الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

هل تكفي 17 سنة لتنفيذ مشاريع ملكية تنموية بـ "رباط شاكر" بإقليم اليوسفية (2)؟

هل تكفي 17 سنة لتنفيذ مشاريع ملكية تنموية بـ "رباط شاكر" بإقليم اليوسفية (2)؟ عزيز أخنوش ومشاهد من موقع المسجد التاريخي برباط شاكر

المراجع والوثائق التي بحوزة جريدة "أنفاس بريس" تؤكد أن الملك محمد السادس كان قد أصدر تعليماته في سنة 2004، بالإنكباب على جعل رباط سيدي شيكر معلمة روحية يعتد بها وطنيا وعالميا، وأعطى تعليماته لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأستاذ أحمد توفيق لتهيئة موقع سيدي شيكر. وفعلا انطلقت الأبحاث و الدراسات الميدانية بين مجموعة من الفرقاء والمتدخلين في أفق تثمين موقع رباط شاكر باعتباره معلمة أثرية شاهدة على التاريخ.

مرت على التوجيهات الملكية مدة 17 سنة، وظل البرنامج الواعد الحامل لمشاريع الترميم والإصلاح والتشييد جامدا، اللهم ما عرفه المسجد من ترميم. دون تنفيذ المشاريع الأخرى ذات الصلة بالجانب التعليمي والعلمي والثقافي والزراعي والبيئي والمعماري والسياحي...؟

لقد قامت جريدة "أنفاس بريس" بزيارة ميدانية للمسجد التاريخي لتفقد المشاريع الملكية ذات الصلة برباط شاكر، فكانت الصدمة قوية بعد أن وقفنا على عدم إنجاز ما برمج من مشاريع واعدة سنة 2004.

من يتحمل مسؤولية تجميد مشاريع ملكية بموقع رباط شاكر؟

يعتبر موقع المسجد التاريخي برباط شاكر معلمة أثرية شاهدة على عصر الفتوحات الإسلامية بقيادة عقبة بن نافع الفهري، ونقطة ضوء ساطعة في سماء العلم ونشر تعاليم الإسلام على يد الولي الصالح منارة أحمر شاكر بن عبد الله الأزدي، الذي امتاز رباطه بطابعه الحربي والجهادي إلى جانب وظائفه الدينية والروحية.

هذه الذاكرة التاريخية مفخرة المغاربة عامة وساكنة منطقة أحمر خاصة، أراد لها الملك محمد السادس بنظرته الثاقبة، أن تكون رابطا دينيا وروحيا وثقافيا وفكريا وتربويا وبيئيا ومعماريا... يحج إليه العلماء والفقهاء والطلبة والباحثين والدارسين والمهتمين بالشأن الديني على المستوى العالمي والإفريقي والعربي ، لذلك أعطى تعليماته سنة 2004، للأستاذ أحمد توفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لتهيئة موقع سيدي شيكر. وجعله مزارا للخلوة والتصوف والذكر وتلاوة القرآن وتعليم أوصل الفقه والسنة.

في الحاجة لنطاق وحزام أخضر يحيط بالمسجد التاريخي

لكن للأسف حين زارت "أنفاس بريس" مركز سيدي شيكر لم تجد أثرا للمشاريع الملكية ذات الصلةبالبرنامج التنموي الذي لم يتحقق منه سوى ترميم المسجد التاريخي، الذي ينتظر بدوره تهيئ حديقته الخارجية والتي تحتاج أرضيتها لتربة خصبة قادرة على احتضان نباتات و أغراس وأشجار تمنح للناظرين الإحساس بجمالية الفضاء. وقد سجلنا غياب حزام أخضر يحيط بالمسجد التاريخي، اللهم بعض الشجيرات التي تصارع الموت وقوفا في انتظار أن يشفع لها بامتصاص قطرات ماء عذب يعيد لوريقاتها لونها الأخضر.

في الجانب المحادي للمسجد التاريخي يعكس واد الجمالة حالة الجفاف و البؤس الذي تعرفه منطقة سيدي شيكر، حيث حول مجراه الأطفال إلى ملعب لكرة القدم يقضون فيه معظم أواقت الفراغ الروتينية يلهثون وراء "الجلدة" وهم يتصببون عرقا.

لماذا شيّدت المدرسة القرآنية بمدينة الشماعية بدل قرية سيدي شيكر؟

في سياق متصل استغربنا كون أن أطفال الأسر القاطنة بالقرب من مسجد رباط شاكر لم يستفيدوا نهائيا من فضاء المسجد على مستوى التربية الدينية الأولية، نظرا لعدم وجود مدرسة قرآنية تقوم بهذا الدور التربوي، علما أن من بين المشاريع التي برمجت سنة 2004، بنايات المدرسة القرآنية التي تحتوي على عدة مرافق نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، خزانة الكتب وقاعة المحاضرات، بالإضافة إلى منازل عائلية وفردية كبنية استقبالية للزوار وضيوف رباط شاكر خلال اللقاءات السنوية والمناسبات الدينية.

 نفس المآل عرفه مشروع إقامة منشآت تعليمية وعلمية وفنية، فضلا عن عدم إنجاز عدة حدائق ومناطق خضراء ودكاكين، ومطعم وحمامات للطهارة والنظافة والوضوء، وتجميد مشروع إقامة بنية للإستقبال ذات بنية بسيطة تتماشى مع الهندسة المعمارية التاريخية بالمنطقة.

الأغرب من ذلك يتساءل المهتمين والمراقبين للشأن المحلي عن مآل المدرسة القرآنية لرباط شاكر، بعد أن تم تشييدها بمدينة الشماعية بعيدة عن موقع المسجد التاريخي لسيدي شيكر بحوالي 42 كلم؟؟

وبحكم أن المسجد التاريخي برباط شاكر يمتد في الزمن القديم (62 هجرية) فقد أعطى ملك البلاد توجيهاته السديدة من أجل القيام بتنقيبات أثرية ذات الصلة بوظائف المعلمة الأثرية، الدينية منها والعلمية وكذلك الحربية، علاوة على تهيئة المصلى في الفضاء الممتد أمام الضريح والمسجد وروضة سيدي شيكر،والعناية بالمقبرة التاريخية القريبة من المسجد، حيث بقيت على حالها تبكي حظها التعس مع من أوكلت لهم هذه المهمة مدة 17 سنة خلت دون تحقيق ذلك.

عجبا، لا أثر للنباتات العطرية والطبية؟

في سياق نفس المشاريع الملكية المبرمجة منذ سنة 2004، وحسب الوثائق المتوفرة للجريدة فقد خلصت نتائج الدراسات المنجزة من لدن ثلة من الباحثين العاملين بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بقسم التربة حول النباتات العطرية والطبية والتربة بمنطقة سيدي شيكر إلى تحديد ثلاثة وحدات كبيرة من التربة يمكن استعمالها لزراعة النباتات العطرية والطبية، مع تحديد لائحة للنباتات الملائمة للتربة مثل (نعناع بوليو، والزعتر، والخزامة، و الحبقأو الريحان، والنعناع العادي،والقويصة أو السالمية...).

لقد استبشرت خيرا ساكنة إقليم اليوسفية عامة وقرية سيدي شيكر ببلاد أحمر خاصة للإهتمام الذي حضي به مجالهم الجغرافي من طرف الملك والتفاتته المولوية للموقع التاريخي، على اعتبار أن تلك المشاريع التنموية برباط شاكر كانت ستساهم بشكل فعلي في تنميتها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعمرانيا وبيئيا، خصوصا أن الرهان كان قويا على تشييد سد درع الـرارة الذي خطط له لكي يزود 6000 نسمة بالماء الصالح للشرب (ساكنة مركز سيدي شيكر والدواوير المجاورة) وسقي مساحة تناهز 450 هكتار من الأراضي الفلاحية .

قد لن نتوفق في نقل حجم معاناة الإنسان بمنطقة سيدي شيكر، بعد أن طال انتظار وترقب تلك المشاريع التنمية ذات الصلة بتثمين وتحصين موروث ثقافي لامادي يمنح للوطن مكانة متميزة على مستوى التاريخ والجغرافيا، ويساهم في رد الإعتبار للإنسان والمجال. لكن لابد من طرحأسئلة مقلقة تنتصب أمام كل زائر للمسجد التاريخي لرباط شاكر ومحيطه الاجتماعي والبيئي، هو من يتحمل مسؤولية تجميد مشاريع ملكية واعدة لفائدة المنطقة منذ سنة 2004، والتي كانت لا محالة ستلعب أدوارا طلائعية على مستوى تنمية قرية سيدي شيكر؟ وما هي الأسباب التي حالت دون تحقيق رؤية ملك البلاد الثاقبة، و الذي يقتفي أثر أسلافه من السلاطين والملوك للحفاظ على ذاكرة متقدة وحية ساهمت في ترسيخ مبادئ الإسلام ونشر تعاليمه منذ قرون؟.

سؤال آني لرئيس الحكومة : من يتحمل مسؤولية التلاعبب المشاريع الملكية بالمنطقة، وهل ستفتحون تحقيقا في ذلك؟ وكيف ستردون الإعتبار للموقع الأثري والتاريخي لرباط شاكر؟