الأربعاء 17 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الدرويش: تجربة عبد الرحمان اليوسفي الحكومية أنقذت البلاد.. ولكن أفقدت الحزب بوصلته المجتمعية

محمد الدرويش: تجربة عبد الرحمان اليوسفي الحكومية أنقذت البلاد.. ولكن أفقدت الحزب بوصلته المجتمعية محمد الدرويش
المؤتمر الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ينعقد خلال هذا الأسبوع محطة لها أهميتها الكبرى في الفعل الحزبي وهو أعلى هيئة تقريرية في مستقبل الحزب  بخطه السياسي وتركيبة أجهزته المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، وانتظارات الاتحاديين والإتحاديات خصوصا، وعموم الشعب المغربي عموما، قوية جدا فالمعول على الاتحاد الاشتراكي، وهو اليوم في المعارضة أن يكون برصيده التاريخي ونضاله السياسي- إلى جانب قوى سياسية، ومدنية، واجتماعية، واقتصادية أخرى طبعا- المنقذ من الأزمة الاجتماعية، والمؤطر المجتمعي، والمدافع الشرس عن المطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والحقوقية للشعب المغربي.

وإذا ما استحضرنا أن المؤتمر الوطني 11 لحزب  الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ينعقد في ظروف اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وجيوسياسية غير مسبوقة (علاقات المغرب مع بعض دول المغرب العربي وبعض الدول الأوروبية، والخرائط الدولية/ الجيوبوليتيك  التي يعاد صناعتها سياسيا، واقتصاديا ، والانعكاسات السلبية في كل المستويات التي خلفتها جائحة كوفيد 19، وغيرها من القضايا الدولية التي تسبب في عدم وضوح الرؤيا لدى الفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي)، وهو ما ينذر بأزمات اجتماعية معقدة تحتاج لحكمة وتبصر قيادات سياسية، واجتماعية، ومدنية، واقتصادية تعي صعوبة الظروف وتعقدها، وتخلق الآمال المرجوة لدى الشعب المغربي بكل طبقاته.

ولا بد من التذكير في هذا المقام أن  الكل يجمع على  أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مطالب بالعودة إلى أدواره الطلائعية في المجتمع بكل مستوياته الاجتماعية، والسياسية، والفكرية،  والثقافية، فكما شكل قاطرة حقيقية جعلت المغرب يخرج من أزمة كادت أن تكون سكتة قلبية في نهاية سنوات التسعينيات، إذ قبل بعرض تحمل المسؤولية في إطار حكومة التناوب بقيادة المجاهد المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، تجربة حكومية أنقذت البلاد، ولكن أفقدت الحزب بوصلته المجتمعية، وهذا أمر طبيعي في كل التجارب الدولية إذ إن الأحزاب التي تكون في المعارضة لعقود من الزمن ثم تتحمل مسؤولية التدبير الحكومي لمدة تزيد عن العشر سنوات تؤدي ثمن ذلك، وتتراجع شعبيتها لدى الرأي العام، واليوم وبعد اختيار الحزب المتوقع في المعارضة بدأ يسترجع شيئاً فشيئاً بعضا من أدواره، ولكن ذلك لن يكتمل إلا بانتخاب أجهزة وطنية (كاتبا أول و  مكتبا  سياسيا و  مجلسا وطنيا)، أجهزة وطنية يكون لأعضائها المصداقية، والحرفية في علاقاتهم بالمجتمع، محلياً، وجهوياً، ووطنياً، ومنخرطة في المشروع الديمقراطي الحداثي للحزب من أجل مغرب القرن 21، ومساهمة  في تطوير المجتمع والقيام بالدبلوماسية الموازية هنا وهناك.

ثم لا بد من استحضار أن الملك الراحل الحسن الثاني رحمة الله عليه خص المرحوم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي بزيارة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط حين أصيب بجلطة دماغية، كما أن جلالة الملك محمد السادس قام بزيارته، وهو طريح الفراش بأحد المصحات، كما أنه  قام بالإشراف شخصيا على تسمية أحد شوارع مدينة طنجة  بحضور المرحوم عبد الرحمان اليوسفي، وهي لعمري لحظات غير مسبوقة (حسب علمي)، وتحمل دلالات كبرى، وإشارات قوية لأسرة الاتحاد الاشتراكي خصوصا، وللفعل السياسي على وجه أخص، وتزكية وتقوية لشعار السياسة أخلاق، والتي يجب أن يتحلى بها كل نساء ورجالات الدولة ومجموع المناضلات والمناضلين.

ومن ثم نرجو ونتمنى ألا نعيد نكسات الماضي في بعض المؤتمرات، فنكون أمام أجواء غير صحية، ولا نضالية بمفهومها النبيل، فواقعنا التنظيمي ليس أحسن مما كان، وليس على ما يرام إذ أغلب الأجهزة، والقطاعات لم تجدد هياكلها مما شكل عائقا أمام الانفتاح الحقيقي، والفعلي على القواعد الشعبية، والنخب بكل أنواعها وطبقاتها...
رغم المجهودات التي بذلها الأخ الكاتب الأول والقلة القليلة من أعضاء المكتب السياسي وأعضاء من الأجهزة الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية خلال الانتخابات الأخيرة...
لكل ذلك وأشياء أخرى، كان وما زال ويجب أن يظل الاتحاد الاشتراكي حزبا وطنيا بميزات خاصة، وهو ليس فقط ملكا للاتحاديات والاتحاديين، بل إنه ملك جماعي لكل بنات وأبناء الوطن، ومن ثم ليس لنا الحق جميعا في أن نخطئ اللحظة،   ويجب علينا مناضلات ومناضلين أن نكون فعلا في موعد مع التاريخ خدمة لقضايانا الوطنية بكل أشكالها، وتعقيداتها، واحتراما لتاريخ الشهداء والمناضلات والمناضلين، ولتاريخ الوطن بكل دلالاته وتمظهراته وسيروراته.

محمد الدرويش/ عضو المجلس الوطني للحزب وعضو مكتبه السياسي قبلاً