الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

مربيه: هذه هي الأسلحة التي كنا نتدرب عليها صغارا  في مخيمات البوليساريو

مربيه: هذه هي الأسلحة التي كنا نتدرب عليها صغارا  في مخيمات البوليساريو مربيه أحمد محمود، طفل مجند سابق في جبهة البوليساريو
طرح وجود زعيم البوليساريو في إسبانيا قضية الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، حيث أميط اللثام عن ممارسات قامت وتقوم بها الجبهة في حق ساكنة المخيمات راح ضحيتها عدد من الصحراويين إما تصفية أو سجنا أو تعذيبا أو اغتصابا أو اختطافا..
لكن الأدهى والأمر، هو مدى الاستغلال الذي لحق أطفال مخيمات تندوف، سواء خلال عمليات تهجيرهم لكوبا ضمن غسيل الدماغ، أو دفعهم لما يسمى برنامج "عطل السلام" في بعض دول أوربا، أو من خلال تجنيدهم القسري..
"أنفاس بريس" فتحت ملف تهجير وتجنيد أطفال مخيمات تندوف..
 
 
كيف كان يتم تجنيد أطفال مخيمات تندوف بالجزائر؟
أنا مربيه أحمد محمود، من مواليد مخيمات تندوف جنوب الجزائر، وأحد مؤسسي حركة 5 مارس المنتفضة ضد قيادة البوليساريو، بالنسبة لتجنيد الأطفال كان في البداية من الأسر الصحراوية التي تنحدر من العيون والسمارة والداخلة وبوجدور، قبل أن يشمل الأطفال الذين ولدوا في مخيمات تندوف ومن القادمين من مناطق مختلفة، وقد كانت الخلفية القبلية للأسرة محددا أيضا في تجنيد الطفل من عدمه.. مع إعطاء الأولوية للصحراويين القادمين من المغرب، وذلك ضمن سياسة إبقاءها تحت السيطرة، وعدم تمردها أو تفكيرها في الرجوع للوطن، يعني كانت الجبهة تجند أطفال الأسر معتبرة إياهم رهائن لديها، وكانت مديرية الأمن هي الجهاز المكلف بالتجنيد، ويقودها مثلا محمد لمين البوهالي من تندوف، وهو اركيبي جزائري، وأيضا سيد أحمد البطل، وهو الجلاد المعروف، والتحق بعم البشير مصطفى السيد ضمن العصابة الإجرامية التي تقدم كقيادة للجبهة، وأيضا محمد لعتيك، وعبد القادر الطالب عمر، غير أن هذين الأخيرين لم تكن الجزائر تثق فيهما، لأنهما من الساحل، وليس من الشرك.
 
ماهي أنواع الأسلحة التي كان يتم بها تدريب هؤلاء الأطفال؟
السلاح المعروف الذي كنا صغارا نتدرب في حمله وإطلاق نيرانه هو الكلاشنكوف، والأربيجي 7، والسيمينوف، وهي أسلحة فردية، إلى جانب القنابل العنقودية والمسدسات، أما الأسلحة الثقيلة من قبيل العربات والدبابات وسلاح الجو فكانت درجة ثانية من التكوين ولها عناصرها المسلحة..
 
ماهي الدول التي كانت تستقبل الأطفال المجندين، وتقوم بتأطيرهم؟
80 في المائة من الدعم والتكوين لفائدة الأطفال عن طريق الجزائر، إلى جانب دول من قبيل كوبا وليبيا وسوريا وبلجيكا، وكان التكوين في هذه الدول يعتمد بالأساس على التأطير الفكري للأطفال.
 
أي تأثير نفسي على الطفل وأسرته وهو يحمل سلاح الكلاشنكوف والقنابل العنقودية، وهو في بداية عمره؟
كنا مجرد قنابل موقوتة، ونشحن بأفكار المعسكر الشرقي المبني على الحرب والفداء والوطن، في خضم هذا الشحن، لم نكن نعي بخطورة ما نقوم به، ولكن فيما بعد أدركنا أن طفولتنا اغتصبت في ساحات التدريب والحرب، وهو ما انعكس سلبا على نمونا الفكري وعلاقتنا بالآخر، كنا نعتقد أن هذا جزء من اللعب واللهو، ولم نكن ندري خطورة أننا نلعب لعبة الحياة أو الموت، لقد كنا رهائن بأيدي قيادة جبهة البوليساريو، وكان شعار «الوطن أو الشهادة» هو المتداول بيننا صغارا، ولم نكن نعرف أنه شعار يكبرنا بكثير، وينطوي على مخاطر كثيرة..
 
ماذا عن أسر هؤلاء الأطفال المجندين؟
هناك فئات واسعة من الأسر الصحراوية التي وجدت نفسها في سياق إقليمي ودولي منتصف السبعينات في مخيمات تندوف، وقدمت لها وعود بالعودة للوطن عن طريق حمل السلاح، بدعم من الجزائر، ليطول الانتظار لأكثر من 40 سنة، أسر انتزع منها أبناؤها لتقديمهم قرابين ومنهم رهائن.. كنا نرى الحزن في أعين أمهاتنا، وهم يرون أبناء فلذاتهم يساقون لحرب خاسرة، ولكن لا حول لها ولا قوة، والآباء أيضا رغم إظهارهم أنهم يساندون أطفالهم، فإن الألم كان يعتصر قلوبهم، وعوض أن تضمن الجبهة حماية للأطفال كان تجندهم للحروب، وهذا انتهاك صارخ لحقوق الطفل كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية.
 
كم كانت أعماركم في التجنيد الإجباري؟
كانت الألبسة العسكرية هي الزي السائد في مخيمات تندوف، وطبيعي أن أطفال 5 و6 سنوات يقلدون أباءهم في كل شيء بما فيها اللباس، حيث يتم إعداد أزياء عسكرية تناسب أعمارنا نرتديها ونحن نشعر بفخر كبير في أننا أصبحنا كبارا، وتلك عقلية الأطفال، بل ويتم إعطاؤنا قطعة خشب على شكل سلاح، هي لعبة أطفال المخيمات، وهو نوع من الشحن العسكري المتدرج، وهي نفس العملية في المدارس، حيث كانت لدينا حصص خاصة للتدريب العسكري مع مرور السنوات الدراسية، وعندما تصل أعمارنا إلى 10 و12 سنة، يتم توجيهنا إلى المخيمات الصيفية ومنها مدرسة 12 أكتوبر في تندوف، ويستمر التدريب والشحن لأسابيع بعيدا عن أسرنا، ومن يظهر نوعا من التميز، يتوجه به إلى كوبا أو الجزائر أو ليبيا، حيث نمضي أشهرا طويلة، لانعود إلى خلال العطل الصيفية لحضن أسرنا، وهذا إبعاد وتهجير واضحين، بل حتى خلال عودة الأطفال من هذه الدول يخضعون لغسيل دماغ، ولك أن تتصور طفلا لا يتجاوز عمره 12 سنة، يتعرض لكل هذه الضغوط الفكرية والاجتماعية، ومن الأطفال من أصبح غريبا وسط أسرته وأشقائه، نتيجة طول مدة الفراق، ومدى الشحن الذي تعرض له، إلى جانب الأزمات النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال، خصوصا مع صعوبة الاندماج من جديد في مخيمات تندوف.
 
من يتحمل المسؤولية في هذا التجنيد القسري للأطفال؟
طبعا المسؤولية الأولى تتحملها قيادة البوليساريو وعرابتها الجزائر، حيث كان التنسيق مستمرا بين الطرفين من أجل تكوين جيل ينقاد لهما، وينفذ رغابتهما، ويدين بالولاء لهما، لكن عند تقلد المسؤولية تعطى للصحراويين من أصول جزائرية، وحتى إذا كان من صحراويي المغرب، فذلك لذر الرماد في الأعين، وتمنح له «وزارة» شكلية غير استراتيجية، مسؤولية البوليساريو وقيادتها ثابتة، عشنا ويعيش أهالينا في المخيمات القهر والاستبداد والحرمان والاستغلال، وهذا ليس غريبا على حركة انفصالية على غرار باقي الحركات الانفصالية عبر العالم، في الصومال والسودان وكاشمير والهند.. كلها مجموعات عسكرية تستغل الأطفال في مواجهاتها الحربية، بل وتتخذهم دروعا بشرية، مما يدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ..
 
ما تتحدث عنها لم يرتبط فقط بمرحلة معينة من الحرب مع المغرب، بل تكرر في المشكل الأخير الذي ارتبط بأزمة «الكركرات»، حيث انتشرت مقاطع فيديو تظهر أطفالا صحراويين يرتدون أزياء عسكرية ويرددون شعارات، بل ومنهم من يحمل أسلحة، هل نحن أمام عقيدة منتهكة لحقوق الطفل عند جبهة البوليساريو؟
أكيد هي عقيدة عسكرية، ما دام أن روح الجبهة هو نفسه، ولافرق بين الأمس واليوم، فهي تعتبر نفسها في حالة حرب دائم، والحال أنها في مرحلة ريع دائم، على مستوى القيادة، وتجعل من الصحراويين حطبا لهذه الحرب مستمرة في رهن أطفالهم لديها، وهذه جريمة ضد الإنسانية واضحة المعالم، وبالتالي فما وقع في معبر الكركرات هو يندرج في سياق التجييش المستمر والتجنيد القسري للأطفال، وكان الأولى هو أن يدفع «الجيش النظامي» للجبهة للمواجهة العسكرية، عوض الاختباء وراء أطفال وشيوخ ونساء لا حول لهم ولا قوة، إنه نوع من الاستقواء بهذه الفئات الهشة، ولولا تعقل الجيش المغربي وإدراكه لهذه الورطة التي حاولت الجزائر والبوليساريو جرها إليه، لوقع ما لا يحمد عقباه، وسقوط أهالينا المدنيين، هي حنكة القيادة العسكرية المغربية في التعامل مع مثل هذه الاستفزازات على طول الجدار الرملي، عموما نحن أمام جريمة مستمرة في المكان والزمان لقيادة البوليساريو ومعها الجزائر، وعليهم أن يحاسبوا جراء كل هذه الانتهاكات الحقوقية للإنسان عامة وللأطفال خاصة.