الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: إلى المنتخبين الجدد.. عليكم "بتوعية" المواطنين قبل "تعليفهم"

محمد الشمسي: إلى المنتخبين الجدد.. عليكم "بتوعية" المواطنين قبل "تعليفهم" محمد الشمسي

أيها الرابحون في الانتخابات، أيها الظافرون بمغانم وزارية، يا عمداء المدن ويا رؤساء الجهات ويا رؤساء مختلف المجالس الترابية...

 

"خوضوني على قد عقلي"، واسمعوا وصيتي، فقد قيل أنه يضع سره في أضعف خلقه، إني وجدت وعودكم للمواطنين تقوم كلها على الدعم المالي، تعدون الناس بالتخفيف عنهم من أهوال الزمن، ومرارة لقمة العيش، ومن غلاء الأسعار، وخفض البطالة، ورفع الرواتب، وهذا مطلوب، لكني لم أجد في وعودكم مساحة للرفع من منسوب الوعي والمعرفة لدى الناس، فغالبية الشعب، وأنتم الأعلمون، تعيش هشاشة معرفية، وهزالا علميا يعيق قدرتها على التحليل وفك الخطاب، بل تحشرها في زاوية تتحول فيها إلى بلهاء ساذجة تهيم في كل واد مع الهائمين بلا روية، وأولى غرف علميات الإصلاح  تنطلق من المدارس، حتى توقفوا إنتاج الأجيال المعطوبة، فعليكم أن تحدثوا ثورة في بنايات تلك المدارس وفي وبرامجها واستعمال زمنها، بل وفي ألوانها وتصاميمها، وشكل حيطانها وفي قضبان أبوابها،  فتبرمون اولا عقد صلح مع المعلم والمعلمة، وليس عقد عمل مؤقت، فالمعلم نستأمنه على شعب وهو ليس صانع أحذية، ولا بائع أفرشة، اعطوه حتى يرضى ليُقبِل على تعليم الأجيال من الأعماق، ولا ترغموه على هدر طاقته في الصياح في الشوارع لتحقيق مطالبه، بل أفحموه بتلبيتها، ليتفرغ ليس فقط لإتمام المقررات الدراسية، بل لتلقين قيم المواطنة والصدق والحب والكرم والشجاعة والضمير، وهي قيم توشك أن تختفي ويحل محلها الكره والتطرف والغلو،  فلا يمكن لمعلم أسال البوليس دماؤه في الشارع في وقفة سلمية، أن يحدث رجال الغد خيرا عن الدولة ومؤسساتها، وأحرقوا تلك البرامج الدراسية التي ترسخ للغباوة والحماقة والجهل، واجعلوا التلميذ شريكا وليس جنديا مأمورا، وعلموه مفهوم الدولة والحزب والشعب والنقابة والحكومة والبرلمان والجهة والجماعة والعمالة والإقليم، ومعنى النظام ومعنى التنمية ومعنى البيئة ومعنى الانتخابات ومعنى صناديق الاقتراع ومعنى الديمقراطية ومعنى الاستبداد ومعنى الوطن، وأفهموهم ذلك بمختلف أنواع الفنون من مسرح وأناشيد، ولا ترهقوا التلاميذ بأكوام الكتب والمواد فتحولوهم إلى "عطاشة حمالين للحطب"، ابحثوا في دواخل الصغار عن الإبداع فحمار الدولة وقف في عقبة الإبداع، لأن مشاكل الوطن تحتاج إلى مبدع للحلول وليس إلى تغيير في الأسماء والأحزاب كل خمس سنوات، ولا تنسوا انه في  انتخابات 2026 ستصل الملايين لسن الرشد الانتخابي فماذا أعددتم لهم؟..

 

إني أرى كل حكومة تراهن فقط على المال لتحسين ظروف عيش المواطن هي مثل كساب يملك "كوري" يضع فيه عجول التسمين أو "خرفان العيد"، يقتني لها مختلف أصناف الأعلاف... وأرى أن التنمية ومعها الديمقراطية ما لم تكونا مسنودتان بالمعرفة والوعي والعلم ستبقيان مجرد أسطورة وخرافة، فالإنسان بفضل المعرفة والعلم والوعي يمكنه أن يدرك النجاح إذا حصل على خريطته، لكن "عجول التسمين" و"خرفان العيد" ستظل تعلف وتعلف وتسرط  ثم تجتر وتتغوط  حتى يحين وقت بيعها وذبحها...فهناك فرق شاسع بين دولة وبين إسطبل، وفرق بين توعية وبين تعليف، وفرق بين إنسان وبين ....

 

وإلى الوصية الثانية من وصايا مواطن ضعيف...