الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: إسقاط الفساد تحول إلى شعار انتخابي

رشيد لزرق: إسقاط الفساد تحول إلى شعار انتخابي رشيد لزرق
نعيش الزمن الانتخابي الراهن وقد تمكن داء فقدان الثقة في السياسيين من جسد المنظومة الحزبية. وهنا نطرح التساؤل من جديد: هل التنافس السياسي حاصل على“مصلحة المغرب العليا ”كما تدعي الأحزاب؟ أم أن الانتخابات مجرد ديكور شكلي يخفي دهاليز تقسيم غنائم الحكومة المقبلة!؟.
القاسم الانتخابي هو آلية تقنية الغاية منها ضبط عدالة انتخابية في توزيع المقاعد؛ إذ تم تغيير القاسم الانتخابي على أساس الأصوات المعبر عنها الصحيحة إلى اعتماد قاسم انتخابي على أساس المسجلين، أما بخصوص الجماعات الترابية فقد شهد تغير لإلغاء العتبة؛ كل هذا بغية تجاوز واقع القطبية الجوفاء. أما الاستحقاقات الثلاث: الجماعية، الجهوية، التشريعية في يوم واحد؛ فإن ذلك يمكن أن يساهم في تسييس المجتمع وتجاوز إهدار الطاقة والمال بالنسبة للأحزاب السياسية، وإن كان ذلك يبقي عملا شاقا على وزارة الداخلية باعتبارها الهيئة المشرفة على الانتخابات
إن تسمية الأمور بمُسمياتها، يقتضي الإقرار أن المنظومة الحزبية بحاجة إلى رجة حقيقية غير مُصطنَعة، رجة مدخلها الأساس إسقاط الفساد قبل أنْ يُسْقِطَ الوطن المغربي. لكون العديد من المؤشرات تشير إلى استحالة بلورة وتطبيق نموذج تنموي جديد، عبر التمديد لنخبة حزبية بالية وفاشلة هي التي ترعى الفساد. بل وقد كانت وسيلتها غير مشروعة للوصول للمؤسسات المنتخبة.
ويمكن الجزم أن البروفايلات الحزبية المطروحة لا تمكن الوطن المغربي من الوصول إلى مؤسسات منتخبة ذات مصداقية. ولعل ضمور الديمقراطية الداخلية لدى الأحزاب كان له وقع جسيم على مصداقية الاستحقاقات الانتخابية الجارية. وبات مطلب إعادة الثقة يقتضي لزوما تفعيل مبادئ الديمقراطية التشاركية وإحداث انفصال ظاهر مع الممارسة السياسية الحزبية بشكلها الحالي.
ولا ننسى أن تعطيل أحكام الدستور المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة، قد جعلت العرض السياسي في اتصال مع إشكالية تقادم النخب التي نهلت من ثقافة المزايدة والريع دون إنجازات تدبيرية. بل أعاقت مسار أملنا الكبير في تحقيق الطموح الجماعي ببلوغ مصاف الدول الديمقراطية الصاعدة.
بعد أن تأخر قطار الإصلاح الحزبي الديمقراطي، نتيجة تحويل عبارة: إسقاط الفساد إلى شعار انتخابي، تردده حناجر نخبة سياسية فاشلة، قد دأبت على تحويله إلى شعار استهلاكي في سياق الحملة الانتخابية المُضلّلَة. إذ لم يكن حامله الحزبي قادرا على تجسيده ميدانيا. وذلك نظرا للفشل الحكومي في التعامل مع هذا المدخل التنموي المبين.. فشل نخبة الديمقراطية التمثيلية في محاربة الفساد الذي اخترق مرافق الدولة في ظل إقرار غير معلن بالعجز عن محاربته.
الإشكاليات المطروحة تتجاوز الحديث عن إهدار المال العمومي في تزكية العبث الإنتخابوي والتوريث غير الدستوري، بل الأمر يتعداه إلى مقاربة سؤال الديمقراطية التي لا تستقيم دون تفعيل المحاسبة. إذ إن المنظومة الحزبية الحالية هي التي تسببت في الفشل التنموي وفي انحسار مسار التحول الديمقراطي الكبير، ولا يعقل أن نَتهوّر بنسف المشروع التنموي الجديد عبر إدخاله في دوامة النخب المسؤولة عن فشل النموذج القديم. لأن الغرض الوطني من دسترة الاختيار الديمقراطي كان وسيظل تجديد فرص الإنجاز الإصلاحي وليس تأبيد القرار الحكومي بيد أحزاب المداورة والمخاتلة. فطالما هناك خطأ مرصود فلا بد من الوقوف على محاسبة الجناة.