Tuesday 5 August 2025
كتاب الرأي

نادية واكرار: لماذا لا يظهر السياسي إلا حين تقترب ساعة الحصاد الانتخابي ؟

 
نادية واكرار: لماذا لا يظهر السياسي إلا حين تقترب ساعة الحصاد الانتخابي ؟ نادية واكرار
ويبدأ العد العكسي للاستحقاقات الانتخابية القادمة في المغرب، ليعود المشهد السياسي إلى الواجهة لا من باب المشروع المجتمعي، ولا من مدخل الرؤية التنموية، لكن من نافذة ضيقة، مغلقة، خانقة… تشبه غرفة مظلمة يُمارس فيها البعض فعلًا سياسيًا لا يختلف عن "الاستمناء"، حيث يُفرغ السياسيون شهواتهم الخطابية ويستعرضون وعودهم بإيقاع يوحي بالانتشاء، بينما الواقع على الأرض ساكن، فقير، مهمّش.

لحظة موسمية اصبحت معتادة ومعروفة جيدًا عند الشعب، بل واصبح يعايشها كل خمس سنوات بنفس الإحساس: خليط من السخرية، اللاجدوى، والمراقبة الصامتة لنخب تتقن تمثيل أدوار البطولة في مسرحية يعلم الجميع أنها بلا نهاية… أو نهايتها معلومة سلفًا.

العدّ التنازلي بدأ!!!
مفكرات الأحزاب بدأت تمتلئ بالمواعيد، ومكاتب التنسيقيات تُعاد تهيئتها، وكراسات البرامج تُحبر على عجل.
لكن المواطن، ذاك الإنسان الذي سحقته الظروف، لم يعد يسأل عن المواعيد ولا عن الشعارات، بل يتساءل وبكل مرارة:
- لماذا لا يظهر السياسي إلا حين تقترب ساعة الحصاد؟
- لماذا تظل صناديق الاقتراع تُنجب نفس الوجوه، بنفس الخطاب، بنفس الصمت بعد الفوز؟

الواقع أن كثيرًا من الفاعلين الحزبيين لا يرون في العمل السياسي سوى فرصة لتصريف الطموح الفردي، وفرصة موسمية لـ"التفريغ الرمزي"، لا ترتبط بمسؤولية ولا تلتزم بمحاسبة.
يمارسون السياسة كما يُمارس الوهم، يَعِدون كما يُوعَد في لحظة افتتان، ثم يختفون في العتمة إلى موعد قادم.
وهكذا تتحول الديمقراطية إلى مجرد عملية سخيفة تتكرر، تستنزف ما تبقى من أمل لدى المواطن البسيط الذي لا يبحث عن الفُرجة، بل عن الكرامة، الصحة، التعليم، الشغل، والاعتراف.

نحن اليوم في لحظة فارقة، لا بسبب موعد الانتخابات، بل لأن الإنسان المغربي أصبح أكثر وعيًا من أي وقت مضى.
لم يعد يشتري الوعود الرنانة، ولا يخدعه الماكياج السياسي، ولا تستميله الحملات الموسمية.
لقد أصبح الشعب يدرك، ولو بالصمت ، أن الوطن لا يُبنى بالشعارات، ولا يُدار بالأوهام، وأن السياسة ليست حلبة للتفاخر أو مسرحًا للتصفيق واحد سيلفيهات و صور جماعية مقززة ، بل عقد أخلاقي يجب أن يُحترم...

إلى متى تستمر إذا هذه الممارسة السياسية "الاستمنائية" التي تُفرغ الرغبات ولا تُنجب المشاريع؟
ومتى ستستعيد السياسة معناها الإنساني، في مغرب يستحق نخبًا تؤمن بالفعل لا بالفرجة، بالخلق لا بالتفريغ، بالوطن لا بالكرسي؟

إنه سؤال لا يخص السياسي وحده، بل يخصنا جميعًا، كمواطنين، كأفراد، كأرواح تبحث عن وطن لا يَستخدمها في الحملات، بل يُصغي لنبضها في كل الأيام.