الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

إعلان قرطاج.. "تحالف شيطاني" تحت مظلة "إخوانية" لاغتيال اتحاد المغرب العربي

إعلان قرطاج.. "تحالف شيطاني" تحت مظلة "إخوانية" لاغتيال اتحاد المغرب العربي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في زيارة لتونس رفقة قيس سعيد
كان تحليل"أنفاس بريس" يوم الخميس 16 دجنبر 2021، بعنوان "تبون عراب الفتن وحامي الكابرانات يحاضر عن الشرف والوحدة العربية من تونس" صائبا في تحليل أبعاد زيارة الرئيس عبد المجيد، الذي يشكل الواجهة المدنية للطغمة العسكرية الحاكمة لتونس، في تأكيده أن النظام الجزائري يحاول بهذه الزيارة الدفع إلى ترتيب الوضع الداخلي في تونس بما يخدم مصالحه في سعيه إلى أن تكون الأنظمة في جواره متماهية معه في نبذ الديمقراطية واعتناق المذهب الشمولي وأن تكون دول الجوار من الضعف، بما يجعلها مرتهنة لهيمنته في المنطقة".
وتأكد هذا المعطى يوم الخميس 16 دجنبر 2021، في إظهار النظام الجزائري سعيه المحموم إلى إحياء سياسة المحاور في المنطقة ودفن اتحاد المغرب العربي، باستصداره في ختام زيارة تبون لتونس ما يسمى "إعلان قرطاج"، الذي جاء فيه أنه"اعتبارا للدروس المستخلصة من التجارب السابقة وبالنظر إلى الإنجازات التي حققتها العلاقات بين البلدين، تداول الرئيسان (التونسي والجزائري) في أهمية اعتماد نظرة طموحة نحو إرساء فضاء إقليمي جديد جامع ومندمج ومتكامل يقوم على القيم والمثل والمبادئ المشتركة ويوفر ردودا منسقة وناجعة للتحديات الأمنية والاقتصادية والصحية وللأحداث ولكافة التطورات الراهنة والقادمة على الصعيدين الإقليمي والدولي".
وأضاف إعلان قرطاج أنه "في هذا السياق أكد الرئيسان عزمهما على التشاور المتواصل على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف لبلوغ الأهداف المنشودة واتخاذ التدابير الضرورية لتحقيق هذه الأهداف السامية".
وتبين من الإعلان أن النظام الجزائري المهووس بمحاولاته اليائسة لعزل المغرب يريد الزج بتونس في مؤامرة جديدة من بنات أفكاره لإرجاع منطقة المغرب العربي إلى سياسة المحاور واغتيال اتحاد المغرب العربي، الذي تطلب إقراره جهودا مكثفة وعقودا من الشد والجذب وكان يفترض أن يكون البوتقة التي تنصهر فيها إمكانيات الدول الخمسة المؤسسة له (المغرب والجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا) في 19فبراير 1988 في مراكش،للتكامل ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية وإيجاد موقع لها ضمن التكتلات الإقليمية والاقتصادية في العالم.
وسبق للنظام الجزائري أن نهج سلوك التقسيم والمحاور في المنطقة عندما أبرم مع تونس وموريتانيا معاهدة الأخوة والوفاق في سنة 1983، مما دفع ليبيا والمغرب لاحقا إلى توقيع معاهدة الاتحاد العربي الإفريقي في غشت 1984 وما لبث أن انفرط عقد المعاهدتين بتوصل قادة الدول الخمسة المرحومين جلالة الملك الحسن الثاني والشاذلي بن جديد وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي والرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع على معاهدة مراكش لتأسيس اتحاد المغرب العربي.
وكان المفروض أن تتوجه جهود الدول الخمسة إلى خدمة أوفاق معاهدة مراكش وتطبيق نصوصها، لتيسير التكامل بينها وخلق فضاء مغاربي موحد يكون في خدمة تنميتها الاقتصادية والاجتماعية وتسهيل تنقل الأشخاص والممتلكات في هذا الفضاء،لكن حسابات النظام الجزائري ظلت متوقفة عند فترة الحرب الباردة ويغذيها الهوس بمحاولات إيذاء المغرب وضرب وحدته الترابية ،في خرق سافر للمادة 15 من معاهدة اتحاد المغرب العربي ،التي تتعهد الدول الأعضاء بموجبها"بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها يمس أمن أو حرية تراب أي منها أو نظامها السياسي.
كما تتعهد بالامتناع عن الانضمام إلى أي حلف أو تكتل عسكري أو سياسي يكون موجها ضد الاستقلال السياسي أو الوحدة الترابية للدول الأعضاء الأخرى".
وفي سياق خرقه المعاهدة المغاربية واصل النظام الجزائري سياسته المعادية للمغرب ووحدته الترابية بوضع إمكانيات البلاد لخدمة طرحه الانفصالي في قضية الصحراء المغربية وقرر إغلاق الحدود البرية بين البلدين في صيف 1994 ،ليصل به عداؤه للمغرب إلى قراره الأحادي الجانب بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 24 غشت وقبل إقدامه على قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، كان النظام الجزائري يعد العدة لدفن اتحاد المغرب العربي وخاطب الجانب التونسي في هذا الشأن منذ مدة عدة أشهر ،من أجل تعويض الاتحاد بمحور جديد في المنطقة.
وكان الإخواني راشد الغنوشي زعيم حزب حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي عندما كانت علاقاته سمنا على عسل مع الرئيس قيس سعيد وشريكا في صناعة القرار معه أول المبشرين بالمحور الجديد الذي يريد النظام الجزائري فرضه في المنطقة، بدعوته في حوار مع إذاعة "ديوان إف إن "التونسية في فبراير 2021 إلى إقامة الاتحاد المغاربي الكبير من ما سماه"مثلث الجزائر وتونس وليبيا"فقط، زاعما أن "هذا منطلقنا لإنعاش حلم المغرب العربي ونحن من دون هذا الإطار لا نقدر على حل مشكلات تونس".
وحرص الغنوشي على أن يؤكد في نفس الحوار أن"علاقته بالقيادة الجزائرية والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون جيدة". وغنى الإخواني الجزائري عبد الرزاق مقري رئيس حزب حركة مجتمع السلم(حمس)، التي تم تأسيسها في حضن المخابرات الجزائرية في بداية تسعينيات القرن الماضي، لتكون بديلا للجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس)المحلة، نفس الموال، مضيفا إليه بعض التوابل ،بقوله في ندوة صحفية في الشهر نفسه أن"الغنوشي نسي موريتانيا" وعبر عن مساندته تصريح الغنوشي" بشرط أن تشمل الفكرة الدول المغاربية ما عدا المغرب".
وهكذا يتبين أن التيار الإخواني في تونس والجزائر وربما في ليبيا كان في صورة ما يطبخه النظام الجزائري منذ شهور لوأد اتحاد المغرب العربي والزج بالمنطقة في فتنة المحاور والتجاذبات، طمعا في أن يحول بعض بلدان الجوار إلى مجرد أجرام تدور في فلك نزعته الهيمنية.
والمؤكد أن ذهاب نظام الجنرالات في الجزائر إلى إقامة محاور جديدة في المنطقة سيفرض على المغرب القيام بقراءة متبصرة لما يعتمل في المنطقة للتصدي لكل ما يمس مصالحه ووحدته الترابية.