الخميس 28 مارس 2024
سياسة

متى تتحرر كرة القدم من "بارونات" السياسة؟!

متى تتحرر كرة القدم من "بارونات" السياسة؟! الرياضة أصبحت "الدجاجة" التي تبيض ذهباً و"المطية" التي يركبها رؤساء أندية
كي تعبر إلى البرلمان والمناصب السامية ويفتحون لك "خزائن الحكومة"، هناك من يسلك أقصر الطرق لتحقيق هذه الغاية. الرياضة أصبحت "الدجاجة" التي تبيض ذهباً، و"المطية" التي يركبها رؤساء أندية لتحقيق طموحاتهم وأطماعهم السياسية.
محمد بودريقة (الرئيس السابق للرجاء)، سعيد الناصري (الرئيس الحالي للوداد)، محمد هوار (رئيس مولودية وجدة)، هشام أيت منا (رئيس شباب المحمدية)، عبد السلام بلقشور (رئيس نهضة الزمامرة)، فوزي لقجع ( الرئيس السابق لنهضة بركان).. إلى آخر القائمة الطويلة من رؤساء ارتدوا "جلاليب" رؤساء الأندية للفوز بمقعد برلماني أو مقعد رئيس جامعة أو منصب من المناصب السياسية الرفيعة. حتى أن في إحدى الحملات الانتخابية لرئيس الوداد سعيد الناصري، باسم حزب البام، استعاض بصفة "رجل أعمال" أو "مقاول" في المطويات الانتخابية التي كان يوزعها في دائرته وفضل صفة "رئيس فريق الوداد البيضاوي"، ليشحذ الأصوات من "شعب" كرة القدم.
من كان يعرف محمد بودريقة "المقاول" إلا عدد محدود، وحين أمسك بزمام رئاسة الرجاء البيضاوي روّج لاسمه حتى اختار حزب التجمع الوطني للأحرار ليكون هو حصانه "الرابح"، وها هو اليوم قد حقق طموحه السياسي وفاز بمقعد برلماني، وكرسي رئاسة مقاطعة "مرس السلطان" بالبيضاء، بعد أن ترك النادي الذي كان من أشهر مشجعيه بـ"المݣانة" يتخبط في الأزمات المادية، وسلم مفاتيح النادي إلى سياسي آخر هو "سعيد حسبان" والبقية الأخرى من الرؤساء!!
"حسابات" رؤساء الأندية كثيرة، والقليل منهم من كان هدفهم من تقلد منصب الرئاسة لأهداف رياضية صرفة. والمثير أنهم يدفعون من جيوبهم "المليارات"، ويعقدون "الصفقات" الضخمة للتعاقد مع اللاعبين في الميركاتو الصيفي والشتوي، من أجل بريق السياسة. هشام أيت منا مثلا، رئيس نادي شباب المحمدية، فتح خزائنه من أجل صعود "الشباب" إلى القسم الوطني الأول، واشترى أبرز نجوم البطولة، لكن ما أن "صعد" على ظهر الفريق إلى البرلمان وترأس جماعة المحمدية، خبت تلك الشعلة في عينيه، وقلّ اهتمامه بالفريق الذي دخل في دوامة من المشاكل. 
هذا "التضارب" في المصالح وتداخل "الرياضة" في "السياسة" هو ما جعل معظم الأندية ارتباطها بـ"الأشخاص" أكثر من "التاريخ" و"الشعبية"، وسرعان ما ينهار "النادي" الفلاني باستقالة "الرئيس" الذي يسحب معه أمواله وشيكاته وأرصدته البنكية، مادام "النادي" بنى منظومته على "الرّيع" و"خزائن" رؤساء تحركهم "الأطماع السياسية أكثر من "الأهداف" الرياضية، و"عشق" النادي الجارف. لذا عاش "الرجاء" سنوات في نفق مظلم بعد رحيل بودريقة، وها هو "الوداد" يقتفي أثر "الغريم" البيضاوي، بعد أن استنفد "الناصري" ملياراته، بعد أن أبدى رغبته في مغادرة "القلعة الحمراء" بأقل الخسائر، تاركا وراءه "قلعة" بجدران منهارة، وديون ثقيلة من جراء التدبير الفاشل لملفات النزاع بـ"الطّاس".
تملك الأموال وتبحث عن "مدفأة" حزبية لتصل إلى "خزائن" الريع، فأقصر الطرق هي "الاستحواذ" على ناد رياضي، لاسيما إذا كان يتمتع بشعبية جارفة. وهذا ما حصل في السنوات الأخيرة، بعد اجتياح رؤساء نصف أندية دوري الدرجة الأولى للبطولة الاحترافية (8 من أصل 16) لـ"الدكاكين الحزبية"، وهي الوداد الرياضي، شباب المحمدية، اتحاد طنجة، مولودية وجدة، نهضة بركان، يوسفية برشيد، نهضة الزمامرة، وسريع وادي زم. الحديث هنا يقتصر على "كبار القوم" دون ذكر "شتات" من الأسماء تضم المنخرطين والمسيرين الإداريين والسماسرة… وهلمّ جراً. 
ويتقاسم حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة المعاصرة النصيب، حيث  الأكبر من هذه "الكعكة" الطازجة، والحزبان الأكثر استحواذا على كراسي رئاسة الأندية الوطنية هذا الموسم بثلاثة رؤساء لكل منهما هم: هشام آيت منا (شباب المحمدية)، وعبد الحميد أبرشان (اتحاد طنجة)، ومحمد هوّار (مولودية وجدة)، بلون حزب “الحمامة”،  وسعيد الناصيري (الوداد الرياضي) ونور الدين البيضي (يوسفية برشيد)، وعبد السلام بلقشور (نهضة الزمامرة) باسم حزب “الجرار”. فيما حزب العدالة والتنمية ممثل بأمين نوارة (سريع وادي زم)، وحزب الاستقلال بحكيم بن عبدالله (نهضة بركان).
لذا يظل الحافز "السياسي" أقوى من الحافز "الرياضي"، وما تقدمه الرياضة من "دعاية" لهؤلاء الرؤساء أفضل من أي "ماكينات" إعلانية أو دعائية. يكفي أن الناصري الذي يستغل بفضل رئاسة الوداد ستة مناصب، كيف يجد الوقت لإدارة فريق تاريخي من حجم الوداد بشكل انفرادي و"ديكتاتوري"، وبدون وجود مكتب ومنخرطين، وجوده على الورق فقط؟!
سؤال يمكن إسقاطه على معظم من يجعلون من "كرة القدم" قاعدة خلفية لتسلّق المناصب السياسية الجاهزة، في حين لا يبيعون إلاّ "الرّيح" للجماهير وكرة "مفشوشة" على عشب أخضر تلتهمه الديدان!!  
فمتى تتحرر "الأندية" المغربية من أطماع "طُغْمَة" من السياسيين؟!