا الادارة الامريكية الى تصحيح فلتات لسان بايدن.
لست أدرى كيف سيكون رد فعل عدد من الدول الافريقية على الكلام التحقيري الذي قاله الرئيس الجزائري في حقها، لأنه اعتبرها لا شئ وقابلة للاقتسام كبقرة مذبوحة أو كعكة بلا أدنى احترام لسيادتها وشخصيتها الوطنية والدولية، لكنه من المؤكد جدا أن الجميع سيمج هذا الأسلوب الجارح الذي ينتمي الى زمن مضى، زمن الاستعمار.
  • من تدوينة له على" الفيسبوك"