Tuesday 6 May 2025
مجتمع

من وزان.. "الطفولة الشعبية" تطلق نداء وطنيًا لبناء وعي رقمي مسؤول ومجتمع أكثر أمانًا لأطفالنا

من وزان.. "الطفولة الشعبية" تطلق نداء وطنيًا لبناء وعي رقمي مسؤول ومجتمع أكثر أمانًا لأطفالنا عبد الإله حسنين الكاتب العام لحركة الطفولة الشعبية
في أفق يتسارع فيه التحول الرقمي وتشتد فيه تحديات التربية الرقمية، عقدت حركة الطفولة الشعبية مؤتمرها الفكري الرابع أيام 3 و4 و5 ماي 2025 بمدينة وزان، تحت شعار: "التربية على تدبير المجال الرقمي والإعلامي"، حيث شكل هذا الحدث محطة تربوية وفكرية متميزة أفرزت نداءً وطنياً مفتوحًا يدعو لبناء وعي رقمي مسؤول ومواطِنة رقمية حقيقية في صفوف الأطفال والشباب.
 
المؤتمر، الذي يندرج ضمن مقتضيات القانون الأساسي للحركة، جاء تتويجًا لمسار من الندوات والأنشطة الجهوية التي عالجت إشكالات متعددة مرتبطة بتأثير المجال الرقمي على الأطفال وعلاقتهم بمحيطهم التربوي والاجتماعي. ويعد هذا المؤتمر حلقة جديدة ضمن سلسلة "حوارات الطفولة" التي انطلقت منذ سنة 1992، والتي عالجت قضايا كبرى كالتربية على الديمقراطية، مناهضة العنف، وأهمية اللعب في التنشئة.
 
ككل محطة فكرية سابقة، حرصت الحركة على الانفتاح على كفاءات أكاديمية ومؤسسات وطنية وازنة، حيث شارك في الندوة الافتتاحية للمؤتمر كل من عميد كلية علوم التربية، ومدير المعهد العالي للصحافة والإعلام، وأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، بمداخلات سلطت الضوء على التحديات التربوية والمجتمعية للفضاء الرقمي، خاصة في ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من طرف الأطفال واليافعين.
 
ولم تخلُ المحطة من إشعاع دولي، إذ شكل حضور وفد "حركة الأصدقاء الصرحاء" من فرنسا قيمة مضافة من خلال الورشات التفاعلية وتنشيط فضاء "القرية الرقمية" التي احتضنتها ساحة المدينة، في مبادرة جمعت بين الترفيه والتثقيف.
 
وفي ندوة مؤسساتية وازنة، شارك فيها ممثلون عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئاسة النيابة العامة، واستعرضت آراء ومقاربات رسمية لضمان بيئة رقمية آمنة، نُوقشت الأبعاد القانونية والتربوية لحماية الطفولة في الفضاء الرقمي، مع الإشارة إلى أهمية التشريع، والتنسيق بين المؤسسات، واليقظة المجتمعية.

في ختام المؤتمر، وجهت الحركة نداءً وطنياً صادراً من عمق مسؤوليتها التربوية والاجتماعية، دعت فيه كل المتدخلين في مجال التنشئة – من أسر، ومدرسين، ومؤسسات، ومجتمع مدني – إلى الانخراط الجماعي في مشروع بناء وعي رقمي مواطن، وذلك عبر الالتزامات التالية: بناء الوعي الرقمي المسؤول: لترسيخ ثقافة نقدية في التعامل مع الوسائط، وتعزيز المشاركة الرقمية المواطِنة: لتوظيف التكنولوجيا في قضايا الشأن العام.
امتلاك المهارات الرقمية: لحماية الذات من التلاعب والاستغلال.
تقوية دور الأسرة والمدرسة: كحصنين تربويين أوليين.
التحسيس بمخاطر الألعاب الإلكترونية: والتأثيرات السلوكية والنفسية المرتبطة بها.
مواكبة تحديات الذكاء الاصطناعي: بحماية المعطيات الشخصية وتكييف المحتوى التربوي.
دمج القيم الشعبية في التربية الذكية: عبر سرد القصص الرقمية، التوثيق، وتثمين التراث.

وترى الحركة أن النشاط الرقمي والتربوي لا يكتمل دون شقوق أساسية تجمع بين التكوين، المتعة الآمنة، الإبداع، وروح التعاون، في مقابل العزلة والتلقي السلبي الذي تفرضه بعض الوسائط الحديثة.

في خطوة هيكلية تؤسس لعمل مستدام، أعلنت حركة الطفولة الشعبية عن إنشاء "مركز الطفولة الشعبية للتربية الإعلامية والرقمية"، كمؤسسة مستقلة وغير ربحية تهدف إلى:
إنتاج دراسات علمية ومواد معرفية مفتوحة.
تنظيم مؤتمرات ودورات تكوينية.
بناء شراكات وطنية ودولية.
تأطير الأنشطة التربوية الرقمية بقيم مجتمعية وإنسانية.

ووجهت الحركة نداءً مفتوحًا إلى كل الباحثين والمربين والخبراء والمهتمين للانخراط في هذا المشروع الطموح، والمساهمة في نشر ثقافة رقمية مسؤولة بين الناشئة، بما يضمن الاستخدام الآمن، المبدع، والنافع للتكنولوجيا.

"عاشت حركة الطفولة الشعبية، حرة، مناضلة، ومبادِرة".. بهذا الشعار ختمت الحركة نداءها، مؤكدة أن حماية الطفولة الرقمية مسؤولية جماعية تتطلب يقظة مستمرة، وتعاونًا صادقًا، وإيمانًا عميقًا بأن الغد يُصنع اليوم.