السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الإله حسنين: التربية على الديمقراطية

عبد الإله حسنين: التربية على الديمقراطية عبد الإله حسنين

إن حركة الطفولة الشعبية حين نظمت المؤتمر الفكري الوطني الأول حول التربية والديمقراطية تكون قد دخلت تجربة فريدة على مستوى العالم العربي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى المغرب، تجربة الفصل بين ما هو فكري وما هو تنظيمي حتى يتسنى لأطرنا ومناضلينا والمسؤولين عن الشأن التربوي ببلادنا التفكير والتأمل بعمق في القضايا التربوية والفكرية خارج الضغوط الزمنية والتنظيمية، وبكل تواضع واعتزاز أيضا نسجل أن هذا المؤتمر الذي انعقد بمدينة الرباط في مارس 2009 تحت شعار "التربية والديمقراطية" ليس ترفا فكريا ولا تمرينا نظريا بل إضافة نوعية راقية إلى كل البرامج والتجارب والممارسات التي راكمناها طيلة الخمسين سنة الماضية.

 

واعتبر هذا المؤتمر تعبيرا عن حاجة أساسية ومهمة، وهي الاستمرار في طرح القضايا التربوية المرتبطة بمجتمعنا، والتفكير فيها بشكل جماعي وبصوت مرتفع، وهي كذلك العمل على بلورة الأجوبة المشروعة للأسئلة والرهانات المطروحة علينا. ففعلنا كحركة تربوية تعير أهمية قصوى للتطور الاقتصادي والاجتماعي وللتقدم التربوي والتعليمي ببلادنا لا يقتصر فقط على التنشيط والترفيه بل ينطلق أساسا من اعتماد الممارسة الديمقراطية في كل العمليات التربوية والتنشيطية والترفيهية والتثقيفية، لتمكين الطفل الناشئ من اكتساب القواعد الديمقراطية والضوابط الأخلاقية والقيم الإنسانية الرفيعة التي تساعده على التربية على المواطنة وعلى العمل من أجل مجتمع أكثر ديمقراطية.

 

إننا إذ نؤكد على أن هاجس الديمقراطية والتربية عليها قائم ليس لدينا فقط في أعمالنا وأنشطتنا، بل تشترك فيه كل مؤسسات المجتمع وبصفة خاصة تلك المسؤولة عن مختلف عمليات التنشئة الاجتماعية من عائلة ومدرسة وإعلام ووقت حر، إلا أنه من اللازم علينا البحث عن إطار للتكامل بين أداءاتها، إطار دستوري أكثر فاعلية يعمل على بلورة السياسة العامة لقطاعي الطفولة والشباب.

 

إن فعلنا الرئيسي هو الاهتمام بأوضاع الطفولة ببلادنا والنضال المستمر من أجل الرفع من مكانتها وتفعيل كافة حقوقها على أرض الواقع، "مساعدة الأطفال المحتاجين على نموهم وتحسين أوضاعهم في الميدان الصحي والثقافي والاجتماعي حتى يصيروا رجالا نافعين وصالحين"، إلا أن ذلك لم يعد كافيا، لابد لنا من الاستمرار في فسح المجال للطفل للتعبير عن رأيه بكل حرية، مع الإنصات للآخرين وتشبعه بثقافة الحوار، إن حصيلة فعلنا التربوي وإن ساهمت في تكوين مواطنين لتحمل مسؤولياتهم الكاملة في المجتمع، برهنت على أنه يحتاج اليوم إلى عمل إضافي، شاق، يومي ومستمر للرفع من وثيرة أدائنا وللانتقال من مجال التربية الحية إلى مجال التربية على الديمقراطية وحقوق الإنسان الجسر الرئيسي والأساسي للتربية على الديمقراطية.

 

إننا نعتبر ممارسة الديمقراطية كاختيار وليس توافق اضطراري أي كسلوك وممارسة هو الكفيل بتطوير مكانة المواطن في مجتمع تواق للتقدم والتغيير والحداثة، إن الديمقراطية لدينا هدف وغاية ووسيلة وأداة، ومن هنا نوجه نداء لشباب المغرب وشباب حركتنا وآباء أطفالنا للانخراط في الشأن العام واستغلال فرصة تخفيض سن الترشيح والدفع ومساندة العناصر المتنورة من شبابنا للولوج إلى العمل الجماعي وضم صوتنا للفاعلين المحليين لما فيه خير العمل الجمعوي الجماهيري الذي هو دعامة المجتمع المدني وخير ناشئتنا التي هي آمالنا لمستقبل مشرق ووضاء.

 

إننا نوجه نداءنا لتنظيماتنا من أجل ممارسة الديمقراطية في كل فعالياتنا وأنشطتنا ولأطفالنا للانخراط في مجالس التدبير في المؤسسات التعليمية التي يتعلمون بها، وكذا مجالس دور الشباب من اجل إيصال صوت الحركة ومبادئها، وبنفس المناسبة يجب أن نعمل على دعم ممارسة الحوار كممارسة طبيعية نحو ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان والمرأة والطفل والمواطنة الحقة وكمدخل رئيسي للديمقراطية داخل المجتمع واعتماده كممارسة يومية والقيام بدورنا مع كل مؤسسات المجتمع من أسرة ومدرسة، والتفكير في إبداع أشكال متقدمة وفعالة من الاستماع والوساطة خصوصا لحماية الأطفال من التعنيف والعقاب الممارس ضدهم.

 

ومن هذا المنطلق كذلك نقترح على كافة فروع حركتنا تأسيس أندية للشأن العام تهتم بقضايا الطفولة في المجال الذي تنتمي له وتناقش مع الفاعلين والمتدخلين الآخرين كل القضايا الحياتية المطروحة في الجماعة المحلية، حيث يكون هذا النادي برلمانا مصغرا يرمي إلى إعلاء صوت الطفولة وصولا إلى صيغة متقدمة للتنسيق من أجل تحسين الواقع وضمان مستقبل متكافئ الفرص للجميع...