Tuesday 20 May 2025
مجتمع

علم البيولوجيا الجزيئية والتشريح المرضي الرقمي: أعمدة صامتة لطب الأشعة

علم البيولوجيا الجزيئية والتشريح المرضي الرقمي: أعمدة صامتة لطب الأشعة من اليمين إلى اليسار الدكتور هشام العطار والدكتور بونهير بومهدي والدكتور إبراهيم الغساسي.
بقلم: الدكتور انور الشرقاوي بتعاون مع الدكتور بونهير بومهدي، طبيب اختصاصي في الأشعة


في زمنٍ أصبح فيه الطب فناً دقيقاً وعِلماً محكماً، ينهض علم البيولوجيا الجزيئية biologie moleculaire ، إلى جانب التشريح المرضي الرقمي Anatomopathologie numerique ، كأحد الأعمدة التي تسند الصورة الطبية وتمنحها البصيرة النافذة.

فـ البيولوجيا الجزيئية، وهي العلم الذي يغوص في أعماق الخلية لاكتشاف الطفرات الجينية التي قد تكون خلف المرض، قد فتحت للطب أبواباً من النور، إذ بات بمقدور الأطباء تمييز بصمة الورم على المستوى الجيني، فيقاربون الصورة الإشعاعية لا بعين المجاز فقط، بل بعدسة المعرفة الدقيقة يؤكد الدكتور هشام العطار طبيب إختصاصي في علم التشريح المرضي الرقمي.

فالتشريح المرضي الرقمي، وهو تحويل شرائح الأنسجة إلى صور رقمية عالية الدقة تُحلّل بواسطة الذكاء الاصطناعي، فقد تجاوز مهمة التأكيد على التشخيص، ليصبح أداة للتوقع، والتصنيف، والتوجيه.

فالعالِم المختص في الأمراض لم يعد شاهداً على المرض فحسب، بل صار شريكاً في تحديد المصير العلاجي للمريض.

وهكذا، يغدو الحوار بين الصورة المجهرية والصورة الشعاعية لغةً مشتركة، تنطق بالحكمة، وتُسهم في اتخاذ القرار العلاجي الذي قد يُنقذ حياة.

البروفيسور إبراهيم الغساسي، رئيس مؤتمر أونكوثورَاكس Oncothorax 2025، يؤكد: "الطبّ الأورامي في أمراض الرئة صار يُصغي لصوت جيدا للصورة الرقمية l’image radiologique numérisée"

فالطبّ الأورامي، كما يراه البروفيسور الغساصي، لم يعد يعتمد على الأدوية وحدها، بل يستنير بالصورة الشعاعية، التي تحوّلت من أداة مراقبة إلى رفيقٍ صادق يلازم الطبيب في رحلة العلاج.

إنها الصورة التي تكشف لنا في الزمن الحقيقي مدى فاعلية العلاج الموجّه أو المناعة المحفَّزة، وتساعدنا في تعديل الخطة، بل وربما إعادة رسم الأمل.

فكل صورة تُلتقط، ليست مجرد انعكاس لأشعة، بل بصيرة تقودنا نحو علاج أكثر إنصافاً... وأكثر إنسانية.