الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

أيهما أقدس: الانتصار للوطن أو الانتصار لشعبوية مقيتة للحزب الحاكم.. اقرأ بوح أبو وائل الريفي

أيهما أقدس: الانتصار للوطن أو الانتصار لشعبوية مقيتة للحزب الحاكم.. اقرأ بوح أبو وائل الريفي سعد الدين العثماني (يسارا) وعبد العالي حامي الدين

في ظل التراخي الذي يلاحظ في الأماكن العمومية، وفي ظل هذه الأرقام المزعجة بشأن خرق حالة الطوارئ الصحية، يأبى جزء من النخبة إلا الانشغال بحسابات سياسوية مهووسا بانتخابات يقترب موعدها وتتصاعد معها حملة الشعبوية التي تصادر الحق الجماعي لشعبنا في الحياة.

في هذا الإطار، يستغرب أبو وائل الريفي في مقال نشره بموقع "شوف تيفي"، من صيغة بيان لحزب العدالة والتنمية تدعو فيه الكتابة الجهوية للحزب بجهة الرباط وسلا والقنيطرة أعضاء الحزب بالجهة إلى المشاركة المكثفة في وقفة احتجاجية أمام البرلمان!!

"أنفاس بريس" تفدم  قراءة أبو وائل لانفصام شخصية الحزب الحاكم...

 

 يحدث هذا السلوك من حزب حاكم ويدعو كل أعضائه (هكذا بدون تخصيص) في العاصمة والجهة إلى وقفة!! ماذا ترك الحزب لغيره؟ هل التضامن مع فلسطين لا يصح إلا بخرق التدابير الاحترازية؟ هل بهذا المنطق تدار الدولة؟ في وجه من يرمي الحزب المسؤولية إذن؟ هل بهذه الازدواجية سنربح رهان القضاء على الوباء؟ هل المصالح الانتخابية أو إرضاء القواعد الحزبية تبرر اللجوء إلى هذه الدعوات لخرق حالة الطوارئ الصحية التي صدرت عن الحكومة التي يترأسها الحزب نفسه الذي يدعو إلى خرقها في العاصمة؟ ما هي الرسالة التي يريد الحزب إيصالها للمغاربة إذن؟ وكيف سيتلقفها من يبحث عن فرصة غير مبال بتفاقم مخاطر موجة قادمة من الوباء؟ وحتى بعد تحمل السلطات مسؤوليتها ومنعها كل تظاهر بالشارع العمومي لم يعترف الحزب بخطئه ولكنه تمادى في سياسة الهروب إلى الأمام ببيان ثان أعلن فيه فقط تعليق الوقفة (تعليق؟!) ومحملا السلطات المسؤولية مع نعثها بأوصاف لا تليق بحزب مسؤول، حيث وصف القرار بالتشدد في تفسير مقتضيات الإجراءات الاحترازية الصحية، وهوما يشكل تضييقا على حقوق وحريات المواطنين، مع العلم أن نفس السلطات تتعامل بشكل مختلف مع أشكال أخرى من التجمع والتجمهر. هل يمكن أن يصل الأمر بحزب حاكم إلى هذا الحد من الاتهام للسلطات لمجرد إرضاء قاعدته الانتخابية؟ يذكرنا هذا التصرف بالعبارة الشهيرة “لن نسلمكم أخانا” التي أطلقها قادة من الحزب في وجه القضاء بمناسبة محاكمة عبد العالي حامي الدين الذي هو بالمناسبة الكاتب الجهوي للحزب بالجهة التي أصدرت هذا البيان، كما نسترجع بهذه المناسبة الإنزال الكثيف لنوابه بالبرلمان دون مراعاة حالة الطوارئ الصحية مما استلزم من باقي الأحزاب القيام بالمثل. وسلم الله وإلا كان يمكن أن يصبح مجلس النواب بؤرة وبائية وقدوة سيئة لباقي المغاربة.

إن لم ينتبه الحزب إلى هذه المنزلقات فقد يدفع ثمنها قبل غيره لأنه يفتح الباب أمام شعبوية انتخابوية يحكمها منطق المزايدة فقط. هذا الحزب يطالب برفع نسبة الدعم، وآخر يطالب بالزيادة في الأجور، وثالث يطالب بالمشاركة في وقفات ميدانية، ورابع وخامس… إلى من يتوجه هؤلاء بهذه المطالب؟

الجميع يرفض خيار الحجر الشامل، ولكن منسوب الانضباط يتناقص. أليست هذه مفارقة؟

وأول من لا ينضبط هومن يفترض أنه حزب حاكم وأحزاب دورها تأطير المواطنين مغلبين حسابات انتخابوية متناسين أن تفاقم الوضع قد يجعل الانتخابات معلقة إلى أن تستقر الأوضاع.

ليتذكر هؤلاء جميعا أننا مقبلون على موسم امتحانات إشهادية المطلوب انخراط الجميع في تنظيمها حضوريا، ومقبلون على موسم صيف علينا العمل على إنجاحه لتخفيف العبء الذي تتحمله قطاعات يمكن أن تنتعش بعض الشيء في ظل حالة الكساد الذي تعيشه.

وليرحموا هذا البلد الذي لا طاقة له على هذه العقلية المغامرة والمقامرة. ولا حاجة له بمزيد من أرقام الموقوفين ففي هذا إشغال لمؤسسات تحتاجها البلاد في مجالات أخرى.

إن الانتصار للوطن ولمصالحه العليا بعيدا عن الحسابات السياسوية والانتخابية هو معيار نضج الفاعلين السياسيين عوض السعي الأعمى وراء الأصوات الانتخابية التي قد تعطي مشروعية انتخابية، ولكنها لن تعطي أبدا مشروعية الانتصار للوطن ولمصالحه العليا.

فإذا كانت الأحزاب خصوصا الحكومية منها وعلى رأسها الحزب الذي يقود الحكومة لا تلتزم بقرارات أصدرتها الحكومة، فمن سيلتزم بهذه القرارات ومن يفرض احترامها في الشارع العام؟

الحمد لله أن للبيت ربا يحميه وأن في هذه البلاد من يؤمن بتحصين البيت الذي يأوينا جميعا في ظل عدم نضج بعض النخبة وبعض الذين اصطفاهم شعبنا لتدبير الشأن العام، فمن أراد أن يدير الشأن العام فهو ملزم بتحمل مسؤوليته في تبعات القرارات التي يتخذها في إطار المؤسسات لا أن يأخذ لنفسه هامشا يمارس من خلال مقاربة انتقائية يعطي فيها الحق لنفسه لكي يتمرد على قرارات المؤسسات.

 

(عن "شوف تيفي")