الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

سعار الجزائر من دعم إسبانيا الحكم الذاتي في الصحراء..حسابات الحقل غير حسابات البيدر

سعار الجزائر من دعم إسبانيا الحكم الذاتي في الصحراء..حسابات الحقل غير حسابات البيدر الجنرال شنقريحة وعبد المجيد تبون وبيدرو سانشير
خطا النظام العسكري في الجزائر بواجهته المدنية ممثلة في الرئيس عبد المجيد تبون يوم الأربعاء 8 يونيو 2022 خطا أخرى في التصعيد اتجاه إسبانيا، طمعا في لي ذراعها وحملها على مجاراته في عدوانه على المغرب ووحدته الترابية، بإعلان رئاسة الجمهورية عن التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون الموقعة مع إسبانيا في سنة 2002، وإصدارها تعليمات للبنوك الجزائرية لوقف المعاملات المصرفية المتعلقة بالاستيراد والتصدير مع إسبانيا.
وجاء قرار النظام الجزائري بعد فشل مناوراته وضغوطه التي مارسها منذ شهر مارس 2022 على الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز لدفعها إلى التراجع عن إعلان دعمها لمبادرة الحكم الذاتي ،حلا واقعا وحيدا للتوتر المفتعل في الصحراء وتيقنه يوم 8 يونيو 2022 من أن حكومة مدريد متمسكة بموقفها، بتأكيد بيدرو سانشير في البرلمان أن "مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في أبريل 2007 "، هو القاعدة الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع". وشدد على دعم إسبانيا الجهود لتسوية النزاع الذي طال أمده/ مستشهدا بتأييد دول مبادرة الحكم الذاتي ،من بينها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وأشار إلى أهمية تطوير العلاقات مع المغرب .
وبتأكيد مدريد ثبات موقفها من الحكم الذاتي، تبددت أوهام النظام الجزائري أمس ،مسارعا إلى عقد اجتماع المجلس الأعلى للأمن وإعلان قراره التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون، مرفوقا بوقف المعاملات التجارية مع إسبانيا، علما أنه كان يمني النفس بأن ضغوطه قد تؤتي أكلها لإعادة إسبانيا إلى الوقوف في صف معاداته للمغرب ولوحدته الترابية، ومن ذلك إعلانه الإبقاء عن العلاقات الدبلوماسية مع إسبانيا في دائرة الأزمة، بعدم إعادة السفير الجزائري إلى مدريد بعدما تم استدعاؤه، في منتصف شهر مارس الماضي، عقب الإعلان عن رسالة سانشيز إلى  الملك محمد السادس ،التي أكد فيها قرار الدولة الإسبانية دعم مبادرة الحكم الذاتي ،ثم تلويح السلطات الجزائرية بعدم التعاون في الحد من الهجرة السرية للجزائر في قوارب الموت إلى السواحل الإسبانية وبتخفيض الواردات من إسبانيا وقرارها تقليص صادرات المحروقات الجزائرية إليها ومراجعة أسعار هذه المحروقات، وتوجه الرئيس تبون قبل أسابيع إلى إيطاليا وعقد اتفاقيات معها في مجال الطاقة، لتكون بديلا عن إسبانيا في توزيع الغاز الجزائري في أوروبا.
بعد إعلان الإدارة الأمريكية في دجنبر 2020 عن اعترافها بمغربية الصحراء وافتتاح دول من مختلف القارات قنصليات عامة لها في العيون والداخلة وقضاء المغرب على مخطط النظام الجزائري بإيجاد موطئ قدم للمشروع الانفصالي من معبر الكركرات وإعلان ألمانيا عن دعمها مخطط الحكم الذاتي، اتضح للنظام الجزائري انهيار أطروحة عدائه لوحدة المغرب الترابية، لكنه بدل الجنوح إلى الواقعية، قرر التمادي في سياسته المعادية للمغرب والهروب إلى الأمام، بقراره من جانب واحد في 24 غشت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، مغذيا أوهامه بإمكانية أن يقود ضدا على رغبة المجتمع الدولى ومجرى التاريخ والجغرافيا، حربه ضد المغرب وإدامة النزاع الذي افتعله قبل ر46 سنة في قضية الصحراء، وطامعا في استمرار تحالفه مع إسبانيا لتغذية التوتر المفتعل ضد المغرب في المنطقة.
لكن حسابات الحقل غير حسابات البيدر، ليجد النظام الجزائري نفسه في منتصف مارس 2022، عاريا من ورقة الدعم الإسبانية في قضية الصحراء، ويصاب بالسعار من توجه مدريد إلى الاصطفاف إلى جانب المجتمع الدولي والدول المؤثرة فيه، في تأييدها مبادرة الحكم الذاتي.
وكتبنا في موقع "أنفاس بريس" في 28 مارس 2022، أنه"لم يكن مستغربا من النظام الجزائري أن يفجر غضبه العارم في وجه إسبانيا، لإعلانها في موقف رسمي اعترافها بوجاهة ومشروعية نظام الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب في أبريل 2007 لحل النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية. لقد أدرك هذا النظام أن ساعة الحقيقة دقت وأنه يفقد، بالالتزامات الواردة في رسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى الملك محمد السادس، في 14مارس الحالي، (إذا ما تم تنفيذها)، حليفا طالما رافقه طيلة 46 سنة الماضية ،في تنفيذ المؤامرات لضرب حق المغرب في استكمال وحدته الترابية".
وبررت رئاسة الجمهورية الجزائرية في بيان لها أمس قرار النظام بالتعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا بذريعة انتهاك مدريد مسؤوليتها التاريخية في الصحراء، زاعمة أن قرارها أملاه "شروع السلطات الإسبانية في حملة لتبرير الموقف الذي تبنته بشأن الصحراء الغربية، والذي يعد انتهاكا لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية للسلطة المسؤولة عن الإقليم، والتي تقع على كاهل مملكة إسبانيا، حتى يتم إعلان إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية من قبل الأمم المتحدة".
وفي هذا الشأن جعل النظام الجزائري طيلة سنوات النزاع المفتعل من أطروحة المسؤولية التاريخية لإسبانيا ،أصلا تجاريا، لمحاولة جر الحكومات الإسبانية من اليمين واليسار، إلى التعاون معه و تبني نهجه المعادي لوحدة المغرب الترابية. وقالها وزير الخارجية الجزائري السابق صبري بوقدوم، بصريح العبارة في زيارته قبل سنة إلى مدريد للقاء نظيرته الإسبانية السابقة أرانتشا غونثاليث لايا، في حديث لصحيفة "إل باييس"، مطالبا بعدم تحمل الجزائر وحدها خدمة المشروع الانفصالي في الصحراء، بزعمه "لا يمكننا إدارة المشكلة ببساطة، أقول ذلك بطريقة دبلوماسية، الآن نحن فقط من نفعل ذلك، علينا إصلاح الأمر"، مدعيا في الحديث نفسه "تتحمل إسبانيا مسؤولية تاريخية ولا يمكنها الاختباء وراء الأمم المتحدة، هناك مسؤولية خاصة ويجب عليها أن تتدخل، أعلم أن الأمر معقد ولكن لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو لـ40 عاما أخرى". وتابع "لست مضطرا لإعطاء الدروس، لا يمكن لإسبانيا التخلص من مسؤوليتها التاريخية، علي أن أكون أكثر وضوحا بخصوص ذلك".
وسبق لحكومة سانشيز أن ردت على مزاعم النظام الجزائري وأكدت أمام البرلمان الإسباني أن "إسبانيا تعتبر نفسها في حل عن أي مسؤولية دولية فيما يتعلق بإدارة الصحراء"، علما أنها أخبرت الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة لممثلها الدائم في فبراير 1976، بإنهاء وجودها في إقليم الصحراء، مشددة على أنها "لم تعد لها أي مسؤوليات دولية فيما يتعلق بإدارة المنطقة ".
لقد كشف قرار النظام الجزائري بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا بسبب موقفها الإيجابي من مخطط الحكم الذاتي في الصحراء، مجددا للمنتظم الدولي، أن الجزائر هي الطرف الأصيل في خلق التوتر المفتعل في قضية الصحراء ولا يمكنها التنصل من مسؤوليتها في الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع المغرب، لإيجاد الحل الواقعي والجاد المتمثل في الحكم الذاتي، طبقا لمبنى ومعنى القرار الأخير لمجلس الأمن 2602، عوض مواصلة السير في طرق الوهم، الذي يصطدم اليوم وغدا بأن المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها.