الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

محمد البزاز: دعم إسبانيا للشرعية الدولية في قضية الصحراء سيؤدي إلى إقبار الأطروحة الانفصالية

محمد البزاز: دعم إسبانيا للشرعية الدولية في قضية الصحراء سيؤدي إلى إقبار الأطروحة الانفصالية محمد البزاز، أستاذ القانون الدولي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
يرى محمد البزاز، أستاذ القانون الدولي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس أن الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية، يعد تحولا كبيرا في موقف هذه الدولة الأوربية، بدعمها الرسمي والصريح لمبادرة الحكم الذاتي ووصفه بكونه الحل السياسي الأكثر جدية وواقعية ومصداقية، كما يشكل إنجازا تاريخيا للدبلوماسية المغربية التي اتسمت بالحزم والندية منذ اندلاع الأزمة الحادة بين البلدين الجارين منذ ما يقرب من سنة، مؤكدا بأن دعم اسبانيا للشرعية الدولية القائمة على مبدأ احترام الوحدة الترابية للدول، سيؤدي في نهاية المطاف إلى إقبار الأطروحة الانفصالية والانهيار التام للبوليساريو، كما سيزيد في العزلة الدولية للجزائر.
 
 
ما هي قراءتكم للموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية؟
في اعتقادي، يشكل الموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء المغربية، تحولا كبيرا في موقف هذه الدولة الأوربية، بدعمها الرسمي والصريح لمبادرة الحكم الذاتي ووصفه بكونه الحل السياسي الأكثر جدية وواقعية ومصداقية، وفي ذات الوقت يشكل هذا الموقف الإسباني الجديد إنجازا تاريخيا للدبلوماسية المغربية التي اتسمت بالحزم والندية منذ اندلاع الأزمة الحادة بين البلدين الجارين منذ ما يقرب من سنة.

ودعني هنا بعجالة أن أبرز الأهمية التاريخية لهذا الموقف الإسباني الجديد، ذلك أن مساندة إسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي يعتبر في نظري من الناحية القانونية اعترافا بالسيادة المغربية التامة على أقاليمه الجنوبية، ومن الناحية السياسية هو اعتراف من جانب إسبانيا التي لها دور جلي في افتعال هذا النزاع الإقليمي منذ توقيع اتفاقية مدريد وانسحابها النهائي من الصحراء، بل كان لها تأثير كبير في استمرار هذا النزاع من خلال دعمها العلني والخفي لانفصاليي البوليساريو، تحت مسميات مختلفة وادعاءات مغرضة.
 
ما مدى تأثير هذا الموقف الإسباني الجديد على إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء المغربية؟
بالفعل لهذا الموقف الإسباني الجديد تأثير أكيد على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، إن اقتناع الطبقة السياسية الفاعلة في إسبانيا بحاجتها للوقوف إلى جانب المشروعية التاريخية لحقوق المغرب الثابتة على أقاليمه الجنوبية، ودعمها للشرعية الدولية القائمة على مبدأ احترام الوحدة الترابية للدول، يؤدي في نهاية المطاف إلى إقبار الأطروحة الانفصالية والانهيار التام للبوليساريو ويزيد في العزلة الدولية للجزائر. وفي نظري حان الوقت للضغط لتفكيك ميليشيا البوليساريو ورفع الحصار على الصحراويين المغاربة المحتجزين في تندوف، وعودتهم إلى حضن الوطن وإنهاء هذه المأساة الإنسانية التي عمرت طويلا.

ومن جهة أخرى فإن هذا الموقف الإسباني الجديد سيجعل الانفصاليين يفقدون الأرضية الخلفية التي كانوا ينطلقون منها للتحرك في اتجاه بعض الجمعيات المشبوهة والأحزاب اليسارية الصغيرة في الدول الأوربية للترويج لأطروحتهم الانفصالية، ولا سيما داخل البرلمان الأوربي، كما أنه يشكل بداية اتجاه باقي دول أوربا الغربية التخلي عن سياسية اللعب على الحبلين والتصريح بالمساندة الواضحة للمواقف المشروعة للمغرب.

كما أرى أن هذا الموقف الإسباني الجديد سيساهم بشكل كبير في التوصل القريب إلى تسوية نهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل على صعيد منظمة الأمم المتحدة، ذلك أن إسبانيا لأسباب تاريخية تعتبر عضوا ضمن مجموعة "أصدقاء الصحراء"، والتي تشارك في مناقشة مسودة قرار مجلس الأمن حول الصحراء الذي تصيغه الولايات المتحدة الأمريكية قبل عرضه للتصويت النهائي عليه. وبعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يشكل الاعتراف الإسباني لبنة إضافية لتقوية الموقف التفاوضي للمغرب في إطار منظمة الأمم المتحدة، وتكريس الرؤيا المغربية السديدة للحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
 
ما هي آفاق هذا الموقف الإسباني الجديد فيما يخص تطوير العلاقات المغربية الإسبانية؟
أكيد أن هذا الموقف الإسباني الجديد ستكون له آثار إيجابية ومباشرة على تمتين العلاقات المغربية الإسبانية وتطويرها في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية. فالعلاقات بين البلدين تحكمها حتميات الجغرافيا والتاريخ وتؤطرها اتفاقية حسن الجوار الموقعة بين البلدين منذ سنة 1991. فالعلاقات المغربية الإسبانية يحكمها الموقع الجيو سياسي للبلدين، وهذا الموقع له بعد استراتيجي لارتباطه بمصالح القوى العظمى، لاسيما في ظل الظرفية الحالية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يشهد العالم استقطابا حادا لتغيير موازين القوى، وكل الأطراف تحاول الحفاظ على مكتسباتها والبحث عن تعزيز مكانتها الدولية لترسيخ أقدامها في ظل هذه التغيرات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي. لهذا الاعتبار وغيره من الاعتبارات المغرب بلد مهم جدا لإسبانيا ومهم جدا بالنسبة إلى أوربا، بسبب التأثير والأدوار التي يلعبها المغرب إقليميا وحتى دوليا، باعتماده سياسة خارجية تقوم على اعتماد النهج السلمي لحل الخلافات بين الدول والتمسك بالمرجعيات الدولية وفي مقدمتها احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.

إن تجاوب الحكومة الإسبانية مع المطالب المغربية من شأن فتح الأبواب أمام حزمة جديدة من المبادرات لإقامة تعاون ثنائي بناء، يقوم على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات لحل بعض المشاكل المتعلقة بملفات الهجرة ومكافحة الإرهاب وعودة الثغور المغربية المحتلة..وفي ذات الوقت تقوية الشراكة الاقتصادية بين البلدين بما يخدم مصالحهما العليا، فإسبانيا هي البوابة الرئيسية للمغرب نحو الأسواق الأوربية، كما أن المغرب هو البوابة الرئيسية لإسبانيا نحو الأسواق الإفريقية الواعدة.