الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: إسبانيا.. الانهيار السياسي والأخلاقي !!!

نوفل البعمري: إسبانيا.. الانهيار السياسي والأخلاقي !!! نوفل البعمري
قد يعتبر البعض هذا العنوان صادما لكنه يحمل الكثير من الحقيقة، حقيقة التحولات التي أدت بإسبانيا إلى أن تُنهي عهد النموذج الذي ظل الجميع ينظر إليه كنموذج سياسي و دىموقراطي يمكن أن يكون نموذجا مغريا للعديد من البلدان للسير مثله و  على نفس المسار الديموقراطي، لكن يبدو أن كل هذا المسار الذي تابعه الجميع انتهى في نهاية المطاف بنموذج اسباني "ممسوخ"، مشوه، لا ينظر في الجنوب حيث يوجد المغرب و باقي الدول الإفريقية إلا بمرجعية استعمارية فرانكوية، الذي يبدو أنه لم يمت و قد تم استدعائه من جديد ليرسم ملامح علاقته بجيرانه يطبعها الطعن من الخلف و الخيانة. 
نعم،فرانكو لم يمت هو حي الآن يحكم إسبانيا ويريد رسم دبلوماسيته مع المغرب بنظرة فوقية لم ترى في المغرب غير البلد الذي يمكن صفعه على خده، متناسيا أن المغرب عقيدته غير مسيحية وغير مؤمن بمقولة " اذا صفعك على خدك الأيمن أدر له خدك الأيسر" بل المغرب اليوم رسم سياسته الخارجية اذا ما حول البعض ممن لهم حنين لعهد استعماري صفعه فلينتظر الرد الحازم، الصارم، الواضح كوضوح مواقف المغرب على المستوى الخارجي. 
فرانكو لم يمت و قد أعاد للأسف بيدرو سانشيز استدعاء روحه ليمد يديه لتنظيم مليشياتي مسلح أعلن الحرب على المغرب، فلم تكتفي بذلك ولاستقباله بجواز وسفر مزورين بل قبلت توقيع منشور باسمه وهو على التراب الاسباني يمجد فيه الفوضى والتخريب في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ويشيد بالحرب على المغرب رغم افتراضيتها، إسبانيا بقبولها صدور هذا البيان بمناسبة عيد الفطر تكون قد شاركت في العدوان على المغرب، واستهدفته وحولت المستشفى الذي يقيم فيه المجرم بن بطوش إلى مركز عمليات سياسي ومليشياتي، بالمقابل هي نفسها إسبانيا التي شنت الحرب على ايتا ونظمت لنشطائها محاكم وصفت للأن بأنها مفتقدة لأدنى شروط المحاكمة العادلة و هي من قتلت عناصر ايتا وواجهتهم بالسلاح والذخيرة بدعوى أن ايتا تنظيم مسلح، بهذا المنطق كيف تقبل تواجد زعيم تنظيم يشهر السلاح في وجه المغرب، ومطلوب للعدالة الإسبانية؟! هذه العدالة التي أصبحت رهينة لدى صُناع القرار السياسي الإسباني ولم تعد تلك العدالة التي تغنت بها إسبانيا و أروبا في تاريخ قريب، فقد برهنت واقعة بن بطوش أن العدالة الإسبانية أصبحت رهينة القرار السياسي، متحكم فيها و متخلفة، تصدر قرارات متضاربة محكومة بهواجس سياسية و حكومية. 
إسبانيا اليوم، هي إسبانيا القديمة، إسبانيا ما قبل 1975،عادت لروحها الفرنكوية، اكتفت فقط بتجديد وتم تجميل صورتها وخرجت علينا بلغة ناعمة تحمل السم في العسل، بيدرو سانشيز خرج للتعليق على ما حدث من هجرة جماعية لسبتة المحتلة بأنه يريد شراكة مع المغرب، فمن يريد الشراكة يجب أن يتصرف بمنطق الشريك، بمنطق الند للند، بمنطق الصديق والجار الذي يُفترض أنه تربطه معنا علاقات تاريخية واقتصادية وثقافية طويلة وقوية، لكن رئيس الحكومة وببلادة سياسية وضع كل هذه المصالح الكبيرة في نفس كفة مجرم مطلوب للعدالة متهم بجرائم جنسية و اعتداءات خطيرة و أعمال إجرامية تُصنف ضمن دائرة الجرائم الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني والتي يجب وضع المتهمين بهذه الجرائم تحت تصرف ونظر المحكمة الجنائية الدولية،لا أن يتم حمايته و تهريبه من القضاء الوطني الإسباني. 
إسبانيا التي ظلت تقدم نفسها كدولة أوروبية حديثة، أظهرت وجهها البشع، المتخلف و هي تعامل المهاجرين الغير الشرعيين نحو سبتة المحتلة بالعصي،و تضع القاصرين الأطفال و هم شبه عراة في مشاهد تدين إسبانيا بموجب اتفاقية حقوق الطفل في حي معروف ببيع السلع بالجملة، و تضع الآخرين في ملعب لكرة القدم، و تواجه الباقي بالغازات المسيلة للدموع،و تعتقل صحفية مغربية تواجدت في مدينة سبتة التي هي في الأصل مغربية و إفريقية بقوة الجغرافيا و التاريخ مع العلم أن المغرب تعاطي بنوع من التسامح مع مراسلة القناة الأولى الإسبانية التي توجهت للفنيدق َ قدمت تغطية إخبارية لقناتها بكل حرية، إسبانيا التي قامت بمواجهة المهاجرين الغير النظاميين بالقنابل المسيلة للدموع و حركت جيشها لمواجهة المهاجرين في مظهر يعكس فشل أمني إسباني كبير،فعل كانت تنتظر بعد كل الذي قامت به اتجاه المغرب أن يقوم هذا الأخير بتحريك أمنه حماية لأمن دولة لم تحترم التزاماتها اتجاهنا؟! 
فقبل أن تخرج إسبانيا لتعطي الدروس للمغرب في حسن الجوار و التزام المغرب بمحاربة الهجرة السرية،فعليها أن تجيب العالم و حقوقييه على كل هذه الإنتهاكات الجسيمة، الخطيرة و الممنهجة ضد المهاجرين الغير الشرعيين، و ضد التضييق على الصحفيين المغاربة، و تجيب على الشهادات الموثقة التي نقلتها بعض المواقع الإلكترونية المغربية عن سوء المعاملة الإسبانية للقاصرين و لعموم المهاجرين الغير النظاميين. 
إسبانيا سقطت أخلاقيا،و أظهرت وجهها للعالم بأنها دولة لا تلتزم بحسن الجوار، و لا يمكن الثقة في الطبقة السياسية الحالية الحاكمة هناك التي طوَّعت القضاء خدمة لها و خدمة لمجرم ارتكب جرائم ضد الإنسانية، و طوَّعت الإعلام الذي ظل طيلة تغطيته للأحداث يردد نفس الأسطوانة و وجهته لتخويف الرأي العام الإسباني من المهاجر المغربي… 
بيدرو سانشيز سقط و سقطت معه حكومته الهشة سياسيا،و أصبحت أيامها معدودة. 
إسبانيا الحديثة، استدعت فرانكو من قبره، و استدعت معها كل مُسببات انهيارها الأخلاقي و السياسي.