الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

الملازم هدى المجيد.. عندما تُوظف الخبرة الواسعة في الأسلحة النارية لفك ألغاز الجريمة

الملازم هدى المجيد.. عندما تُوظف الخبرة الواسعة في الأسلحة النارية لفك ألغاز الجريمة الملازم هدى المجيد

"جد عملا تحبه وسوف تضيف 5 أيام إلى كل أسبوع في حياتك"، مقولة للكاتب الأمريكي جاكسون براون، تجسدها بالحرف الملازم هدى المجيد، رئيسة قسم الخبرة على الأسلحة النارية والذخيرة بمعهد علوم الأدلة الجنائية للدرك الملكي، التي قادتها الصدف لمهنة سرعان ما برعت فيها وعشقتها، وأصبحت فيها ساعات العمل، رغم تعبها، لا تخلو من المتعة وأقرب ما تكون إلى لعبة تركيب قطع الأحجية.

 

لم يكن يخطر ببال الملازم هدى أن ولوج جهاز الدرك الملكي، مباشرة بعد تخرجها من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة - شعبة تقنيي الفلاحة في سنة 1992، سيمهد لها الطريق لدخول عالم الخبرة على الأسلحة النارية، البعيد كل البعد عن تكوينها الأكاديمي، لتجد نفسها تغوص، بشغف، في أغواره لتكتشف أسراره وخباياه وتُولع بتفاصيله الدقيقة.

 

تحكي الملازم المجيد، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 مارس من كل سنة، عن حيثيات التحاقها بمعهد علوم الأدلة الجنائية للدرك الملكي (مختبر التحليلات والأبحاث العلمية والتقنية سابقا) في سنة 1992، وكيف عملت لثلاث سنوات كتقنية للتحليلات العامة، قبل أن يشهد مسارها المهني تحولا لافتا، عندما قرر المعهد، آنذاك، إحداث قسم للخبرة على الأسلحة النارية، والذي ستبصم فيه على مسيرة مهنية متميزة تمتد لأزيد من ربع قرن.

 

"لقد كنت جد محظوظة بهذا المسار المهني الطويل، فولوجي لجهاز الدرك الملكي أتاح لي، ولباقي النساء الدركيات، أسوة بزملائنا من الرجال، فرصة التعرف عن قرب على الأسلحة النارية، لكن ولوج مختبر علوم الأدلة الجنائية مكنني، بشكل خاص، من فرصة تعميق خبرتي في هذا المجال"، تقول السيدة هدى المجيد.

 

وتضيف "كنت من النساء القلائل اللائي اخترن العمل في مجال الخبرة على الأسلحة النارية، وأنا فخورة بالمسيرة المهنية التي رسمتها في هذا المجال حتى أصبح السلاح الناري رفيقا يوميا في مجال عمل ممتع".

 

لا تخفي السيدة المجيد فخرها واعتزازها بالخبرة الكبيرة التي راكمتها في مجال عملها، ومساهمتها الفعالة في فك ألغاز الجرائم المرتكبة بالسلاح الناري وتحقيق العدالة. كما لا تخفي حبها الكبير لمهنتها التي مكنتها من تحقيق ذاتها وكافة طموحاتها.

 

تشرف الملازم المجيد، في إطار القضايا الجنائية التي يتم عرضها على المعهد، على عمليات إجراء الخبرة على بقايا الذخيرة وبقايا الطلق الناري التي يتم العثور عليها في مسرح الجريمة. وتوضح، في هذا الصدد، "عندما يتم حجز سلاح ناري يشتبه في استعماله في جريمة ما نقوم بإطلاق عدة طلقات مرجعية لمقارنة البصمة الباليستيكية للسلاح المحجوز مع البصمة الموجودة على الخرطوشة الفارغة التي تم العثور عليها بمسرح الجريمة من أجل تحديد السلاح الناري المستخدم في الجريمة، وبالتالي تحديد هوية الجاني".

 

وتقضي السيدة المجيد أيامها بمعهد علوم الأدلة الجنائية، مع فريق عمل مكون من تقنيين مختصين في هذا المجال، في عمليات “استنطاق” متواصلة لرواسب إطلاق النار وتتبع الخيوط لتجميع ما يكفي من أدلة لكشف الحقائق، وينتابها شعور بالرضا حين تكون الأدلة التي جمعتها سببا مباشرا في إدانة جان أو دفع الشبهة عن بريء، مقتنعة بأن “المادة”، وخلافا، للبشر لا تنطق سوى بالحقيقة ولا تجد للمراوغة سبيلا.

 

كما لا تتوانى في تقاسم ما رصدته من خبرات ومعارف خلال سنوات العمل الطويلة والدورات التكوينية والتدريبية المتعددة التي تلقتها داخل وخارج المغرب، وتشرف على تأطير دورات تكوينية في مجال الأسلحة النارية ينظمها المعهد لفائدة ضباط الشرطة القضائية وقادة المراكز الترابية وتقنيي مسرح الجريمة لتمكينهم من التعرف على أنواع الأسلحة النارية التي يمكن أن يصادفوها أثناء القيام بمهامهم وطريقة التعامل مع هذه الأسلحة لتجنب وقوع حوادث مميتة.

 

الملازم هدى المجيد هي أيضا أم لأربعة أطفال، عرفت كيف توازن بين مسؤولياتها الأسرية والمهنية، رغم إكراهات طبيعة عملها، والسر يكمن بحسبها، في قدرة النساء الهائلة على التحمل التي تمكنهن من التوفيق بين متطلبات العمل اليومي ومسؤولية الاهتمام بحاجيات الأسرة .

 

ورغم مسيرتها المهنية الحافلة بالخبرات، فإن هذه الدركية تصر دائما على تطوير مهاراتها ومعارفها وتطمح لاكتشاف كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالأسلحة النارية حتى تكون قادرة على مواكبة تطور أشكال الجريمة التي تنطوي على سلاح ناري، كما تأبى إلا أن توجه رسالة لكل النساء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، مفادها أن المرأة قادرة، إذا ما أتيحت لها الفرصة، على البصم على إنجازات متميزة، حتى في ميادين كانت دائما حكرا على الرجال.

 

(المصدر: "ومع")