الخميس 28 مارس 2024
سياسة

باحثة تثير الانتباه لدور البرلمان والحكومة في الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية

باحثة تثير الانتباه لدور البرلمان والحكومة في الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الباحثة سكينة سربوت
أثارت الباحثة سكينة سربوت، الانتباه الى الأدوار الجديدة كل من البرلمان والحكومة في الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، متساءلة عن مدى تمكن كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية، من ترجمة الصلاحيات والاختصاصات الجديدة المهمة التي أناطها بهما دستور 2011 في هذا المجال.
أوضحت سكينة سربوت في كتاب بعنوان " إقرار المعاهدات بالمغرب – دراسة مقارنة"، أن استقراء دور باقي السلط في هذا المجال، " يترك الانطباع بأن هناك رؤية جديدة، تقوم على إشراك مختلف السلطات في مسطرة إقرار المعاهدات الدولية"، تفعيلا لمقتضيات دستور 2011 الذي ارتقى بصلاحيات البرلمان والحكومة في مجال إقرار المعاهدات الدولية، وذلك بالمقارنة مع الدساتير السابقة.
وفي هذا الصدد، أكدت الباحثة أن الدستور ساهم بشكل كبير في توسيع دور المؤسسة التشريعية في مجال الموافقة على المعاهدات الدولية لتشمل أنواع أخرى من الاتفاقيات والمعاهدات تطبيقا لمقتضيات الفصل 55 من القانون الأسمى للأمة، وذلك على خلاف الفصل 31 من الدساتير السابقة الذي كان يقتصر فقط على تخويل البرلمان اختصاص الموافقة على المعاهدات الدولية التي تتطلب تكاليف تلزم مالية الدولة.
غير أن توسيع هذا المجال لا يرقى الى تخويل المؤسسة التشريعية سلطة حقيقية، فيما يتعلق بالموافقة على المعاهدات الدولية حيث أنه لا يحق لهذه الاخيرة تعديل الاتفاقية الدولية المعروضة عليها ولا يحق لها التصويت عليها مادة مادة كما هو الشأن بالنسبة للقوانين العادية، حسب ما جاء في هذا الكتاب، ويعالج المقتضيات الدستورية الوطنية والقانونية المتعلقة بإقرار المعاهدات منذ أول دستور 1962 الى غاية دستور 2011، باستحضار تجارب مقارنة، حسب نوعية النظام (رئاسي ، شبه الرئاسي، برلماني) مع إبراز الصلاحيات التشريعية والتنفيذية لكل نظام في هذا المجال.
وأبرزت أنه إذا كانت الاتفاقيات الدولية التي يصادق عليها الملك دون تدخل السلطة التشريعية لا تعرف إشكالا من حيث إقرارها، فإن المعاهدات التي يختص بها البرلمان تعرف مسطرة خاصة في الموافقة عليها مؤكدة أن إبرام المعاهدات الدولية يعتبر عمل قانوني يقتضي اتمام اجراءات متعددة الجوانب، منها الشكلية والموضوعية، فقد كان من الضروري الرجوع إلى اتفاقيتي فيينا لقانون المعاهدات (1986-1969) والمواثيق الإقليمية أيضا في هذا الشأن.
كما أشارت سربوت الباحثة في سلك الدكتوراه في العلاقات الدولية إلى أن للمؤسسات التشريعية دور كبير في مجال إقرار المعاهدات الدولية بالنظام الرئاسي، ففي الولايات المتحدة يمنح الدستور الأمريكي للسلطة التشريعية حق الموافقة على جميع المعاهدات الدولية في الوقت الذي تنص المادة الثانية من القسم الثاني من الدستور على منح رئيس الجمهورية إبرام المعاهدات الدولية شريطة موافقة ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين. أما الدول ذات النظام شبه الرئاسي كفرنسا التي ينص دستورها على أنه لا يمكن التصديق على معاهدات السلم والمعاهدات التجارية والمعاهدات أو الاتفاقات المتعلقة بالتنظيم الدولي، وتلك التي تقتضي توظيف أموال الدولة وتلك التي تتطلب التنازل على إقليم أو مبادلته أو ضمه بموجب قانون.
وفي معرضها مقارنتها، بين مضمون الفصل 55 من دستور 2011 والمادة الثانية من القسم الثاني من الدستور الامريكي والمادة 35 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 والمادة 94 من الدستور الإسباني لعام 1974 اعتبرت الباحثة، أن التجربة المغربية تميل أكثر إلى التجربة الفرنسية والإسبانية اللتين عملتا هي الأخرى على تحديد المعاهدات والاتفاقيات التي تتطلب الموافقة البرلمانية، مع العلم أن توجهات الدول المختلفة ازاء مسألة اقرار المعاهدات الدولية، ويكتفي بعضها بصدور قرار برلماني بالموافقة على المعاهدة، تشترط دول اخرى مصادقة البرلمان، بينما تحصر بعض الدول مصادقة البرلمان على بعض المعاهدات دون غيرها.
وبعدما ذكرت بأن الدستور عمل على الارتقاء بدور رئيس الحكومة فيما يخص مسطرة اقرار المعاهدات الدولية، حيث أصبح يتداول بشأن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تطبيقا للفصل 92 من الدستور، أعربت الباحثة عن اعتقادها بأن الارتقاء بدور رئيس الحكومة في هندسة دستور 2011 إلى هذا المستوى من شأنه أن يوسع مجال تدخله ومشاركته في مسطرة اقرار المعاهدات الدولية.
وأوضحت أن توزيع الاختصاصات بين الأجهزة الحكومية - فيما يتعلق بمجال المعاهدات الدولية- يهدف الى الارتقاء بدور هذه الوزارات، بتدبير المجال الذي تشرف على تسييره خاصة وأن الممارسة الاتفاقية لم تعد تشمل الشق السياسي فقط؛ بل أصبحت تشمل مجالات أخرى للتعاون سواء في المجال الاقتصادي، أو التجاري، أو الحقوقي، أو الامني، أو غيرها من المجالات التي تدخل في نطاق اختصاصات وزارات تقنية غير وزارة الخارجية.
وبخصوص بعض النظم التي تعتد بإسناد هذا الاختصاص للسلطة التنفيذية، أشارت الباحثة إلى وجود اختلاف في الاجراءات المقررة في الدساتير الدولية للجهات المختصة بعملية المصادقة باختلاف النظم السياسية، وتتميز باحتكار هذه السلطة لعملية المصادقة دون الرجوع الى أي جهة أخرى، في حين هناك بعض النظم التي تتبنى عملية المصادقة للسلطة التشريعية، فيما هناك بعض الدول التي تعتمد على ثنائية السلطة التنفيذية والتشريعية في مجال إقرار المعاهدات الدولية.