الجمعة 17 مايو 2024
مجتمع

الخيام: هذا هو بروفيل الإرهابي الذي تنتجه ماكينة الهجرة بأوروبا

 
 
الخيام: هذا هو بروفيل الإرهابي الذي تنتجه ماكينة الهجرة بأوروبا

بعد أحداث برشلونة الأخيرة التي سقط ضحيتها 16 شخصا وعدد كبير من الجرحى، و تورط فيها إرهابيون من أصول مغربية، شنت عدد  الجرائد الأوربية حملة ضد المغرب محاولة منها ربط منفذي العمل الإجرامي بالمغرب، الأمرالذي  جعل عدد من المسؤولين المغاربة يردون بقوة على هذه الهجمة الشرسة.

عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بدوره فند أطروحة بعض المنابر الإعلامية المتحاملة على المغرب، إنطلاقا من تأكيده أنه من غير الصواب إطلاق اتهامات تجاه بلدان قام أحد مواطنيها باعتداء إرهابي في دولة أخرى، وإرجاع ذلك إلى أصوله وجنسيته. وحذر الخيام في حوار مطول مع يومية "الأحداث المغربية" عدد يوم الإثنين 4 شتنبر 2017، من الإرهاب المعكوس، مشددا على أن التنسيق المغربي الإسباني مر إلى مرحلة أخرى دفعت بالمصالح الأمنية إلى اتخاذ إجراءات جديدة. "أنفاس بريس" تنقل أبرز ما جاء في كلام عبد الحق الخيام:

"أعتقد أنه من غير الصواب إطلاق اتهامات تجاه بلدان قام أحد مواطنيها باعتداء إرهابي في دولة أخرى، وإرجاع ذلك إلى اصوله وجنسيته. عدد من الأشخاص المتورطين في هذا الاعتداء، وايضا في اعتداءات أخرى بفرنسا وبلجيكا، هم فعلا من اصول مغربية، ولكن هل تم استقطابهم داخل المملكة المغربية في غفلة من مصالح الأمن؟ لا اعتقد ذلك.

هؤلاء الشبان رحلوا إلى إسبانيا في سن مبكرة تتراوح بين أربعة أشهر وخمس سنوات في إطار التجمعات العائلية والتحقوا بأبائهم، الذين سافروا في وقت سابق إلى أوربا، بعد أن أمضوا سنوات طفولتهم ومراهقتهم بدول المهجر، الأكثر من ذلك كانوا كلهم قبل سنة يعيشون حياة منفتحة ويتعاطون استهلاك المخدرات، قبل ان يتم تجنيدهم، والشخص الذي استقطبهم كان يعمل إماما بأحد المساجد في إسبانيا ، وكان هو ايضا معروف في مجال الجريمة، بحيث كان متهما سابقا بتجارة المخدرات وسبق للسلطات المغربية والبلجيكية أيضا أن نبهت لنشاطه، ورغم ذلك تمكن  من أن يفتح مسجدا عشوائيا وقام بغسل دماغ الشبان الذين نفذوا عملية برشلونة.

وتفسير ذلك هو أن دول المهجر همشت هؤلاء الشباب، ولم تنجح في إدماجهم . كما أن هناك تهميش من الناحية الدينية، إذ بالنسبة لي فإن مواجهة  الإرهاب من الزاوية الامنية وحدها غير كافية . الدليل على ذلك هو أن المغرب تنبه بعد تفجيرات 2003 إلى هذا الأمر، وأنجز استراتيجية ثلاثية الأبعاد دينيا واجتماعيا وأمنيا هذه الأخيرة تتضمن تقوية الجانب الأمني بدءا بالبطاقة وجواز السفر البيومتريين وشرطة القرب وفرق حذر، وصولا إلى المكتب المركزي للأبحاث القضائية، ووضع وتحيين النصوص القانونية الخاصة  بمحاربة الإرهاب ، بحيث إن المشرع هو الأخر عمل بأسلوب الضربات الاستباقية الذي يعمل به الأمن، وذلك من خلال قيامه بتعديلات على قانون الإرهاب في 2014، ووضع نصوص جديدة تعاقب كل من التحق ببؤر التوتر ثم عاد إلى المغرب.

الوضعية نفسها عاشتها إسبانيا بحيث إنها هي الأخرى عرفت أحداثا إرهابية سنة 2004، خلفت العشرات من الضحايا، وهو ما دفعها شانها شأن المغرب إلى تطوير آلياتها الأمنية ، لكنها لم تعمل بالاستراتيجية الثلاثية الأبعاد التي أبدعها المغرب، والتي تضم الجانب الأمني والديني والاجتماعي. الجميع يعلم أن الأشخاص الذين نفذوا اعتداءات الدار البيضاء 2003، تم استقطابهم والتغرير بهم من طرف مشايخ السلفية الجهادية، الذين لقنوهم إيديوليوجية العنف التي حولتهم إلى قنابل انفجرت وسط المدينة، وهو ما دفعنا إلى إعادة هيكلة الحقل الديني،  بل أكثر من ذلك تمت مأسسته منذ ذلك الوقت، فهناك المجلس العلمي الأعلى الذي يضم العلماء، والذي يشرف على تكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات ويراقب خطب المساجد، كما تمت محاربة المساجد العشوائية ،وكذلك الشأن من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، من خلال محاربة الفقر والهشاشة.

للأسف الشديد، رغم الكفاءة الأمنية العالية الإسبانية وفعالية التنسيق مع أجهزتنا الأمنية، فإنهم لم يواكبوا تطور الجالية المسلمة من الناحية الدينية، علما أن هذه الجالية لها طقوسها وعبادتها، التي يجب تتبعها بتهيئ مساجد مؤسسة لأداء العبادات، وهنا تتضح نجاعة التجربة المغربية في  المجال الديني، والتي أصبحت نموذجا للإسلام المالكي السني المتفتح الذي لا يدعو للعنف والقتل، والذي طلبت العديد من الدول الاستفادة منها، وبالتالي كان من الضروري على السلطات الإسبانية أن تحذو هذه الدول، وهذا ما ستتم مناقشته في سلسلة اللقاءات القادمة، حتى تسير في خط متوازي مع التنسيق الأمني الذي مر إلى مرحلة جديدة وتم رفعه إلى أعلى مستوى".