الأربعاء 8 مايو 2024
سياسة

رشيد لزرق: لماذا لم ينتفض البرلمان لتشكيل لجنة تقصي الحقائق في فاجعة الصويرة؟

رشيد لزرق: لماذا لم ينتفض البرلمان لتشكيل لجنة تقصي الحقائق في فاجعة الصويرة؟

يواصل الدكتور رشيد لزرق، الخبير في الشؤون الدستورية، تحليله للمشهد السياسي بالمغرب، مركزا هذه المرة في ورقته الأخيرة، التي وافى بها "أنفاس بريس"، على مفهوم المسئولية السياسية ودور الحكومة والبرلمان معا في تفعيل  دستور 2011 على خلفية  فاجعة الصويرة، ونعرض ورقته كالتالي:

"من المتعارف عليه في دولة المؤسسات، أن الحكومة تتحمل المسؤولية السياسية.. فعند حدوث أية أزمة أو واقعة تتحمل الحكومة ويتحمل الوزير أو الوزراء المعنيون بالموضوع المسؤولية السياسية الكاملة، بحيث لا  ينبغي أن تلقى المسؤولية على المرؤوسين، سواء كانوا موظفين كبارا أم صغارا، طبقا للفقرة الأولى من الفصل 93 من الدستور التي تنص على أن الوزراء مسؤولون عن تنفيذ السياسة الحكومية، كل في القطاع المكلف به، وفي إطار التضامن الحكومي هذه المسؤولية، تفرض على الحكومة في شخص رئيسها تحمل المسؤولية السياسية. وهنا لا يمكن الاكتفاء بحالة عامل عمالة الصويرة الذي تقع عليه المسؤولية الإدارية، بل يمتد إلى مسؤولية الحكومة ككل في شخص رئيسها سعد الدين العثماني، ووزيرها في الداخلية، باعتباره المشرف على القطاع، وباقي أعضاء الحكومة في إطار التضامن الحكومي.

وبالتالي فربط المسؤولية بالمحاسبة، تقتضي أن يكون للوزير مسؤولية أخلاقية، كما يفترض فيه التحلي بنوع من الشجاعة، وذلك باعترافه بمسؤوليته عن الخطأ المرتكب، لكون الموظف المخطئ يعمل تحت إمرته وإشرافه المباشر، ويعمل هذا الموظف على تنفيذ السياسة العمومية للوزارة التي ينتمي إليها وسياسة الحكومة بشكل عام.

وعليه، وإذا كانت الحكومة قد اعترفت بالمسؤولية السياسية في حادث الصويرة، وهذا في حد ذاته أمر إيجابي، فإن هذا الاعتراف وحده لا يكفي، كما لا يمكن أن يبقى في حدوث الكلام، بل يستوجب معه، من رئيس الحكومة أجرأة الدستور عبر طلب من الملك، إعفاء أعضاء الحكومة التي لهم علاقة بفاجعة الصويرة، وفق الفصل  47 من الدستور.

وأعتقد أن هذا الإجراء هو الكفيل بترسيخ الدستور وتفعيله بمباشرة رئيس الحكومة لمهامه الدستورية، على اعتبار أن  ما وقع بالصويرة ليس بالحدث الهين، بل هو اعتداء سافر على الحق في الحياة وفي الكرامة، وفي كل الأحوال بهذه اللامبالاة تقدم الحكومة صورة مسيئة عن المغرب لما بعد دستور ربط المسؤولية بالمحاسبة.

ومن جهة أخرى أرى أنه على البرلمان اتخاد  المبادرة، بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق في هاته الواقعة، وفي حالة ثبوت المسؤولية الجنائية يتم إحالة الأمر إلى القضاء، إعمالا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 94 الذي جعل أعضاء الحكومة مسؤولين جنائيا أمام محاكم المملكة، عما يرتكبونه من جنايات وجنح، أثناء ممارستهم لمهامهم".