الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

صبري: المفاتيح السبعة لعدم قانونية ترحيل المهاجرين القاصرين إلى المغرب

صبري: المفاتيح السبعة لعدم قانونية ترحيل المهاجرين القاصرين إلى المغرب صبري الحو
إن اتفاق إسبانيا والمغرب على إرجاع وترحيل 700 مهاجر مغربي قاصر من غير المرافقين، الذين عبروا إلى سبتة ما بين 18 و19 ماي 2021، وقبول المغرب بتنفيذ ارجاع هؤلاء عبر جماعات من 15 مهاجرا قاصرا في كل يوم عبر معبر تاراخال، هو اتفاق يخرق القانون في كل تجلياته، ولربما تحكمه غايات سياسية في إطار رغبة الجانبين، إسبانيا والمغرب لرأب الصدع والشرخ في العلاقات الدبلوماسية وتجاوز الأزمة التي نتجت عن استقبال زعيم البوليساريو للاستشفاء بهوية مزورة.
1- المصلحة الفضلى للطفل
هذا الاتفاق والترحيل يخرق القانون الدولي لحقوق الانسان، والقانون الدولي للهجرة، وخاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989، التي صادق عليها المغرب واسبانيا، وتم نشرها في الجريدتين الرسميتين للبلدين، وأصبحتا قانونا وطنيا يجب احترامه.
ووجه الخرق والانتهاك لمقتضيات هذه الاتفاقية يتجلى في عدم الاهتمام ولا البحث في المصلحة الفضلى للطفل، وتدخل الطفل الشخصي في تحديد هذه المصلحة عبر الاستماع إليه بصفة قانونية تحترم إرادة الطفل وفي التعبير عنها بواسطة إجراءات ومسطرة قانونية دقيقة. بما فيه الاستعانة بمترجم قانوني باللغة التي يفهمها الطفل.
وهذا الحق لم يتم احترامه، وتم التغاضي عنه تحت مبررات ومسوغات إرجاع الطفل إلى محيطه العائلي والاجتماعي، وفق ما عبر عنه وزير الداخلية الإسباني"مارلشكا كراندي"، رغم أن القانون الدولي لحقوق الإنسان وحقوق الطفل افترض هذه الظروف وفاضل بينها وبين مصلحة الطفل وحقه في تحديدها، ورجح في النهاية قرار الطفل في تحديدها.
 
2- الترحيل الجماعي
كما أن المغرب واسبانيا خرقا ايضا اتفاقية حقوق وحريات المهاجرين وافراد أسرهم لسنة 1990، التي تمنع الترحيل الجماعي، ولا شك أن ترحيل 15 مهاجرا قاصرا يوميا يعتبر في حد ذاته ترحيلا جماعيا، وهو خرق لهذه الاتفاقية، وخاصة من جانب المغرب الذي يقبل بذلك رغم مصادقته على تلك الاتفاقية ونشره في جريدته الرسمية، على الأقل في ظل عدم مصادقة إسبانيا على تلك الاتفاقية إلى الآن.
3- الدستور الاسباني
لا يشفع لإسبانيا لجوءها إلى الترحيل الجماعي عدم مصادقتها على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وأفراد أسرهم الاجتماعي، لأن دستورها يعطي الأولوية للضمانات القانونية الملازمة للمساطر القانونية بما فيه مسطرة الترحيل، وقانونها الوطني يعزز ذلك، وخاصة قانون حقوق وحريات الأجانب واندماجهم الاجتماعي وقانونها التنظيمي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان التي تمنع الترحيل الجماعي مادامت تلك الممارسات منافية للقانون الدولي للهجرة وحقوق الإنسان.
4- اتفاقية 2007 لترحيل القاصرين
تتذرع الحكومة الاسبانية على اتفاقية 2007 لترحيل المهاجرين المغاربة القاصرين غير المرافقين الموقعة بين المغرب وإسبانيا، والتي كان موضوعها قبول المغرب بترحيل المهاجرين القاصرين غير المرافقين، وهذه الاتفاقية سبق في تاريخ التوقيع عليها ان علقنا عليها بأنها مخالفة للقانون الدولي في عدم أخذها بعين الاعتبار البحث عن المصلحة المثلى للطفل وضرورة الأخذ بعين الاعتبار اختيارات الطفل المعبر عنها بصورة صحيحة واحترامه.
ومع ذلك وبغض النظر عن الانتقادات الموجهة لتلك الاتفاقية، والتي جعلت المغرب لم ينشرها اصلا، واشتكت اسبانيا مرارا من عدم تعاون السلطات المغربية لتنفيذها، فإن تأطير الترحيل الحالي بناء عليها طاله أيضا خرق لمقتضيات هذا الاتفاق، لأنها تتضمن شروطا دقيقة من قبيل تحديد هوية القاصر والتعرف على مكان إقامة والديه وإعلامهما وتقديم وثائق عن ذلك أثناء عمليات الترحيل، ودائما في إطار احترام المصلحة الفضلى للطفل وتحت المراقبة القضائية.
5- إجماع حقوقي وسياسي في المعارضة كما في الحكومة لانتقاد ترحيل المهاجرين المغاربة القاصرين؛
وهو مالم يتم التدقيق فيه ولا كفالته من طرف إسبانيا بحيث أن أحد قادتها صرح أن هذا البحث من اختصاص الحكومة المغربية، والحال ان البحث في الهوية ومكان اقامة العائلة واختيارات الطفل من صلاحيات والتزام دولة اسبانيا بمقتضى اتفاقية 2007 المستند عليها.وقد انتقدت الجمعيات الحقوقية الاسبانية هذا الاجراء، بل ان الحزب الشعبي الذي يقود المعارضة انتقد بدوره ذلك، وامتد إنتقاد هذه الممارسة الى حزب بوديموس الذي يعتبر مكونا من مكونات حكومة اليسار بقيادة الحزب الاشتراكي وطالب بوقف وتعليق الترحيل.
6- القضاء الاداري الإسباني ينتصر للأمن القانوني للمهاجرين ويوقف عمليات الترحيل؛
وقد أوقف أحد قضاة غرفة المنازعات الادارية رقم 1 بسبة اتمام تنفيذ عمليات الترحيل في حق 12 مهاجرا قاصرا مغربيا صباح الاثنين 16 غشت 2021 بيد أنه لم يستفد من مقتضيات هذا القرار الاستعجالي سوى تسع منهم لأن الترحيل بتاريخ صدور القرار تم تنفيذه في حق ثلاثة منهم. وقد تم تعليل هذا القرار بحيثية مفادها أن القانون الإسباني لا يسمح بالترحيل سوى في مواجهة مهاجرين رشداء يتواجدون فوق الاقليم الاسباني في وضعية غير قانونية ولعدم استجماع كل الشروط القانونية بما فيه اصدار قرار اداري بالترحيل.
7- القرار القضائي يفتح الباب لسجال سياسي حقوقي وقانوني في اسبانيا وفي المغرب يسود سكوت مطبق.
ويظهر من هذا القرار القضائي انه لا يعترف بالاتفاقية التي ابرمتها اسبانيا مع المغرب سنة 2007، والتي تسمح بترحيل المهاجرين القاصرين غير المرافقين. رغم اننا لا نعرف اسباب بناء قناعة القاضي الاسباني في صدور هذا القرار؛ هل هو ترجيحه سمو القانون الدولي للهجرة؟ ام احترامه للشرعية القانونية في القانون الاسباني، التي تعطي القوة للدستور والقانون العضوي بما فيه الدولي وضرورة ملائمة ومطابقة القوانين التنظيمية وكافة الاتفاقيات لهما؟ ام فقط لعدم اصدار قرار اداري بالترحيل يمكن تداركه في حق البقية من القاصرين؟
ومهما يكن من اسباب جعلت هذا القاضي ينتصر للشرعية القانونية في القانون الدولي والقانون الاسباني، ويحترم الأمن القانوني للمهاجرين القاصرين، فإنه أحرج وزير الداخلية الاسباني ولم يجد سوى الاتفاقية مع المغرب لسنة 2007 للدفاع عن الترحيل. ويفتح القرار القضائي بابا لجدال سياسي وقانوني في إسبانيا بينما يسود سكوت مطبق وغير مفهوم في المغرب.
 
صبري الحو، محامي بمكناس، خبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء.