Sunday 25 May 2025
مجتمع

الشباب الصُّم بين مطرقة صعوبة الإدماج المهني وسندان جهل مدونة الشغل

الشباب الصُّم بين مطرقة صعوبة الإدماج المهني وسندان جهل مدونة الشغل

خلال الأسبوع الماضي فقط، فُزع جميع من بلغ إلى علمه خبر وفاة شاب بعد أن صدمته شاحنة بمدينة الرباط، وهو يهم بقطع شارع. والكثير أيضا تساءل، كما هي العادة في مثل هذه الحوادث، عن الطرف المرتكب للخطأ. الأمر الذي يستدعي بتلقائية رؤية الواقعة عن قرب قبل الحكم عليها، لكن كل ذلك سنكون في غنى عنه لما نعلم بأن القتيل كان يعاني من إعاقة سمعية. وبذلك يتأكد بأي حال من الأحوال مساهمته في الضرر الذي لحقه بناء على أن القانون يمنع عنه تجاوز أي طريق يعرف مرور وسائل النقل بمفرده كما هو الشأن بالنسبة للأعمى.

كانت كل هذه المقدمة لمجرد الوصول إلى طرح سؤال: هل جميع الأشخاص الذين يعانون هذه الإعاقة في بلدنا على دراية بما يقوله القانون في حقهم؟. بدون شك سيكون الجواب بالنفي. وعليه، تطفو مباشرة ضرورة القيام بحملات تحسيسية في هذا الجانب. ومن حسن الحظ أن هناك مؤسسات إن كانت تعليمية أو تجارية أدركت هذا الخصاص المهول في التوعية، لتبادر من حين لآخر بتنظيم ندوات ذات صلة بالموضوع. كان آخرها تلك التي أشرفت عليها الجمعية المغربية للأطفال الصم بتعاون مع شركة "أورو ميكانيكا" التي باركت مديرتها فوز سناء التدلاوي عقد هذه الندوة تحت عنوان "الإدماج المهني للشباب الصم ومقتضيات مدونة الشغل"، يوم أول أمس السبت، حضرها 85 شابا من الصم، وخمسة أعضاء من المكتب المسير، بالإضافة إلى العديد من الأطر التربوية لمؤسسة منى للأطفال الصم التي يرأسها عبد الله نفيض.

وفي هذا الإطار، صرح كمال مجول، المدير الإداري والتربوي لمؤسسة منى للأطفال الصم، بأن عقد الندوة يأتي في سياق السعي من أجل إحاطة هذه الشريحة بجميع ما يكفل لها العمل وهي على اطلاع بأن اقتحام عالم المقاولة ليس هو الدراسة على مقاعد المؤسسة، وأن الإجراءات المتبعة عند الغياب في الأخيرة ليست هي المفروضة مثلا بميدان العمل، فضلا على تقريبهم مما تنص عليه مدونة الشغل، سواء في ما يتعلق بعقود العمل وما يمكن أن تتضمنه من حقوق والتزامات، وأيضا جزاءات المخالفات. وتمنى مجول في حديثه ل"أنفاس بريس" أن يكون هذا اللقاء مناسبة لباقي الجهات المعنية حتى تلفت انتباهها إلى أهمية مثل هذه الندوات، والإشراف على تنظيمها. وفي جوابه على خصوصية التعاون مع شركة "أورو ميكانيكا"، أكد محدثنا على أنها كانت من المؤسسات التي أثبتت بالفعل مواطنتها الحقة، من منطلق وضعها كامل الثقة في تلاميذ المؤسسة، إذ تعد أول مقاولة وطنية تدمج أكبر عدد من فئة الصم بالمغرب ب51 شخص، إلى جانب شركة "دونيطكس" التي أدمجت أزيد من 30 شخصا أصم، وكذا شركة "ماكدونالد" ب4 أشخاص صم، وشركة "هرنيس" ب3 أفراد.

ويضيف بأن ذلك الإقبال المكثف من طرف شركة "أورو ميكانيكا" على تلاميذ المؤسسة لم يأت من فراغ، وإنما حصيلة خبرة واستلهام من تجربة أمريكية أعطت البرهان على القيمة المضافة التي باستطاعة هؤلاء الصم والبكم تعزيز بها المردود العام للمؤسسة.

ومن جهته، شدد محمد عنيني، مدير الموارد البشرية بشركة "أورو ميكانيكا" على أن التعامل مع ذوي هذه الإعاقة، لا يجب أن يختلف عن التعامل مع الأسوياء، طالما أنهم ينتجون أيضا. إنما ما يثار، يستدرك عنيني، هو أنهم يرفضون أحيانا تلك المساواة، خاصة على مستوى الجزاءات التي تطبق عليهم، والسبب جهلهم بما تتضمنه مدونة الشغل. وعلى هذا الأساس، يردف مدير الموارد البشرية للشركة، تفتقت فكرة تنظيم الندوة كحاجة تحسيسية. لكونها الكفيلة بتجاوز مشكل التواصل الذي يبقى عائقا رئيسيا في مرحلة ما بعد الإدماج. أما من ناحية التكوين فلا مشكل بها، يسجل عنيني، تبعا لعدم معاناتهم من إعاقة حركية قد تؤثر على مستوى استيعابهم للمعلومات والتقنيات قبل تطبيقها على أرض الواقع.

بقيت الإشارة إلى أن هذه الندوة التي قام بالترجمة الفورية لأشغالها بلغة الإشارة كل من كمال مجول، خبير قضائي محلف فرع لغة الإشارة، وفاطنة الدباوي، منسقة تربوية بمؤسسة منى للأطفال الصم وخبيرة قضائية محلفة فرع لغة الإشارة، عرفت غياب القناتين الأولى والثانية، وإذاعة عين الشق رغم توجيه رسائل لهم في الموضوع، مع التأكيد على تميز الندوة. كما كان الغياب أيضا من طرف ممثل عن مندوبية التشغيل، وممثل عن مندوبية التكوين المهني اللذين وجهت لهما الدعوة، إنما بلا استجابة يتأسف المنظمون.