الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

يوسف لهلالي: مغربية الصحراء.. ما هي دلالات تعيين "كاترين كولونا" وزيرة للخارجية الفرنسية؟

يوسف لهلالي: مغربية الصحراء.. ما هي دلالات تعيين "كاترين كولونا" وزيرة للخارجية الفرنسية؟ وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة كاترين كولونا ويوسف لهلالي
تم تعيين كاترين كولونا وزيرة للخارجية لفرنسا، مما يجعلها ثاني امرأة تتولى هذا المنصب المرموق بفرنسا. في الحكومة التي ترأسها إليزابيت بورن، ووحول دلالات تعيين هذه المرأة في هذا المنصب الأساسي في الحكومة، فهي تجربتها الطويلة في مجال الديبلوماسية وعملها الى جانب الرئيس الراحل جاك شيراك كناطقة باسم الحكومة، كما تحملت منصب وزير الشؤون الاوربية في حكومة دومنيك دوفيلبان، بالإضافة الى تدبيرها لملف البريكسيت كسفيرة لفرنسا في لندن، وكان عليها تدبير ملف الصيد المعقد بين البلدين، مع حكومة بريطانية لم تكن تلتزم بسهولة بالتعهدات التي تتوصل اليها مع فرنسا وبلدان الاتحاد الاوربي.
ويريد الرئيس إيمانويل ماكرون من خلال هذا التعيين الجديد ولهذه المرأة ذات التجربة الكبيرة، إعطاء دفعة جديدة لديبلوماسية الفرنسية، وذلك في أجواء خاصة تعرفها المنطقة، الحرب الروسية على أوكرانيا التي وصلت الى ثلاثة اشهر تقريبا. كما يأتي هذا التعيين في ظل تهديد موظفو الخارجية بفرنسا بالدخول في اضراب جراء الإصلاح الذي سيمس قطاعهم وإطار الديبلوماسية. وتعيين سيدة تنتمي الى هذا القطاع هو إشارة إيجابية من قصر الاليزيه الى مكونات هذا القطاع.
ويأتي هذا التغيير في الخارجية أيضا مع اقتراب نهاية الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي الذي بدأت وحدته تتصدع، مع اخفاقه حتى الآن في اعتماد حزمة عقوبات سادسة على روسيا. وكذلك في ظل اخفاق كل محاولات الحوار مع موسكو.
لكن الملفات المعقدة امام كاترين كولونا هي متعددة، منها القطيعة مع دولة مالي، والازمة في العلاقة مع بلدان المغرب الكبير، خاصة البرود الغير المعتاد بين الرباط وباريس. وبفضل تجربتها الطويلة وعلاقاتها، فهذه الوزيرة مؤهلة لإعادة الحرارة للعلاقة بين العاصمتين.
من المؤكد، ان الملفات الاوربية ستفرض نفسها ابتداء من هذا الأسبوع، خاصة تدبير الازمة مع موسكو وتداعياتها على اوروبا، لهذا ستزور الوزيرة برلين هذا الأسبوع، وسيكون امام رئيسة الديبلوماسية الفرنسية ونظيرتها الألمانية أنالينا بيربوك، التي اتصلت بها هاتفيا بعد تعيينها، وقت قصير من اجل اعداد القمة الاوربية المقبلة يومي 30و31 يونيو، والتي ستكون الحرب الروسية أحد اهم محاورها، خاصة الحفاظ على الوحدة الاوربية، في ظل بروز الخلفات حول سياسة العقوبات وأثرها على الاقتصاد الأوربي نفسه. وتباين الموقف بين فرنسا وألمانيا من جهة وبلدان اوروبا الشرقية من جهة أخرى مدعومين من واشنطن.
في خضم النزاع بين موسكو وكييف، تعهدت كولونا أن تتحرك بفاعلية في الملف، فيما عمل الرئيس إيمانويل ماكرون على إبقاء قناة دبلوماسية مفتوحة مع الكرملين. من اجل الحد من التصعيد في هذه الحرب التي لا أحد يعرف في أي وقت سوف تتوقف.
وتعتبر وزيرة الخارجية الجديدة كاترين كولونا سفيرة مخضرمة ومتحدثة سابقة باسم الحكومة في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك ووزيرة سابقة للشؤون الأوروبية في حكومة دومنيك دوفيلبان.
كما عملت سفيرة لفرنسا في لندن ابان توتر في العلاقات الثنائية، بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحقوق الصيد والهجرة التي كانت من الملفات المعقدة والعسيرة بين الطرفين. وفي خطوة غير معتادة، استدعتها الحكومة البريطانية في أكتوبر 2021 خلال تنازع باريس ولندن حول حقوق الصيد في بحر المانش.
وتخلف كاترين كولونا جان إيف لودريان الذي تولى الوزارة منذ عام 2017 وكان يعد أحد أعمدة حكومة ايمانويل ماكرون وكان من بين الوزراء الأكثر تجربة رغم عدم انتمائه لسلك الديبلوماسي.
وعلاوة على الملف الأوكراني، تعد مالي قضية ملتهبة أخرى. وقد قطعت البلاد التي شهدت انقلابين في غشت 2020 ومايو 2021 العلاقات تدريجيا مع فرنسا ودول أوروبية أخرى حاضرة عسكريا على أراضيها، فيما تقاربت مع روسيا عبر استعانتها بعناصر من مجموعة مرتزقة فاغنر المثيرة للجدل.
هذا بالإضافة الى العلاقات المعقدة مع بلدان المغرب العربي، وإذا كانت الازمة مع الجزائر تعتبر ظاهرة عادية بل مستمرة في العلاقات بين العاصمتين، مند استقلال هذه المستعمرة، فان المفاجأة، كانت هي التوتر الديبلوماسي الصامت مع الرباط، التي لها علاقة خاصة مع باريس، وجاءت قضية التأشيرات التي استعملت في الحملة الانتخابية من طرف اليمين المتطرف وحكومة ماكرون لتتزيد من التوتر بين الجانبين. بالإضافة الى طلب المغرب من شريكته فرنسا الى تجديد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي الى اعتراف واضح بمغربية الصحراء على غرار موقف حليفة أخرى وهي واشنطن، التي اعترفت بمغربية الصحراء مند سنتين تقريبا. وهو موقف يمكن يدفع باقي بلدان الاتحاد الأوربي الى الاعتراف بشكل واضح بمغربية الصحراء.
وسيكون أمام كاترين كولونا ورش إعادة الدفء الى العلاقة بين باريس والرباط، من خلال الاعتماد على تجربتها وشبكة علاقتها مع الرباط، وكذلك من خلال الدفع بتجديد موقف باريس من القضايا الكبرى التي تشغل المغرب وهي وحدته الترابية ومواجهة الحركات الانفصالية التي تغدي الإرهاب بمنطقة المغرب الكبير وكذلك منطقة الساحل. وكذلك من خلال احياء شبكات التواصل الكلاسيكية بين باريس والرابط والتي تراجعت مند وصول الفريق الجديد لإيمانويل ماكرون الى قصر الاليزيه.
لكن هذه التطورات سوف تنتظر شهرا آخر، من المؤكد نهاية الانتخابات التشريعية التي سوف يسعى فيها الرئيس الى الحفاظ على أغلبية برلمانية في الانتخابات التشريعية الشهر المقبل، وفي ظل أجواء التوتر التي تعرفها المنطقة.