السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

شعيب حليفي: وصلنا إلى الوضعية الأسوأ منذ 2011 إلى الآن بعد انسداد كل الطرق أمام المثقف

شعيب حليفي: وصلنا إلى الوضعية الأسوأ منذ 2011 إلى الآن  بعد انسداد كل الطرق أمام المثقف شعيب حليفي
على خلفية الوقفة الاحتجاجية المنتظرة يوم 26 مارس 2022، ليسمع المثقف كلمته ويكسر قوقعة الصمت التي تعمدت جهات أن تخندق فيها حملة القلم، حاورت "أنفاس بريس" الكاتب شعيب حليفي، أحد المهندسين إلى هذه الوقفة دفاعا عن "تامغربيت" وإسماع صوت النخبة المثقفة واحتجاجا على حشرها في الزاوية.
  
لقد عمت الميوعة جميع الفضاءات العمومية، بما فيها الشارع العام. ما هي الأسباب الحقيقية التي ساهمت في الانتكاسة الثقافية التي تعيشها الساحة الفنية والمشهد الثقافي والفكري بالمغرب بصفة عامة؟
الثقافي جزء من المجتمع في أجلى صوره، إنه التّيرموميتر والسكانير الذي يُخبر بما هو كائن. وكما في كل عصر بالنسبة للثقافة، هناك الحقيقي والمزيف. المزيف سريع العطب لأن صلاحيته منتهية، أما الحقيقي فموجود ويصارع. وقد يخبو أو يستريح ولكنه يعود.. يمكن قول هذا في مجالات الفنون مثل السنيما والمسرح والفيديو والغناء وكل أشكال الفرجة.. لأنها الأقرب إلى كل الفئات التي تريد أن ترى فيها نفسها وترى مستقبلها وتوقظ أحاسيسها وتربط وعيها بالراهن والآتي. هل يؤدي الفن اليوم هذا الدور.. الجواب يكمن في الصراع بين وعيين ورؤيتين، الأولى تريد أن تكون مرتبطة بالتغيير، والثانية تعمل على عرقلة ذلك بخلق فن تافه ولكنه برّاق وله الإمكانيات.   
 
كان المثقف في فترات من تاريخ المغرب هو الحائط والسند الأساسي الذي يتكئ عليه المجتمع في كل قضاياه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والثقافية، في نظركم ما هي الأسباب التي جعلت النخبة المثقفة تتوارى إلى الخلف ولم تعد تمثل دينامو الحركة الثقافية والفكرية والفنية؟ 
في سيرورة الصراع الدائم والأزلي بين السلطة والثقافة باعتبارها مجموعة من القيم العليا التي تنشد العدل والكرامة والعيش الكريم والآمن، كانت هناك وسائل "قذرة" وشيطانية ، إما في محاربة الثقافة والمثقف بشكل مباشر أو غير مباشر بالإقصاء والتهميش، أو باحتوائه  وتدجينه ليتحول إلى جزء من السلطة وصوتا لها.
في حالة المغرب، وصلنا الآن إلى الوضعية الأسوأ منذ 2011 إلى الآن  بعد انسداد كل الطرق أمام المثقف ليكون فاعلا استراتيجيا. ولكن الأمر ليس كما يعتقد البعض، فهناك دائما أجيال تنبعث من الرماد لتحلق الحياة بالكلمة والفعل. بالنسبة لي هناك أمل كبير في تجديد النخبة المثقفة لأننا ـ في بعض الأحيان ـ لا نرى إلا الجزء المظلم، وننسى أن المثقفين في المغرب أسسوا لثقافة الصراع في أبهى صورها منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
 
بصفتك مثقفا خبر المشهد الثقافي المغربي، هل كان لزاما على المجتمع أن ينتظر دعوة النخبة المثقفة للاحتجاج يوم السبت 26 مارس 2022، دفاعا عن قيم "تامغربيت" التي تتعرض لمعاول التدمير؟ كيف تفسر هذا الأمر؟ ولماذا هذه الدعوة في هذا التوقيت بالضبط؟
الدعوة للاحتجاج يوم 26 مارس، هي خطوة أولى، في صيغتها الثقافية، وهي استمرار لما أسسنا له، منذ فبراير 2010 في حركة وُسمت بالمراصدة ونجحت في إحداث رجّة وأسئلة مثل أسئلة اليوم، حول دور المثقف، هل هو في ما ينتجه، فنيا أو إبداعيا أو فكريا وعلميا، يكفي ليؤدي دوره، أم عليه في حالاتنا وما يطبعها من تخلف، أن يسهم بشكل مباشر. 
أما التوقيت.. حاستنا لا تخطئ، هناك تذمر غير مسبوق وانتكاسة صعبة في نفوس المغاربة، لا علاقة لها بالكوفيد أو الحرب في أوكرانيا أو مشاكل أوربا وسياساتها المتقلبة. الأمر داخلي متعلق بالتدبير العام والسياسة والرؤى والجشع الذي لا حدود له، واحترام المغاربة في كرامتهم وأقواتهم.  
 
لماذا لم تعد النخبة المثقفة تلعب دورها في الترافع عن الهوية المغربية ومواجهة الأعطاب والاختلالات الوطنية والمحلية في ظل احتلال المشهد الثقافي والفني من طرف أشباه مثقفين اللاهثين وراء الامتيازات؟
النخبة المثقفة دائما حيّة وتمارس دورها، فقط، بعض الشروط تجعل الأمر أحيانا لا يبرز بشكل واضح، وفي أحيان أخرى يتعذر لأسباب متعلقة بموازين القوى وأحيانا ببعض الانتكاسات لكن المثقف المغربي لا يمكن أن يتخلى عن دوره أبدا.
 
شعيب حليفي/ روائي وأستاذ جامعي