السبت 20 إبريل 2024
سياسة

الغدر.. آخر كلمة خطها بلفقيه بيده ليرحل وفي صدره شيء من عبد اللطيف وهبي

الغدر.. آخر كلمة خطها بلفقيه بيده ليرحل وفي صدره شيء من عبد اللطيف وهبي عبد الوهاب بلفقيه (يمينا) وعبد اللطيف وهبي(يسارا)
"أتأسف للغدر الذي صدر من جهة وضعت ثقتي فيها".
هي آخر ما كتبه الراحل عبد الوهاب بلفقيه، منتصف شهر شتنبر 2021، بعد أن قام عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بسحب تزكية ترشحه لرئاسة جهة كلميم واد نون، وهو الذي كان يتوفر على أغلبية مريحة.
الواقعة التي اعتزل فيها الراحل بلفقيه للعمل السياسي بصفة نهائية قال عنها أن الرأي العام سيعرف اعتباراتها الجميع، لكن يبدو أن المعني بالأمر فضل عدم الكشف عنها في الدنيا، دار الفناء، ليحملها معه إلى الآخرة، دار البقاء..
العنوان العريض لما خطه الراحل بلفقيه هو "الغدر" وهل هناك أنذل من سلوك الغدر، خصوصا عندما قال انه صادر من جهة وضع ثقته فيها، دون أن يسميها، وهل يحتاج أصلا لتسميتها، فالوقائع كانت مكشوفة ومتسلسلة للرأي العام، غير أن ماخفي قد يكون أطم، ومن يعرف الرجل عن قرب، يدرك أنه كان لايبوح بأسراره، ويفضل كتمانها، حتى أن هؤلاء المقربين منه، تفاجأوا لما قرر اعتزال السياسة وتوثيقها بخط يده، وحديثه عن الغدر، مما يبين أن حالته النفسية كانت جد متدهورة، رغم أن المتتبع لمساره الحزبي، سيدرك أن  الرجل كان يتمتع بصلابة وقوة شخصيته، وهو ما برز من خلال عدد من الضربات التي تلقاها، كان يدير لها ظهره، ولكن طعنة سحب التزكية منه، جعلته يواجه قرار وهبي وجها لوجه، والله أعلم بما كان الاتفاق بينهما، عندما قرر بلفقيه تقديم استقالته من حزب الاتحاد الاشتراكي والترشح باسم حزب الأصالة والمعاصرة في اقتراع 8 شتنبر 2021، محافظا على كتلته الانتخابية في جهة هي باب الصحراء، محققا تصدر النتائج.
لحد الساعة لم يصدر أي بلاغ رسمي؛ ويبقى الراجح أن بلفقيه راح وراحت معه أسرار، أسرار يعلمها جيدا المحامي عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب "التراكتور" بعد أن تقاسمها معه في مكان ما ومنذ أشهر قبيل الإعلان الرسمي عن النزوح الجماعي لحزب "التراكتور".
بين 1974 و2021، عاش عبد الوهاب بلفقيه: ينحدر من جماعة أيت عبد الله بسيدي إفني، ينتمي لقبيلة أيت باعمران، تلقى تعليمه البسيط، بالمنطقة، واشتغل مبكرا ليكون معيلا لأسرته المشهود لها بالكرم والعلم والشجاعة، وهو ما ورثه منها في حياته، مضيفا إليها المال والجاه. منذ صغره كان الطموح بين عينيه، مما جعل مساره المهني والحزبي والاجتماعي يترقى بشكل ملحوظ، حتى أصبح مرجعا في صنع الخريطة السياسية في جهة كلميم واد نون، مستعينا بعلاقاته المتشعبة أفقيا وعموديا، مهنيا وأسريا وقبليا. وما نتائجه الحزبية في الاستحقاقات الانتخابية إلا خير دليل، فالرتبة الأولى كانت من نصيبه، مهما كان لونه الحزبي، (الاتحاد الاشتراكي، الأصالة والمعاصرة).
مع ظهوره الكثير في جهة واد نون وتقلده مناصب رئاسة مجلسها البلدي، وقبل ذلك مجلسها الإقليمي، ثم مستشارا برلمانيا، وعضوا في مكتب مجلس المستشارين، شغل الراحل أنصاره السياسيين وخصومه على حد سواء، مشكلا حالة استثنائية في علاقته مع جميع الفرقاء الحزبيين من المستشارين الجماعيين إلى الوزراء في الحكومات المتعاقبة، ودخل أيضا في خصومات كثيرة مع وزراء وعمال وولاة، وإن لم يكن يخرج منها منتصرا، فلم يكن منهزما، لتبقى الأوضاع على ما هي عليه، مراهنا على حضوره الدائم في جهة كلميم واد نون، مما جعل حزب الاتحاد الاشتراكي يعول كثيرا على قوة الراحل بلفقيه  في صناعة المشهد الانتخابي بالأقاليم الصحراوية..
ارتبط اسم الراحل بلفقيه، بعدد من الملفات موضوع تحقيقات قضائية  بشأن تدبيره الجماعي لبلدية كلميم، بالمقابل ربح عددا من الملفات في مواجهة خصومه.