الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

الصحة بالمغرب : نحو حكامة وتدبير صحي لا متمركز بعلاجات صحية متكاملة ومتمركزة على المريض

الصحة بالمغرب :  نحو حكامة وتدبير صحي لا متمركز بعلاجات صحية متكاملة ومتمركزة على المريض مستشفى مغربي
في سياق إصلاح نظام الصحة في المغرب، وبمجرد الإقرار والالتزام بتقديم علاجات صحية، وخدمات اجتماعية متكاملة على المستوى الجهوي، ومن أجل الاستجابة لحاجات المرضى ولعائلاتهم، يجب أن نحدد المستخدم الذي سيكون في الخط الأول، ونحدد الفريق الذي سوف ينجز هذا الالتزام.
وحسب العديد من التجارب، التي اعتمدت نماذج العلاجات المتكاملة، فإن هذه النماذج تعتمد على العديد من العناصر الأساسية (مفاتيح) ومن ذلك: المقاربة المتمركزة حول الشخص، التقييم الشامل، تقييم الحاجات، التكامل والتنسيق بين الخدمات، التعاون والتدبير الذاتي.
ومن أجل إنجاح تنفيذ هذا النموذج وتطبيقه، فلا يكفي أن نضع مجموعة جديدة من الإجراءات والعمليات، أو بنيات حكامة، بل يجب أيضا أن نفهم كيف تتفاعل هذه العمليات، وما الطريقة التي تشتغل بها في مختلف السياقات وحسب الجهات والجهات الفرعية.
في هذا المقال فإن مصطلح (fournisseurs) يشار به الى كافة أعضاء طاقم العيادات والمصحات وموظفي نقاط الخدمة من (أطباء، و ممرضين، وأخصائيين اجتماعيين، ومعالجين، ومنسقي الخدمات ، ومساعدي الأطباء والمتطوعين وموظفي الاستقبال وموظفي باقي المكاتب ) الذين هم في تواصل وارتباط مباشر مع المرضى والمساعدين من المحيطين بالمرضى، بشأن تقديم الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
أما مصطلح (gestionnaires) فيقصد به الموظفون الإداريون الذين يدعمون ويوجهون وينفذون العمليات من قبيل: الإداريون، والمكلفون بالجانب التكنولوجي والاعلامي، والافراد المهتمون بالجودة، والمدراء...
إن الفرق الصحية الإقليمية سيفوض لها حق: تقديم علاجات تامة ونهائية.. وحتى يتحقق ذلك، يجب إعادة التفكير، في كل المسارات العيادية، حتى تتمكن تلك الفرق من فهم كامل، وعلى إطلاع على كافة العلاجات المقدمة للمرضى من طرف مختلف الشركاء في (القطاع العام والخاص).
إن الغاية هو إنشاء فرق رعاية صحية، مسؤولة عن تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات الضرورية. والوثيقة التالية سوف تساعد وتساهم في عملية الإصلاح:
1. تحديد الأنشطة الأساسية لما قبل الشروع في العرض العلاجي المزمع القيام به. مثال ذلك وضع ورسم مخطط علاجي قبلي.
2. ربط الأنشطة والعمليات المقدمة في المخطط الاولي بعمليات وأنشطة التدبير للعمليات الخلفية الأقل وضوحا. (على سبيل المثال، بناء وتشجيع ثقافة الدعم والتعاون، و التحسن المستمر ، وهي أليات ضرورية لنجاح أداء الفرق)
ما هي الأنشطة والأعمال التي سيقدمها مقدمو ومدبرو الرعاية الصحية المتكاملة؟
استنادا لتجربة أنظمة الصحة اللامتمركزة والمتكاملة الأكثر تقدما، هنالك قائمة من الأنشطة يقوم بها مقدمو ومدبرو الرعاية الصحية، تنجز وتطبق طيلة مسار العلاج،
سنميز بين هذه الأنشطة حسب تموقعها في سلسلة العلاج: فهنالك أنشطة تقام
في المقدمة (d’avant-plan) وأخرى في الخلفية (d’arrière-plan)؟
الأنشطة الأمامية لمقدمي الخدمات، تتضمن أنشطة تفاعلية بين هؤلاء المانحين والمرضى، بينما أنشطة مدبري الرعاية تشمل أنشطة تفاعلية بين هؤلاء والمرضى.
الأنشطة الخلفية لمقدمي خدمات الرعاية تشمل أنشطة تفاعلية بين مقدمي الخدمات العلاجية سواء في القطاع الخاص أو العام. وبالنسبة لأنشطة مدبري الرعاية فتشمل تفاعلات مع مدبرين ومتدخلين أخرين.
يجب التأكيد أن هذه الأنشطة والأعمال مترابطة ومتداخلة، وأن نجاح نشاط ما، يتوقف على نجاح الأنشطة الأخرى، ومهم جدا أن يملك المانحون والمدبرون للرعاية الصحية، لمهارات متنوعة (بما في ذلك المهارات التقنية والعلائقية) وهذا من أجل أداء جيد وفعال لهذه الأنشطة التي توضع في بداية ونهاية العلاج.
هذه الأنشطة المترابطة يمكن أن تفيد، كنقطة انطلاق للفرق الصحية الجهويةـ لكن يجب أن تكون موضوع توافق مشترك، وهذا من أجل تكييفها مع السياقات والظروف المحلية، بالإضافة الى أن تخضع لمراقبة ومتابعة منتظمة طيلة مسار ومرحلة الرعاية العلاجية، حتى تستجيب لحاجات المرضى والمساعدين المحيطين بالمرضى.
الأنشطة الأولية (ما قبل d’avant-plan) والخلفية (ما بعد d’arrière-plan):
على مقدمي الرعاية الصحية ومدبريها أن يحققوا وينجزوا هذه الأنشطة ليضمنوا علاجات متكاملة، وهذا لا يعني أن هنالك طبقة من الأنشطة أكثر أهمية من طبقة أخرى. إن تفاعل مختلف هذه الأنواع من الأنشطة، يتطلب من مقدمي ومدبري الرعاية الصحية، أن يلعبوا أدورا متعددة، وأحيانا جديدة،
إن الفهم الجيد لهذه الأدوار، سيتيح أن تسند للمانحين وللفرق مهاما توافق بشكل أفضل لتكوينهم ومهاراتهم وكفاءاتهم، كما سيمكن من كشف النقص الذي قد يلاحظ على مستوى الأداء لدى الفرق، وسيساعد على التخطيط الجيد للتكوينات، وتوظيف العمال والمستخدمين.
هذه الأنشطة يمكن أن تكون جديدة أو موجودة لكن ستخضع للتوسع. إن المقاربات التكيفية لتدبير التغيير الموصوفة، يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص في إطار أعمال إعادة التنظيم لأنها ستتعلق أكثر بتغيير وتعديل تواتر للعمليات الموجودة، عوض تبني أنشطة وصيرورات جديدة كليا، هذه الأنشطة يمكن أن تترجم في توسيع أدوار المانحين والمدبرين، والذين عليهم تغيير نظرتهم لعملهم (بتبني نماذج إدراكية جديدة)
إن أنشطة نماذج العلاج اللامتمركز والمتكامل حسب خصائص تجربة المريض والمساعدين المحيطين به تصنف تبعا لما إذا كانت أنشطة تعود للمستوى الأول (d’avant-plan) أو للمستوى الثاني (d’arrière-plan) للمانحين والمدبرين.
ويجب أن نسجل:
أن أنشطة المانحين والمدبرين توافق الخصائص الأربع الأولى التي ترتبط نوعيا بعمليات العلاج. هذه الأنشطة يجب أن تتيح بلوغ الخصائص المتمركزة على النتائج والمتمركزة على المريض وعائلته.
المانحون والمدبرون يساهمون أحيانا في نفس الأنشطة، للمستوى الأول والمستوى الثاني.. وبحكم أن المانحين والمدبرين يلعبون دورا مشتركا، في الخط الأول، هو ما يعطي الأهمية للتغير القادم. بعض الأنشطة (الأساسية) لا توافق الخصائص النوعية لتجربة المرضى والمساعدين المحيطين بهم لكن تساهم بشكل مشرف في أنشطة أخرى. وهذه الأنشطة تقع بشكل أساسي في المستوى الثاني. (arrière-plan)
أنشطة المستوى الأول (d’avant-plan).
مقدمو الخدمات العلاجية: أنشطة تستهدف المريض أو المساعد،
كل الأنشطة التي تتضمن تفاعلات بين المقدمين والمرضى ومساعديهم بشكل مباشر أو غير مباشر (فحوصات اكلينيكية- مكالمات هاتفية- لقاءات عبر الفيديو- بريد الكترونيكي..)
مدبرو الخدمات العلاجية: أنشطة تستهدف المريض او المساعد او مقدم الخدمة.
كل الأنشطة التي تتضمن تفاعلا مع المرضى ومساعديهم ومقدمو الخدمات العلاجية أو خدمات اجتماعية.( سواء كانوا ينتمون لنفس الهيئات أم لا) والمتطوعون والمدبرون.
أنشطة المستوى الثاني (d’arrière-plan):
مقدمو الخدمات العلاجية: أنشطة تستهدف المانح او المدبر
كل الأنشطة التي فيها تفاعلات مع مقدمين أخرين للعلاجات الصحية أو خدمات اجتماعية ( سواء كانوا ينتمون لنفس الهيئات أم لا) أو متطوعين أو مدبرين لأعمال إدارية، أو معيدين مستقلين (مثال تسجيل المعلومات على الملفات- ندوات- تكوينات – دراسة..) من غير اتصال مباشر مع المرضى أو المساعدين..
أنشطة المستوى الثاني (d’arrière-plan):
المدبرون: أنشطة تستهدف المدبر أو المتدخل
كل الأنشطة التي تشمل تفاعلات مع مدبرين أخرين (سواء كانوا من نفس الهيئة أم لا) أو مع متدخلين في العرض الصحي (لهيئات شريكة سواء من القطاع العام أم الخاص) أو متدخلين سياسيين (وزارات الصحة والهيئات الإقليمية المكلفة بتدبير الصحة او نوعية العلاجات) والداعمين ماليا والاشغال الإدارية، المعدين المستقلين (مثال المكلفون بإعداد اجتماعات الموظفين- حل المشاكل- تدبير التغيير...)
المقال القادم سوف يتناول بشكل مفصل الأنشطة (الأولية والخلفية) وكيف توضع تبعا لخصائص تجربة المريض ومساعده، ومبادئ التدبير المتمحور حول النتيجة، بمعنى: أن يحس المريض أنه ينصت له، ومقدر، ومرتاح، وله شخص يعتمد عليه، ويعرف كيف يدبر
صحته، وما الذي ينتظره، علاجات صحية وخدمات اجتماعية ذات جودة و سهل الوصول إليها.
من إعداد وتأليف:
الدكتور: المصطفى بوعتان (كندا)- هاشم بن إصالح (كندا)- البروفسور عبد الرحمان مشراوي(المانيا). الدكتور سمير قدار(بلجيكا)- البروفسور إسماعيل راموز(المغرب).  بنسليمان حداد (المغرب)