الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

هنية بالمغرب.. زيارة من أجل خطوتين إلى الوراء أو لخطوة إلى الأمام؟

هنية بالمغرب.. زيارة من أجل خطوتين إلى الوراء أو لخطوة إلى الأمام؟ لا أرى أي مصلحة لليسار في المغرب من أن لا يقول لحماس ما يجب، إذ أن المنطقي أن يقال لها ذلك وجها لوجه وبدون لف

تفرد أدبيات الفكر السياسي الاشتراكي للثورات الوطنية وضعا لا يتماثل مع وضع الثورات الطبقية، بحيث يعتبر التناقض الرئيسي في الأولى هو الاستعمار والمرتبطين به من الخونة وأعوانه، ولهذا تتجه التعبئة والتنظيم والحشد إلى كل قوى الشعب من اليسار واليمين ومن المتدينين وغير المتدينين ومن الفقراء والأغنياء.

 

لقد كان اليسار المغربي ذو الحمولة الفكرية الاشتراكية يتعامل مع القضية الفلسطينية على أنها ثورة وطنية ولا يتدخل في فصائلها للانحياز لهذا الفصيل أو ذاك ولا يدعو إلى الصراع الطبقي هناك، بل يدعو دائما إلى التوحيد في قوة وطنية ببرنامج حد أدنى لأن الخلافات الأيديولوجية والسياسية الطبقية لن تطرح إلا بعد الاستقلال من المستعمر، ونحن نجد أنفسنا نتقارب فكريا مع البعض منها ولكن لم يؤد ذلك ولن يؤدي لا إلى التنسيق ولا إلى التحالف لأن من يخوض معركة وطنية يفترض ألا يتحالف خارج وطنه، وكنا ننصح الفصائل بألا تدخل في تحالفات خارج وطنها ولا أن تنضم لأية محاور إقليميا أو دوليا لأن ذلك سيجعل حريتها مكبلة، إذ على الجميع دعم ومساندة أي ثورة وطنية ضد المستعمر، ولا يطلب من منها عادة أن تتحالف مع الداعم في قضاياه الطبقية لأن ذلك يجعل الفصائل في عداء مع الدول التي يجري فيها الصراع الطبقي.

 

ما دمنا في اليسار لا ننسق ولا نتحالف مع الفصائل الفلسطينية بل فقط ندعم ونساند، فإن هذا الدعم  يجب أن يصاحبه النقد والملاحظة إذا ما كان هناك ما يمكن أن ينتقد لأن الشعوب التي تدعم لها أيضا مساحات ضيقة أو واسعة يجري فيها الصراع مع الصهيونية العالمية التي تخطط مع كل أذرع الإمبريالية لإدامة استعمار الشعوب بشكله القديم والجديد.

 

صدرت الدعوة الموجهة لحركة حماس لزيارة المغرب منذ حوالي ستة أشهر من طرف الحزب الأغلبي المشكل للحكومة بعد أن صدر عن الحركة نقد لاذع لاستئناف التطبيع مع إسرائيل ووصفه "بالخطيئة". ومعلوم أن هذه الدعوة لا يمكن أن توجه بدون إذن من أعلى مستوى في الدولة. وقد صفها هنية بقوله: "الدعوة برعاية من الملك محمد السادس واحتضان من الشعب المغربي". وفي تتبع خطوات وفد حماس الكبير الذي حل بالمغرب يتضح ماذا كان مرسوما أن يتحقق في ما يتعلق بالشعب المغربي حيث تم التصريح على أن الوفد سيلتقي بالأحزاب السياسية والمجتمع المدني.

 

لا أدري كيف جرت هذه اللقاءات مع الأحزاب السياسية ومع المجتمع المدني التي لبت الدعوة، هل هي لقاءات استعراضية وفولكلورية، أم أنها لقاءات نقاش وحوار حول القضايا المصيرية التي تلتقي حولها استراتيجية النضال العام في المنطقة وتحديد النجاحات والأخطاء والعراقيل، فإذا كان اللقاء للبهرجة وتخصيص النقاش الحقيقي للحزب الموجه للدعوة، ولجهات الدولة -التي لم يظهر لحد الآن غرضها من حماس، هل تنوي الدولة أن تخطو خطوتين إلى الوراء في ما يتعلق بالتطبيع أو أنها تريد أن تفتح أمام حماس سبلا نحو التقدم خطوة إلى الأمام على درب التطبيع ورفع صفة الإرهاب عنها..- فالسليم والمنطقي هو عدم تلبية الدعوة لكن إن كان غير ذلك، فإن كل الفصائل الفلسطينية تعرفنا جيدا وتعرف مواقفنا الصريحة والتي لا تعرف المحاباة والتي لا تنجر للإضرار  بأي فصيل كيفما كان من الفصائل الفلسطينية التي تكافح ضد الصهيونية، وإن اختلفنا مع فكرها أو اتفقنا معه. وفي هذه الحالة الأخيرة لا أرى أي مصلحة لليسار في المغرب من أن لا يقول لحماس ما يجب، إذ أن المنطقي أن يقال لها ذلك وجها لوجه وبدون لف أو دوران.