يحضرني، وأنا أشرع في مناقشة العنوان أعلاه، قول بعض القائلين "إن بريطانيا لم تعترف بمغربية الصحراء بالوضوح اللازم كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنة 2020"، وإنها اعترفت ففط "بمصداقية مشروع الحكم الذاتي وواقعيته"، انطلاقا من كونها دولة براكماتية تنظر إلى واقع العلاقات وتبادل المصالح دون أن تورط نفسها في مواقف ذات "طبيعة ميكانيكية"، تجعلها أكثر التزاماً بما يترتب عنها من تبعات!!
بيد أنّ هذا القولَ مردودٌ عليه، لأن اعتراف أي دولة بمصداقية مشروع الحكم الذاتي، وواقعيته، وبكونه الإطار الأمثل لحل المشكل المفتعل حول صحرائنا، لا يعني إلا اعترافاً صريحاً بمغربية هذه الأخيرة، ما دام الحكم الذاتي سينشأ تحت الراية المغربية، وفي ظل الدولة الأم، التي هي أيضا الدولة المغربية، رغم كل ما يستأثر به أسلوب الحكم الذاتي من هوامشَ واسعةٍ ومتقدمةٍ في التشريع والتخطيط والتنفيذ والتدبير، لأن ذلك كله يتم تحت نظر السلطة المركزية للدولة التي تجري تحت رايتها ممارسة ذلك النوع من التدبير والتسيير...
فما دام كيان الحكم الذاتي المقترَح تابعا للدولة المغربية فإنه لن يكون إلاّ "مغربيا" بكل المعايير، ولو قُدّر لنا أن نطوّر قليلاً منظومتَنا الجهوية بجعلها فعلا، لا قولا فحسب، منظومةً متقدمة وموسَّعة، لأمكن لنا التفكير مستقبلا فيما يمكن وصفه بالمملكة المغربية المتحدة، كما قالها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني في إحدى خطبه الحكيمة والموزونة بميزان الذهب والياقوت، بعد أن تتمتع كل جهات المملكة بنفس الهامش من الاستقلالية، الذي سيتمتع به كيان الحكم الذاتي...
مجرد نقلة يسيرة تتحول المملكة من جرائها إلى كيانات متعددة ومتنوعة داخل الوحدة، ولا شيء آخر غير الوحدة الوطنية والترابية!!
السؤال الآن، كما هو في العنوان أعلاه، ماذا بعد هذا الاعتراف البريطاني الصريح والواضح؟
بدايةً، ينبغي أن ننتبه إلى أن إعلان المملكة المتحدة لموقفها هذا، والذي طال انتظاره، جاء مصحوبا بالحديث عن استثمارات بريطانية، مترقبة في أقاليمنا الجنوبية، بقيمة لا تقل عن خمسة مليارات من الجنيه الإسترليني، وهي العملة التي لا تقل عن الأورو والدولار اعتباراً ووزناً في الساحة الاقتصادية والمالية العالمية، مما يعني أن المملكة المتحدة سيكون لديها هي الأخرى، أسوةً بكل الدول التي وسّعت استثماراتها بالمنطقة المغربية الجنوبية ذاتها، نفس المبرر والدافع إلى تخمين خطط وبرامج لتأمين تلك الاستثمارات، وإلى الأخذ بعين الاعتبار كل التوقعات التي تثيرها الأوضاع المرتبكة للمنطقة المغاربية، والشمال إفريقية، وكذلك المتوسطية، في الظرفية الراهنة، والتي ليس لها سوى مصدر واحد وأوحد، هو النظام الجزائري المعروف عالميا بعدوانيته المفرِطة، وبإصابته منذ نصف قرن بماروكوفوبيا جعلته ظاهرةَ عصره، ودونكيشوتَ منطقته، وجعلته بالتالي منبع قلق كل من حوله، وما حوله!!
كل هذا، سيجعل من المملكة المتحدة شريكاً جديداً ووازناً في تأمين سلامة التراب المغربي عامة، والجنوبي منه خاصة، ولكن أيضاً وبصورة أعم، تأمين أمن وسلامة المناطق الثلاث سالفة الإشارة، المغاربية والشمال إفريقية والمتوسطية، لأن ذلك من أمن أوروبا بكل المعايير، ومن أمن بريطانيا العظمى بتحصيل الحاصل!!
معنى هذا كذلك، أن النظام الجزائري المريض والكسيح سيزداد الضغط عليه شدةً وضراوةً، لا للاستسلام والميل كل الميل إلى الموقف المغربي المشروع، فهذا من المستحيلات في حضور نفس العساكر العجزة الآخذين بوطنهم إلى الحائط، أو إلى الباب المسدود، أو إلى الهاوية، ولكن على الأقل، لإعادة النظر في تهديداتهم اليومية بإشعال فتيل الحرب ضد المغرب!!
العالم كله يعلم أنّ الرئيس الفعلي لذلك النظام، "غير السعيد شنقريحة" ما زال يحمل في نفسه، وربما أيضا في مكانٍ ما من جسده المُنهَك، أثراً من آثار مروره ذات يوم بأحد معتقلات القوات المسلحة الملكية، غداةَ وقوعه في الأسر بمناسبة مشاركته في تأطير الهجومات الفاشلة للجيش الجزائري "غير الشعبي" على أمغالة المغربية... ولذلك يحلم منذ نصف قرن بإسقاط السماء على رؤوس المغاربة قاطبة... والبقية يعرفها الخاص والعامّ!!
إذَنْ، فمِن أهم الآثار التي ستترتّب عن هذا الاعتراف البريطاني، بمغربية الصحراء، وكذا هذا الإعلان عن اعتزام بريطانيا العظمى الانضمامَ إلى كبار المستثمرين بأقاليمنا الجنوبية، أنّ النظام الجزائري أصبح مضطراً إلى بلع ريقه والتماهي مع غُصّته المؤبّدة، والإقلاع عن تهديداته الصبيانية، التي يعلم أكثر من غيره أنها دفعت المغرب في الواقع المنظور إلى تطوير تسليحه، وتجديد تجهيزه العسكري، ورفع مستويات تدريبه الحربي، ودعم كل ذلك بعقد تحالفات أمنية ودفاعية مع شركاء متعددين ومختلفين من أكابر الدول والأنظمة الدفاعية، مما جعله، الآن بالذات، أفضل تسليحاً وأكثر جاهزيةً واحترافيةً من جيش مَكذوب عليه بشعارات القوة والعظمة والتفوّق، بينما هو في حقيقته جيشٌ من الهُواة، لم يسمع أفرادُه دويّ الرصاص الحيّ إلاّ في الألعاب النارية التي ينظمها، بين الحين والآخر، ويشرف عليها الجنرال المُتصابي شنقريحة... والأعظم من هذا، أن ذلك النظام يعلم أيضاً أن إعلان أيَّ حربٍ مباشِرةٍ، ضد المغرب تحديداً، سيعني بالبداهة إعلاناً للحرب على الاستثمارات الكبرى التي يشهدها الجنوب المغربي، وبتحصيل الحاصل إعلانا للحرب على الدول صاحبة تلك الاستثمارات، لأن أي معارك يمكن أن تشهدها المنطقة ستهدد مصالحها الحيوية لا محالة، وكلنا يعلم أن استثمارات الدول العظمى تشكل جزءاً لا يتجزأ من مصالحها الحيوية، بل المصيرية في عُرف بعضِها... والمعنى واضحٌ الوضوحَ كلَّه، والفكرةُ لابد مُدرَكةٌ ومفهومةٌ بلا مزيد إطناب!!
والأيام بيننا كما هي العادة يا جارة الس..... الشرق!!!
بيد أنّ هذا القولَ مردودٌ عليه، لأن اعتراف أي دولة بمصداقية مشروع الحكم الذاتي، وواقعيته، وبكونه الإطار الأمثل لحل المشكل المفتعل حول صحرائنا، لا يعني إلا اعترافاً صريحاً بمغربية هذه الأخيرة، ما دام الحكم الذاتي سينشأ تحت الراية المغربية، وفي ظل الدولة الأم، التي هي أيضا الدولة المغربية، رغم كل ما يستأثر به أسلوب الحكم الذاتي من هوامشَ واسعةٍ ومتقدمةٍ في التشريع والتخطيط والتنفيذ والتدبير، لأن ذلك كله يتم تحت نظر السلطة المركزية للدولة التي تجري تحت رايتها ممارسة ذلك النوع من التدبير والتسيير...
فما دام كيان الحكم الذاتي المقترَح تابعا للدولة المغربية فإنه لن يكون إلاّ "مغربيا" بكل المعايير، ولو قُدّر لنا أن نطوّر قليلاً منظومتَنا الجهوية بجعلها فعلا، لا قولا فحسب، منظومةً متقدمة وموسَّعة، لأمكن لنا التفكير مستقبلا فيما يمكن وصفه بالمملكة المغربية المتحدة، كما قالها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني في إحدى خطبه الحكيمة والموزونة بميزان الذهب والياقوت، بعد أن تتمتع كل جهات المملكة بنفس الهامش من الاستقلالية، الذي سيتمتع به كيان الحكم الذاتي...
مجرد نقلة يسيرة تتحول المملكة من جرائها إلى كيانات متعددة ومتنوعة داخل الوحدة، ولا شيء آخر غير الوحدة الوطنية والترابية!!
السؤال الآن، كما هو في العنوان أعلاه، ماذا بعد هذا الاعتراف البريطاني الصريح والواضح؟
بدايةً، ينبغي أن ننتبه إلى أن إعلان المملكة المتحدة لموقفها هذا، والذي طال انتظاره، جاء مصحوبا بالحديث عن استثمارات بريطانية، مترقبة في أقاليمنا الجنوبية، بقيمة لا تقل عن خمسة مليارات من الجنيه الإسترليني، وهي العملة التي لا تقل عن الأورو والدولار اعتباراً ووزناً في الساحة الاقتصادية والمالية العالمية، مما يعني أن المملكة المتحدة سيكون لديها هي الأخرى، أسوةً بكل الدول التي وسّعت استثماراتها بالمنطقة المغربية الجنوبية ذاتها، نفس المبرر والدافع إلى تخمين خطط وبرامج لتأمين تلك الاستثمارات، وإلى الأخذ بعين الاعتبار كل التوقعات التي تثيرها الأوضاع المرتبكة للمنطقة المغاربية، والشمال إفريقية، وكذلك المتوسطية، في الظرفية الراهنة، والتي ليس لها سوى مصدر واحد وأوحد، هو النظام الجزائري المعروف عالميا بعدوانيته المفرِطة، وبإصابته منذ نصف قرن بماروكوفوبيا جعلته ظاهرةَ عصره، ودونكيشوتَ منطقته، وجعلته بالتالي منبع قلق كل من حوله، وما حوله!!
كل هذا، سيجعل من المملكة المتحدة شريكاً جديداً ووازناً في تأمين سلامة التراب المغربي عامة، والجنوبي منه خاصة، ولكن أيضاً وبصورة أعم، تأمين أمن وسلامة المناطق الثلاث سالفة الإشارة، المغاربية والشمال إفريقية والمتوسطية، لأن ذلك من أمن أوروبا بكل المعايير، ومن أمن بريطانيا العظمى بتحصيل الحاصل!!
معنى هذا كذلك، أن النظام الجزائري المريض والكسيح سيزداد الضغط عليه شدةً وضراوةً، لا للاستسلام والميل كل الميل إلى الموقف المغربي المشروع، فهذا من المستحيلات في حضور نفس العساكر العجزة الآخذين بوطنهم إلى الحائط، أو إلى الباب المسدود، أو إلى الهاوية، ولكن على الأقل، لإعادة النظر في تهديداتهم اليومية بإشعال فتيل الحرب ضد المغرب!!
العالم كله يعلم أنّ الرئيس الفعلي لذلك النظام، "غير السعيد شنقريحة" ما زال يحمل في نفسه، وربما أيضا في مكانٍ ما من جسده المُنهَك، أثراً من آثار مروره ذات يوم بأحد معتقلات القوات المسلحة الملكية، غداةَ وقوعه في الأسر بمناسبة مشاركته في تأطير الهجومات الفاشلة للجيش الجزائري "غير الشعبي" على أمغالة المغربية... ولذلك يحلم منذ نصف قرن بإسقاط السماء على رؤوس المغاربة قاطبة... والبقية يعرفها الخاص والعامّ!!
إذَنْ، فمِن أهم الآثار التي ستترتّب عن هذا الاعتراف البريطاني، بمغربية الصحراء، وكذا هذا الإعلان عن اعتزام بريطانيا العظمى الانضمامَ إلى كبار المستثمرين بأقاليمنا الجنوبية، أنّ النظام الجزائري أصبح مضطراً إلى بلع ريقه والتماهي مع غُصّته المؤبّدة، والإقلاع عن تهديداته الصبيانية، التي يعلم أكثر من غيره أنها دفعت المغرب في الواقع المنظور إلى تطوير تسليحه، وتجديد تجهيزه العسكري، ورفع مستويات تدريبه الحربي، ودعم كل ذلك بعقد تحالفات أمنية ودفاعية مع شركاء متعددين ومختلفين من أكابر الدول والأنظمة الدفاعية، مما جعله، الآن بالذات، أفضل تسليحاً وأكثر جاهزيةً واحترافيةً من جيش مَكذوب عليه بشعارات القوة والعظمة والتفوّق، بينما هو في حقيقته جيشٌ من الهُواة، لم يسمع أفرادُه دويّ الرصاص الحيّ إلاّ في الألعاب النارية التي ينظمها، بين الحين والآخر، ويشرف عليها الجنرال المُتصابي شنقريحة... والأعظم من هذا، أن ذلك النظام يعلم أيضاً أن إعلان أيَّ حربٍ مباشِرةٍ، ضد المغرب تحديداً، سيعني بالبداهة إعلاناً للحرب على الاستثمارات الكبرى التي يشهدها الجنوب المغربي، وبتحصيل الحاصل إعلانا للحرب على الدول صاحبة تلك الاستثمارات، لأن أي معارك يمكن أن تشهدها المنطقة ستهدد مصالحها الحيوية لا محالة، وكلنا يعلم أن استثمارات الدول العظمى تشكل جزءاً لا يتجزأ من مصالحها الحيوية، بل المصيرية في عُرف بعضِها... والمعنى واضحٌ الوضوحَ كلَّه، والفكرةُ لابد مُدرَكةٌ ومفهومةٌ بلا مزيد إطناب!!
والأيام بيننا كما هي العادة يا جارة الس..... الشرق!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد