Friday 4 July 2025
سياسة

زين العابدين الوالي: هناك مبررات قانونية وواقعية تدعو لإغلاق قوس "الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي"

زين العابدين الوالي: هناك مبررات قانونية وواقعية تدعو لإغلاق قوس "الأقاليم غير المتمتّعة بالحكم الذاتي" زين العابدين الوالي، رئيس المنتدى الإفريقي للأبحاث والدراسات في حقوق الإنسان
رغم‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬عرفها‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬دعم‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬لمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬ورغم‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭ ‬الفعلية‭ ‬والتاريخية‭ ‬على‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬المفتعل‭ ‬يُدرج‭ ‬ضمن‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعنية‭ ‬بالأقاليم‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬منسجما‭ ‬لا‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬منطق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬
 
اللجنة الرابعة: إطار تجاوزه الواقع
 
اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬هي‭ ‬جهاز‭ ‬تابع‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يعنى‭ ‬بملفات‭ ‬إنهاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬والمسائل‭ ‬السياسية،‭ ‬وتناقش‭ ‬سنويا‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬بصفتها‭ ‬«نزاعًا‭ ‬متعلّقًا‭ ‬بالأقاليم‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي»‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬معطيات‭ ‬متقادمة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الأقاليم‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬سنة‭ ‬1963،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬فيه‭ ‬يطالب‭ ‬باسترجاع‭ ‬أراضيه‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسباني،‭ ‬ولا‭ ‬يعكس‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬والسياسي‭ ‬الحالي‭ ‬بعد‭ ‬استرجاع‭ ‬المغرب‭ ‬لأقاليمه‭ ‬الجنوبية‭ ‬سنة‭ ‬1975‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاق‭ ‬مدريد،‭ ‬وبدعم‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الصحراويين‭ ‬الذين‭ ‬جدّدوا‭ ‬بيعتهم‭ ‬للعرش‭ ‬العلوي‭.‬
 
قراءة مغربية للرّأي الاستشاري لمحكمة العدل الدّولية
 
الرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬الّصادر‭ ‬عن‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬أكتوبر‭ ‬1975،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يُقدّم‭ ‬بشكل‭ ‬مجتزأ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬خصوم‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة،‭ ‬بينما‭ ‬القراءة‭ ‬الحقيقية‭ ‬له‭ ‬تؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكرّس‭ ‬أبدًا‭ ‬وجود‭ ‬"شعب‭ ‬منفصل"‭ ‬في‭ ‬الصّحراء،‭ ‬بل‭ ‬اعترف‭ ‬بوجود‭ ‬روابط‭ ‬قانونية‭ ‬وروحية‭ ‬بين‭ ‬القبائل‭ ‬الصحراوية‭ ‬وسلاطين‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬أساسا‭ ‬للسيادة‭ ‬المغربية‭ ‬على‭ ‬الإقليم،‭ ‬ويتطابق‭ ‬مع‭ ‬الظهائر‭ ‬التاريخية‭ ‬للبيعة‭ ‬ومع‭ ‬الممارسة‭ ‬السّيادية‭ ‬المتواصلة‭ ‬منذ‭ ‬قرون‭.‬
 
الحكم الذاتي: الحلّ الواقعي والنّهائي
 
أمام‭ ‬الجمود‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬الجزائر‭ ‬ومن‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلكها‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬السّياسي،‭ ‬جاء‭ ‬المقترح‭ ‬المغربي‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬سنة‭ ‬2007‭ ‬كمبادرة‭ ‬جادة‭ ‬وواقعية‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬سياسي،‭ ‬واقعي‭ ‬وعملي‭. ‬وقد‭ ‬وصفه‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬قرارًا‭ ‬بـ‭ ‬«الجاد‭ ‬وذي‭ ‬المصداقية»،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬دولًا‭ ‬وازنة‭ ‬مثل:‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وألمانيا‭ ‬اعتبرت‭ ‬المقترح‭ ‬المغربي‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الوحيد‭ ‬لأيّ‭ ‬حلّ‭ ‬سياسي‭ ‬للنّزاع‭.‬
 
مبرّرات قانونية لإخراج الملف من اللجنة الرابعة
 
من‭ ‬الزّاوية‭ ‬القانونية،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المادة‭ ‬73‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأقاليم‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬السيادة‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإدارة‭. ‬فالمغرب‭ ‬يمارس‭ ‬سيادته‭ ‬الكاملة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التنظيم‭ ‬الإداري،‭ ‬إجراء‭ ‬الانتخابات،‭ ‬واستفادة‭ ‬الساكنة‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الجهوية‭ ‬المتقدمة‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬إدراج‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬ضمن‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬يتناقض‭ ‬مع‭ ‬حصر‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬اختصاصه‭ ‬الحصري‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬تطورات‭ ‬الملف،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬تعيين‭ ‬مبعوثين‭ ‬شخصيين‭ ‬للأمين‭ ‬العام‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬وليس‭ ‬الاستفتاء،‭ ‬الذي‭ ‬سقط‭ ‬نهائيًا‭ ‬من‭ ‬طاولة‭ ‬النقاش‭ ‬بفعل‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الجزائر‭ ‬وصنيعتها‭ ‬«البوليساريو»‭.‬
 
نحو مقاربة جديدة
 
لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬تتجاوب‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد،‭ ‬وتسحب‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬أجندة‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭. ‬فاستمرار‭ ‬إدراجه‭ ‬هناك‭ ‬يمنح‭ ‬فرصة‭ ‬سنوية‭ ‬للجزائر‭ ‬و«البوليساريو»‭ ‬لتكرار‭ ‬نفس‭ ‬الادعاءات،‭ ‬متجاهلين‭ ‬قرارات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وتطور‭ ‬المواقف‭ ‬الدولية‭.‬
 
إنّ‭ ‬المغرب،‭ ‬بدبلوماسيته‭ ‬الاستباقية،‭ ‬وشرعيته‭ ‬التاريخية،‭ ‬وواقعيته‭ ‬السياسية،‭ ‬مؤهّل‭ ‬اليوم‭ ‬لقيادة‭ ‬حملة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مدعومة‭ ‬بالمرجعيات‭ ‬القانونية‭ ‬الدولية‭ ‬لإغلاق‭ ‬هذا‭ ‬القوس‭ ‬المفتعل‭ ‬نهائيًا،‭ ‬والانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬الواقعي‭ ‬الوحيد:‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت‭ ‬السّيادة‭ ‬المغربية‭.‬
 
لقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان،‭ ‬بعد‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬المناورات،‭ ‬لإعادة‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬نصابها:‭ ‬الّصحراء‭ ‬مغربية،‭ ‬وهذا‭ ‬واقع‭ ‬لا‭ ‬تصنعه‭ ‬اللّجنة‭ ‬الرابعة،‭ ‬بل‭ ‬التاريخ،‭ ‬والمشروعية‭ ‬القانونية،‭ ‬والإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬لشعبٍ‭ ‬متشبّث‭ ‬بمغربيّته‭.‬