الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد القادر فلالي: المغرب وإسبانيا..الدرس البيداغوجي

عبد القادر فلالي: المغرب وإسبانيا..الدرس البيداغوجي عبد القادر فلالي
"الصحراء: الوقت مناسب للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية" لويسميشيل وزير الدولة البلجيكي وجاك بروتشي الرئيس الفخري لمجلس الشيوخ البلجيكي.
 
تناقش هذه الورقة علاقة إسبانيا بالمغرب،على أنهامثال حي لكيفية استخدام تكتيكات مافيوزية في العلاقات الدولية لتحقيق مكاسب وتأثير تجاه شريك تقليدي. إزاء ها كذا وضع كان يُعتقد أنه محفوظ في أرفف مخلفات الحرب الباردة، قدم المغرب نهجا ديبلوماسيا مستمدا من عراقة تاريخية منذ المرابطين  والسعديين في كيفية التعامل مع الجار الإيبيري.
 
لوعيها التام بقدرا تالإستخبارات المغربية رفضت ألمانيا طلب الجزائر إيواء مجرم حرب، الأمر الذي قد يقوض نظامها القضائي ويخاطر بصورته في وضع يتناقض تمامًا مع ما تدعي: أي سيادة القانون وفصل السلط وعدم السقوط في سياسة هواتف المغيب.
 
من الواضح جدا أنه بينما يشترك الطرفان في استراتيجية مصالح من أجل مستقبل كلا البلدين والمنطقة، إلا عدم قدرة إسبانيا على الحفاظ بشكل كاف على موقف واضح واعتمدت تكتيكا يكتنفه الغموض والمعايير المزدوجة في اعتقادها أنها مازالت صاحبة الصولة الكولونيالية، الأمر الذي سيكلفها الكثير.
 
هل إسبانيا مستعدة أو لديها الإرادة السياسية للعيش مع المغرب من طنجة إلى لكويرة في مناخ من السلام والأمن والتعاون؟ للمغرب موقف قوي للغاية كلما تعلق الأمربسيادته. هذا الموقف له جذور حضارية، وتاريخية وقانونية عميقة مبنية على مبادئ التعامل بالإحترام المتبادل، والثقة والمعاملة بالمثل.
 
 يجب على إسبانيا أن تتخذ الآن وبشكل استعجالي خيارا أساسيا حول ما إذا كانت ستختار الطريقة الصحيحة للعيش بسلام مع مغرب ذي سيادة ومزدهر. هذه الخطوة تضمن لإسبانيا حفظ ماء الوجه داخليا وخارجيا. لا يمكنها تحمل المزيد من ارتكاب الأخطاء التي تعرضها لانتكاسة في وضع جد دقيق يهدد بقاءها ووجودها الحكومي والحزبي.
 
قد يكون جزء مما وصلت إليه العلاقات بين المغرب وإسبانيا من مخلفات الحرب الباردة، لكنه سيُشكل حيتما
المستقبل الذي يزدهر فيه المغرب.
 
الاتحاد الأوروبي له مصلحة مشتركة في تعزيز الاستقرار والثقة، الشفافية والتعاون في التنمية الإقليمية والأمن مع المغرب. سيعتمد تحقيق هذا الهدف على الطريقة التي تتعامل بها إسبانيا في التعاطي مع الأخطاء الكبيرة مع نفسها أولا ( الصورة المشوهة لسلطتها القضائية) مع الاتحاد الأوروبي ثانيا(معايير العضوية الأوروبية مع إسبانيا منذ عام 1982). إعادة العلاقات مع المغرب يتطلب من إسبانيا إثبات توفير مناخ إعادة الثقة والتحلي بالشجاعة الدبلوماسية لنفض غبار قواميس الحرب الباردة.
 
إن أي استبيان سريع للمغرب يشير إلى أن سيادته عنصر أساسي في الحياة اليومية المغربية. وفي المقابل يمكن القول إن التحدي الأكبر الآن هو صعوبة إسبانيا تقدير تكلفة أخطائها بدقة وعدم وفائها المحافظة على التزاماتها مع المغرب. الجانب الأكثر إيجابية في ضل التوترات بين إسبانيا والمغرب هو المدىالذي أعاد فيه هذا المنعرج شموخا في الديبلوماسية المغربية أمام أعتد القوى خاصة ألمانيا.  حيث إنأحد القواعد الأساسية لنجاح الدبلوماسية يتأتى من خلال الإشارات والاتصالات الواضحة، أمور فشلت إسبانيا في القيام والوفاء بها.
 
قد يكون أهم درس تلقته إسبانيا حول الدخول السري لغالي إلى أراضيها وتزوير الوثائق هو تحويل هذه الأزمة لتصميم مستقبل الاستقرار والازدهار في البحر الأبيض المتوسط ​​وجنوب الصحراء. إسبانيا مجبرة على توضيح مصالحها المشتركة والمخاطر والمكاسب التي يجب تحقيقها في حالة خسارة أهم شريك استراتيجي في المنطقة.
 
زمن الغموض ولىولن ينخدع المغرب بتكتيكات الحد الأدنى من الشفافية والثقة. عدم تقدير إسبانيا للدورالذي  لعبه المغرب في اللحظات الحاسمة في إسبانيا حين تضررت البلاد بشدة في عز الأزمة الاقتصادية وانفجار فقاعة العقارات في عام 2008. في ذروة تلك الأزمة ، في أوائل عام 2013 ، اقتربت البطالة من 27 ٪ حيث هاجر الأسبانبأعداد كبيرة بحثا عن عمل في الخارج وفي المغرب. حين أصبح الفرد الإسباني  غير قادر على السدادرهنهم العقاري ، تم طردهم من منازلهم. حينها قدم  الملك محمد السادس  حزمة مساعدات لتقليص تأثير الأزمة الاقتصادية إبان حكومة "ماريانوراخوي"
 
إسبانيا مدعوة الآن إلى تحديد قراراتها بوضوح  الأمر الذي يساعدها على تقديم سجل نظيف عند التعامل مع المغرب.
 
عبد القادر فلالي/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوتاوا، رئيس مجموعة تفكير PoliSens