الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور: يمكن للمغرب أن يكون قوة ناشئة على غرار كوريا الجنوبية

الحسن زهور: يمكن للمغرب أن يكون قوة ناشئة على غرار كوريا الجنوبية الحسن زهور
الموقع الجغرافي للمغرب يحتم عليه اللعب وفق توازنات دقيقة وصعبة في محيطه الإقليمي والدولي، لأن أية تنمية مستقلة في هذه المنطقة تحاول الانطلاق لفرض وجودها المستقل ستجابه من طرف القوى الإقليمية(اسبانيا) والدولية برد فعل تحاول التحكم في الخيوط المتشابكة للمنطقة. فلا مكان من طرف أوروبا لقوة اقتصادية إقليمية ناهضة بجوارها يمكن ان تزعزع التوازن الإقليمي في شمال افريقيا وهذا ما يفسر الموقف الألماني في محاولته لجم التجربة المغربية المبنية على بناء اقتصاد متنوع متوغل جنوبا، بخلاف التجربة الجزائرية التي تعتمد على الاقتصاد النفطي ( الريعي) غير المتحكم فيه.
هذا التنوع الاقتصادي والسياسي للمغرب بالانتفاح على الاقتصاديات الكبرى( الصين، امريكا، بريطانيا، اسرائيل حاليا..) والتغلغل في افريقيا اقتصاديا وسياسيا، يساعده في الخروج من الإطار المرسوم له كحديقة خلفية انتاجية لاوروبا، ليغير موازين القوى السياسة الإقليمية والدولية في هذه المنطقة المتحكمة في مضيق جبل طارق، كل هذا يفسر إذن الضربات التي يتلقاها المغرب حاليا، سواء من طرف الجارة الجزائر التي فقدت ريادتها الإفريقية لصالح المغرب، او من طرف أوروبا التي بدأت تضغط بوسائلها الخاصة لكبح الطموح المغربي في نموذجه الاقتصادي الذي بدأه منذ 20 سنة ويظهره الآن كقوة اقليمية، وهذا ما تفطنت اليه القوى المتنفذة في امريكا في اعترافها بمغربية الصحراء مقابل استغلال هذه القوة الناشئة كنموذج اقتصادي للتغلغل اقتصاديا وسياسية في الغرب الافريقي، فهل يمكن للمغرب ان يكون في المستقبل قوة ناشئة على غرار كوريا الجنوبية وبمباركة امريكية؟
هنا مكمن وغاية هذا المقال. فكوريا الجنوبية تعتبر الآن نموذجا اقتصاديا وفي نفس الوقت دولة إقليمية يجب على المغرب التعامل معها وتطوير علاقاته الاقتصادية معها بفتح الأبواب لشركاتها العملاقة للاستثمار في المغرب, لماذا؟
اولا: كوريا الجنوبية دولة محمية من طرف امريكا وفتح الابواب لشركاتها العملاقة لن يغضب امريكا كأكبر قوة عالمية بخلاف إذا فتحنا الابواب للصين التي تحاول امريكا حاليا محاصرتها.
ثانيا: تشجيع كوريا الجنوبية بجعل المغرب وسيطا اقتصاديا بينها وبين دول غرب افريقيا وهو ما سيفيد المغرب اقتصاديا وتنمويا..
ثالثا: جعل كوريا كورقة ضغط و كبديل للصناعات الأوروبية في مجال السيارات والالكترونيات لكي لا تستغل اوروبا وفرنسا بالتحديد معاملها لصناعة السيارات في المغرب للضغط الاقتصادي عليه. لذلك إذا نافست الصناعة الكورية الصناعات الأوروبية في المغرب سيكون المغرب في موقع قوة ولن يرضخ للتهديدات الفرنسية في هذا المجال.
يبقى مجال آخر ما زال المغرب لم يستغله جيدا بعد، هو المجال الروحي المدعوم اقتصاديا.. فالعمق التاريخي والديني للمغرب في السودان الافريقي اي الدول الافريقية الغربية ( مالي، النجير، السينغال، غينيا، بوركينافاسو...) عمق تاريخي، والاستثمار في هذا المجال يتطلب عملا واموالا وهذا دور وزارتي الأوقاف ووزارة الثقافة، والأخيرة لم تول بعد عناية لهذا المجال الثقافي باعتبار المغرب بلدا افريقيا تمتد جذوره الثقافية في افريقيا بعد ان اهملتها السياسات السابقة التي اولت عنايتها للشرق بسبب الايديولوجيا القومية والدينية، ونتج عنها ما نتج عنها من ايديولوجيات هددت وحدة المغرب ونظامه السياسي.