الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

التامني: الأغلبية الحالية غير مستعدة للتفاعل بشكل مطلق مع مقترحات المعارضة

التامني: الأغلبية الحالية غير مستعدة للتفاعل بشكل مطلق مع مقترحات المعارضة فاطمة التامني، برلمانية عن فيدرالية اليسار 
الأغلبية الحالية تعتبر نفسها تعبر عن إرادة المغاربة، في حين أنها نتاج سياق عرف الكثير من الاختلالات (استعمال الأموال، شراء الذمم.. خلال الانتخابات الأخيرة). وبالتالي، فالانتخابات الأخيرة لم تعكس الإرادة الشعبية.. الأحزاب الممثلة في الحكومة تعتبر نفسها حاملة لمشروع ما سمي بـ ”النموذج التنموي”، وهو المشروع الذي يعلم الجميع سياقاته، وحتى إن كنا لا نختلف حول تقرير النموذج التنموي الذي وسع دائرة الأوضاع التي تعاني منها بلادنا، فإنه على مستوى التدابير والإجراءات والمخرجات كان بعيدا كل البعد عن تقديم أجوبة حقيقية عن المشاكل المطروحة. واليوم أؤكد كبرلمانية لفيدرالية اليسار أننا نناضل من داخل المؤسسات، كما نناضل من خارج المؤسسات، وقد عبرنا عن موقفنا بشأن التصريح الحكومي الذي لم يكن منسجما مع الشعارات التي رفعت أثناء الحملة الانتخابية، ومع الوعود التي قدمت للمواطنات والمواطنين، وهو يعكس كما عبرنا عن ذلك ازدواجية في الخطاب. 
بخصوص مشروع قانون المالية فالأغلبية كانت تمتلك قرارا جاهزا للتصويت عليه، حيث بدا أن الأغلبية غير مستعدة للتفاعل مع التعديلات التي قدمتها المعارضة، وشخصيا طرحت كنائبة عن فيدرالية اليسار مجموعة من التعديلات التي من شأنها دعم قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم، بعد أن عرت جائحة كوفيد 19 عن ضعف البنى التحتية ومجموعة من الاختلالات البنيوية الهيكلية التي أكدت حاجتنا للنهوض بهذه القطاعات في إطار إعادة الاعتبار للدولة الاجتماعية. كما قدمنا مقترحات لدعم القدرة الشرائية، إذ نعاني اليوم من مجموعة من الإجراءات التي تضرب القدرة الشرائية وتساهم في تعميق مشاكل الطبقة المتوسطة والفئات الهشة. تقدمنا بمقترح إقرار الضريبة على الثروة وإعفاء المتقاعدين من الضريبة.. وفي الوقت الذي كنا ننتظر تفاعلا ايجابيا مع المعارضة استحضارا للمشاكل الحقيقية التي تعاني منها بلادنا، وفي نفس الوقت الانسجام مع التعاقدات التي بنيت مع المواطنات والمواطنين، اصطدمنا بوجود جاهزية لرفض جميع هذه المقترحات.
الأغلبية اليوم لا تستحضر كون المعارضة تمثل قوة اقتراحية، ولا تستحضر أهمية الانسجام مع الشعارات التي رفعتها، بل إنها غير منسجمة حتى مع ذاتها، بدليل أن قانون المالية لم يعكس مضامين التصريح الحكومي. بمعنى أن هناك مجموعة من الاختلالات، ووعودا تقدم يمينا وشمال دون أن تترجم إلى إجراءات ملموسة، ما يعني أن هناك استمرارا لخدمة الرأس مال المتوحش. إننا اليوم أمام سياسة المصالح بعد أن تحول الرأسمالي إلى سياسي، وهي سياسة ترفض تقديم إجابات عن انتظارات المواطنات والمواطنين.
في ما يتعلق بالاحتقان الذي يعرفه قطاع التعليم، اقترحنا إلغاء التعاقد عبر تحويل الميزانية المخصصة للأساتذة المتعاقدين، والذين يحسبون ضمن المعدات إلى مناصب مالية، وإذا كنا فعلا نرفع شعار الدولة الاجتماعية، فالدولة الاجتماعية يفترض أن تكون هي الراعي لهذه المصلحة، علما أن قطاع التعليم يعد الركيزة الأساسية للتنمية، وكي نتمكن من تحقيق الاستقرار النفسي والمادي لفائدة الأساتذة ووضع حد لهذا الاحتقان. لكن تم رفض هذا التعديل، واليوم نفاجأ بقرار تحديد سن التوظيف في التعليم في 30 سنة، والذي يتنافى مع النظام الأساسي للوظيفة العمومية، في الوقت الذي يعد المعطلون حاملو الشهادات بالآلاف.. فما هو الغرض من قرارات من هذا النوع؟ الغرض هو تغذية الاحتقان وتغذية المشاكل القائمة، كما أنه يحمل تراجعا كبيرا سيؤدي إلى تغذية التوترات.. ويبدو لي أن الحكومة الحالية ماهي إلا استمرار للسياسات السابقة التي رهنت المغرب لعقود.