الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

أحزاب فيدرالية اليسار تقرر الإندماج وهذا هو التاريخ المحدد

أحزاب فيدرالية اليسار تقرر الإندماج وهذا هو التاريخ المحدد صورة جماعية للهيئة التنفيذية لأحزاب فيدرالية اليسار ببوزنيقة
قرر اجتماع الهيئة التقريرية لفيدرالية اليسار، الذي انتهت أشغاله زوال الأحد 8 ماي 2022، عقد المؤتمر الاندماجي بين مكونات الفيدرالية نهاية السنة الجارية. وكشف عضو بالهيئة التقريرية حضر الاجتماع أن المجتمعين حددوا أيام  16 و17 و18 دجنبر 2022، لعقد المؤتمر الذي ستندمج فيه المكونات الثلاثة للفيدرالية، وهي: حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي، ومكون اليسار الوحدوي.
اجتماع الهيئة التقريرية للفيدرالية( الذي احتضنه مركب بوزنيقة)، ترأسه عبد السلام العزيز، الأمين العام للمؤتمر الوطني الاتحادي، وعلي بوطوالة، الكاتب الوطني لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ومحمد الساسي، المنسق الوطني لليسار الوحدوي.
وقدم عبد السلام العزيز، منسق الفيدرالية، باسم الهيئة التنفيذية، تقريرا عاما غطى عمل وأنشطة الفيدرالية منذ آخر اجتماع للهيئة التقريرية.
"
أنفاس بريس"، تنشر نص كلمة الهيأة التقريرية التي قدمت في الاجتماع:
 
الأخوات و الإخوة، الرفيقات و الرفاق أعضاء الهيئة التقريرية

أحييكم تحية نضالية صادقة و أشكركم على حضوركم لهذا الاجتماع للهيئة التقريرية بعد حوالي سنة و نصف عن آخر اجتماع لها. تأخر يعود إلى أسباب موضوعية و أخرى ذاتية مرتبطة بما حصل داخل الفيدرالية خلال الفترة الماضية و التي تتبعتم أدق تفاصيلها.

نعقد اجتماع اليوم بعد كل المخاضات التي عاشتها الفيدرالية وفي سياق مركب ومعقد على كل المستويات وأبرز سماته:

على المستوى الدولي، بلغت حدة الصراع بين القوى الكبرى ذروتها و أصبحت مظاهرها أكثر بروزا، فالعالم يعيش لحظات حاسمة في مسار عودة التعددية القطبية و وضوح التقاطبات بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وروسيا و حلافائها من جهة أخرى. فالحرب التي تخوضها اليوم روسيا ضد الغرب على الأراضي الأوكرانية هي تجسيد لحدة الصراع بين قطبين بمرجعية مختلفة و بقيم أيضا مختلفة.

 إنها لحظة فاصلة في عالم كشفت الجائحة عن اختلالاته العميقة و فضحت توحش الرأسمالية والاختيارات النيوليبرالية، المشيئة والمستلبة للإنسان، والمحولة لكل شيء إلى بضاعة خاضعة لمنطق السوق وقوانينه، و أكدت أيضا أن الرأسمالية قادرة على تحويل كل الظروف والوضعيات، بما فيها المآسي الإنسانية، إلى فرص للربح وتكديس الثروة. و يبدو من خلال بعض المؤشرات أن الأزمة مازالت ممتدة، و ستكون أكثر وطأة على الشعوب المستضعفة بحكم التخلف التاريخي الذي تعيشه نتيجة الاستعمار وبحكم الطبيعة الاستبدادية والتبعية لأنظمتها السياسية.

على المستوى الإقليمي، لعل أبرز ما يمكن الحديث عنه هو استمرار هجوم الكيان الصهيوني المجرم على الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني في ظل موجة التطبيع و صمت و تواطئ المنتظم الدولي الذي أظهر بوضوح من خلال مواقفه حول الحرب الروسية الأوكرانية، سيادة منطق ازدواجية المعايير و الكيل بمكيالين كما عبرنا عن ذلك في البيان الأخير للهيئة التنفيذية.

و إذ نجدد التعبير عن دعمنا و مساندتنا للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقه في بناء دولته المستقلة و عاصمتها القدس، فإننا نؤكد على ضرورة الاستمرار في استحضار القضية الفلسطينية في برامجنا النضالية و جعلها موضوع ندوات و لقاءات تواصلية مع المواطنات و المواطنين لمواجهة التطبيع بكل أشكاله و ترسيخها كقضية وطنية في فكر و وجدان الأجيال الجديدة، و كذلك تجسيد موقفنا من خلال المشاركة في كل المبادرات النضالية المساندة لكفاح الشعب الفلسطيني و الرافضة للتطبيع. يجب أن نخوض معركة مواجهة تحويل التطبيع الرسمي إلى تطبيع مجتمعي.

على المستوى الوطني لا بد أن نستحضر قضية وحدتنا الترابية التي تعرف تطورات مهمة، كان آخرها الموقف الإسباني الذي يعد تحولا مهما في دعم الطرح المغربي بمنح الحكم الذاتي للصحراء المغربية في إطار السيادة الوطنية، لكنه، و كما عبرنا عن ذلك في بيان الهيئة التنفيذية، يقتضي كذلك أن تلعب إسبانيا دورها كاملا في دعم الموقف المغربي بحكم مسؤولياتها التاريخية و دعم مقترح الحكم الذاتي حتى يصبح قرارا أمميا. و بالنسبة في فيدرالية اليسار فإن موقفنا الثابت و المبدئي يعتبر الوحدة الترابية لبلادنا من صميم مهامنا التاريخية، و أننا على قناعة راسخة بضرورة الربط الجدلي بين تحرير الأرض وتحرر  الإنسان ، فالكفاح الوطني من اجل التحرر والوحدة ، ظل مرتبطا عضويا بالكفاح من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية و بناء المغرب القوي القادر على مواجهة تحديات العصر بما يحصن الوحدة الوطنية في أبعادها الإنسانية و الترابية و الحضارية.

أخواتي إخواني، رفيقاتي رفاقي

 تعيش بلادنا على إيقاع استمرار مظاهر الأزمة، على كافة المستويات، و التي لا تعود أسبابها فقط إلى استمرار تداعيات الجائحة و المستجدات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، بل هي في العمق نتاج أزمة مركبة تعود لأسباب  بنيوية على المستوى السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي. لقد أكدت انتخابات 8 شتنبر 2022 على أن جوهر النظام السياسي لم يتغير، و أن التعديلات الشكلية التي تمت تحت ضغط ما سمي بالربيع العربي و حراك 20 فبراير، لم تشكل إرادة حقيقة للتغيير. فقد شهدت الانتخابات التشريعية و الجماعية و الجهوية و المهنية الأخيرة، كل أشكال الفساد و الإفساد و حجما غير مسبوق من استعمال المال و شراء الذمم. و هو ما أفرز أغلبية فاقدة لأي امتداد مجتمعي و بدون أي تصور استراتيجي لتدبير الشأن العام، و عاجزة عن تقديم أجوبة عن انتظارات المواطنات و المواطنين، بل تكتفي فقط بتشخيص الوضع دون ابتكار حلول للتخفيف من حدة ضغط الأزمة على الفئات التي تعاني اجتماعيا. و هو ما ظهر جليا من خلال التصريح الحكومي و مشروع قانون المالية، حيث شكلا امتدادا لنفس الاختيارات التي سادت خلال المراحل السابقة، و بدا جليا أن النموذج الجديد ما هو إلى تعميق لهذه الاختيارات بخلفية نيوليبرالية، رغم الشعارات التي حملها التصريح الحكومي دون ان تنعكس على مستوى الإجراءات و البرامج. اليوم نعيش كل مظاهر الأزمة الاجتماعية الخانقة نتيجة ارتفاع الأسعار بشكل مهول لكافة المواد الأساسية و المحروقات و هو ما أضر بشكل كبير بالقدرة الشرائية لشرائح واسعة من المغاربة. صحيح أن أزمة الغلاء تجتاح العالم، لكن في بلادنا اتخذت حجما أكبر نتيجة طبيعة نسيجنا الاقتصادي الذي يسوده الريع و الاحتكارات و التفاهمات بين الفاعلين، في ظل ضعف و محدودية آليات المراقبة. إن أعطاب و اختلالات نظامنا الاقتصادي، تعود في جزء كبيرا منها إلى إشكالية إرتباط سلطة المال بالسياسة و انتشار الفساد و تغوله. وهو ما أفرز وضعا اجتماعيا  صعبا سمته الرئيسية الفوارق الاجتماعية و المجالية و تمركز الثروة. فالسياسات العمومية و الاختيارات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة، أدت إلى المزيد من تفقير شرائح واسعة من المغاربة و ضرب الطبقة المتوسطة و إنهاكها من خلال الضرائب من جهة وضعف جودة الخدمات العمومية، بالإضافة إلى العجز عن إبداع أي تصور لمواجهة الغلاء و تدهور القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المغاربة.

إن بلادنا اليوم تعيش أزمة حقيقية مرتبطة بالعجز عن ضمان الأمن الغدائي والأمن الطاقي، مما يشكل تهديدا حقيقيا في المستقبل خاصة في ظل توالي الأزمات على الصعيد الدولي. و التي من المؤكد أن حدتها ستزداد خاصة في ظل إشكالية احتمال تصاعد الخصاص في المواد الغذائية و ارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق و ارتفاع معدلات الفائدة من طرف البنوك المركزية مما سيؤثر على مديونية الدول الفقيرة و على أوضاعها الاقتصادية بشكل عام.

رفيقاتي، رفاقي

إن القراءة التحليلية و التشخيص الموضوعي للوضع الوطني بكل مستوياته وشروطه المتغيرة بشكل مستمر، و في كل تقاطعاته الدولية و الإقليمية، يطرح علينا سؤال المهام و المسؤوليات، على المستوى السياسي و الاجتماعي والثقافي، و سؤال بناء الأداة التنظيمية القوية و الممتدة مجتمعيا القادرة على تعديل ميزان القوى لصالح التغيير الديمقراطي و بناء الدولة الوطنية الديمقراطية.

لقد عملنا منذ حولي خمسة عشر سنة، بشكل جماعي على تجسيد حلم إعادة بناء اليسار، و حصلت القناعة لدى الأغلبية الواسعة بالضرورة الموضوعية والتاريخية لوحدة اليسار، بعد نقاش عبر مراحل متعددة حول أسس إعادة البناء، الفكرية و السياسية و التنظيمية، و استطعنا تحقيق تراكم نوعي على مستوى تقريب وجهات النظر و التدقيق في كل القضايا التي اعتبرت خلافية، دون أن ندعي أننا حققنا التماهي في أفكار و تقديرات الأفراد حول مجموع القضايا، لأن الأمر لم يكن مطلوبا أو ضروريا، فكل التنظيمات الحية تستمد قوتها من النقاش و الاختلاف حول التقديرات، لكننا استطعنا خلال هذا المسار من التفاعل و التداول حول كل القضايا أن نحقق تعبئة واسعة حول المشروع، مشروع بناء الحزب الاشتراكي الكبير بأفق استراتيجي للتغيير الديمقراطي الشامل. و رغم التعثرات و بروز النزعات الذاتية التي حاولت في لحظة من اللحظات إجهاض الفكرة، إلا أن إصرار الرفيقات و الرفاق و قوة إرادتهم للتوجه نحو الوحدة كانت أكبر من كل العقبات. و ها نحن اليوم على بعد خطوة واحدة من تحقيق هدف إعادة تجميع جزء مهم من قوى و فعاليات اليسار للحفاظ على الأمل و تعبئة الفئات ذات المصلحة في التغيير و جعل اليسار فاعلا و مؤثرا في ميزان القوى، ممتدا في المجتمع بفكره و ممارسته و قادرا على خوض الصراع بكل مستوياته من أجل الديمقراطية و الحرية و الكرامة و بناء دولة المواطنة الحقة. 

رفيقاتي رفاقي

لقد كانت مخرجات اجتماع الهيئة التقريرية الأخير المنعقد بتاريخ 27/12/2020 واضحة، و تمثلت أساسا في الالتزام بعدم عقد المؤتمرات الوطنية للأحزاب و الشروع في التحضير للمؤتمر الاندماجي بعد الانتخابات مباشرة على أن ينعقد في غضون ستة أشهر إلى سنة على أبعد تقدير بعدها.

و مباشرة بعد ذلك تكثفت اجتماعات الهيئة التنفيذية للإعداد للانتخابات، و بعد الاتفاق على كل تفاصيل مذكرة إعداد اللوائح و مسطرة اختيار الوكلاء على المستوى المحلي و الجهوي في الانتخابات البرلمانية و الانتخابات الجماعية، و بعد تشكيل اللجان الوظيفية للتحضير لهذه المعركة و غيرها من الخطوات المشتركة التي تقررت بإجماع أعضاء الهيئة التنفيذية. فوجئنا جميعا بمحاولة الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بسحب التوقيع من التصريح المشترك المودع لدى وزارة الداخلية بشكل سري. و ما تلاه من نقاش و تجاوز كل حدود الاختلاف الرفاقي و حضرت خلاله الأنا المتضخمة و محاولة الهيمنة و تجاوز كل الأعراف و توزيع الاتهامات و الاستمرار في عرقلة كل المبادرات التي تتجه نحو الاندماج. ثم تلاه قرار الانسحاب من التحالف في آخر لحظة، مما خلق لدينا ارتباكا نسبيا في تدبير عملية التحضير الأدبي و اللوجيستيكي للحملة الانتخابات. لكن إرادة المناضلات و المناضلين و إصرارهم جعلنا نتغلب على كل الإكراهات و ندخل المعركة الانتخابية بنسبة تغطية محترمة و خضنا حملة مشرفة بإمكانيات محدودة جدا. وجب أن نحيي كافة الرفيقات و الرفاق على المجهودات التي بذلوها بروح نضالية عالية، رغم التأخر الذي حصل في توفير المطبوعات نتيجة تأخر حسم اللوائح و إرسال صور المرشحين و قلة الموارد البشرية و ضعف الإمكانيات المادية. لكن رغم ذلك فالنتائج كانت لابأس بها بالنظر للسياق الذي جرت فيه الانتخابات و بالنظر كذلك لما عاشته الفيدرالية قبلها. فقد حصلنا على 262 مقعدا في الانتخابات الجماعية بالإضافة إلى مقعد برلماني وحيد. و عملت بعدها الهيئة التنفيذية على تأطير عملية التحالفات لتشكيل مكاتب مجالس الجماعات و أصدرت في هذا الإطار تعميما لكافة الهيئات المحلية، و الذي لم يتم احترام مضامينه من طرف بعض مستشارينا الجماعيين، و هو ما جعل الهيئة التنفيذية تشكل لجنة للتدقيق في كل التحالفات ننتظر أن تقدم تقريرا في الموضوع لاتخاذ ما يناسب من إجراءات.

رفيقاتي رفاقي

نجتمع اليوم و في جدول أعمالنا نقطة أساسية و مهمة تعتبر تنفيذا لمخرجات الاجتماع الأخير للهيئة التقريرية. حيث سيكون مطلوبا منا في هذا الاجتماع تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الاندماجي، و نقترح عليكم أن تتكون هذه اللجنة التحضيرية من أعضاء الهيئة التقريرية الذين سيعبرون عن الرغبة في ذلك لنضمن الإلتزام بالمساهمة الفعلية و الفعالة في أشغال التحضير الأدبي، بالإضافة إلى لائحة من المناضلين المنتمين للمكونات الثلاث من خارج الهيئة التقريرية نرى أن مساهمتهم ستكون إيجابية، و بالإضافة كذلك للائحة من الفعاليات اليسارية من خارج الفيدرالية.

رفيقاتي رفاقي

نتمنى صادقين أن نتجه جميعا، بروح من المسؤولية و الوعي بدقة المرحلة التاريخية و بالضرورة و الحاجة الموضوعية إلى بناء حزب يساري معبر بقوة عن إرادة التغيير الديمقراطي في بلادنا، في افق بناء المجتمع الاشتراكي....حزب يساري يعيد الأمل و الثقة للمغاربة في السياسة و العمل السياسي كفعل نبيل، من أجل بناء مغرب لكل المغاربة، مغرب آخر  ممكن."