كشفت معطيات تربوية حديثة أن نسب التحكم في التعلمات الأساس لدى تلاميذ السلك الابتدائي بمؤسسات “الريادة” لا تزال دون المستوى المنشود، رغم مرور ثلاث سنوات على إطلاق المشروع الوطني الطموح الذي يراهن على تجويد التعلمات وتحسين أداء المدرسة العمومية.
الفرنسية تسجل أضعف نسبة تحكم
وأفادت البيانات، التي اطلع عليها موقع "أنفاس بريس"، أن نتائج الرائزين القبلي والبعدي، المنجزين بين شهري شتنبر وأكتوبر 2025 في نحو 4626 مدرسة ابتدائية عمومية معنية بمشروع “مدارس الريادة”، أظهرت أن التحكم في اللغة الفرنسية لم يتجاوز 26.6%، لتأتي بذلك في ذيل ترتيب المواد الأساس.
في المقابل، بلغت نسبة التحكم في الرياضيات 41.43%، بينما حققت اللغة العربية 54.61%، وهي أعلى نسبة بين المواد الثلاث لكنها ما تزال دون عتبة الطموح التي حددتها الوزارة.
متوسط تحكم لا يتعدى 40%
وأوضحت نفس المعطيات أن المعدل العام للتحكم في مواد العربية والفرنسية والرياضيات لم يتجاوز 40.09%، رغم تسجيل تحسن بنسبة 22% مقارنة بالفترة السابقة للرائز البعدي بين شعري شتنبر واكتوبر2025. ويأتي هذا التقدم في سياق تنفيذ مقاربة “التدريس وفق المستوى المناسب” المعروفة اختصارا بـ “طارل” (TARL)، التي تعتمد على دعم موجه لتلاميذ يعانون صعوبات في التحصيل.
تطور تدريجي بين المواسم الدراسية
وبحسب المصادر ذاتها، فقد تضاعفت مؤشرات التحكم في اللغة العربية مرتين خلال الموسم الدراسي الحالي (2025/2026) مقارنة بالموسمين السابقين (2023/2024 و2024/2025)، فيما ارتفع مستوى التحكم في الفرنسية أربع مرات، والرياضيات خمس مرات.
غير أن هذا التحسن النسبي لا يخفي، وفق الملاحظين، استمرار فجوات واضحة بين المؤسسات، بل وحتى داخل المؤسسة الواحدة، حيث لوحظ تذبذب كبير في النتائج بين الأقسام و المستويات وفيما بين المدارس في نفس الوسط المدرسي.
اختلالات في التطبيق وتوصيات بالتقويم
ويرى الخبير التربوي  عمر  دابو، في تصريح لـ"أنفاس بريس"، أن “مشروع مدارس الريادة قطع خطوات مهمة على مستوى إدماج مقاربة التدريس وفق المستوى المناسب، غير أن النتائج الراهنة تبرز الحاجة إلى تقويم أعمق لمكامن الخلل، خصوصا في اللغة الفرنسية”.
وأضاف دابو أن “بعض الاختلالات المسجلة تعود إلى تفاوت في تنزيل المشروع داخل نفس المؤسسة، وضعف مواكبة الأسر، وغياب أدوات تواصل فعالة رغم دعوة الوزارة إلى اعتماد لقاءات مفتوحة وأيام تواصلية موجهة”.
دعوة لتعزيز انخراط الأسر والفرق التربوية
وأكد الخبير ذاته أن تجاوز نسبة 30% من التلاميذ المتعثرين في التعلمات الأساس يقتضي “انخراطاً أكبر للأسر والمدرسين والإدارات التربوية في تتبع مسار الدعم المؤسساتي”، معتبراً أن مرحلة “TaRl” تمثل فرصة لإعادة الثقة في المدرسة العمومية شرط أن تُستثمر نتائج التقويم في تحسين الأداء بدل الاكتفاء بعرض الأرقام.
 
  
 
 
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
 