الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: إفريقيا بدون لقاح في عالم غابت عنه قيم التضامن

يوسف لهلالي: إفريقيا بدون لقاح  في عالم غابت عنه  قيم التضامن يوسف لهلالي

في الوقت  الذي تتسابق فيه الدول الكبرى على حجز اللقاحات لمواطنيها، فان افريقيا لم يصلها إلا عدد محدود جدا منها، اذا استثنينا حالة المغرب الذي حصل على لقاحات لمواطنيه اكثر من بعض بلدان  الاتحاد الأوربي مثل فرنسا. وسجل تلقيح حوالي مليونين ونصف المليون  شخص وهو ما يشكل اكثر من 94  في المائة من الملقحين بالقارة الإفريقية.

ويعتبر المغرب البلد الإفريقي الوحيد الذي ربح هذا الرهان وهو الحصول على لقاحات لمواطنيه وبنسبة مهمة حسب عدد سكانه،  ومن مصادر مختلفة.

وقام المغرب بشراء 22 مليون لقاح  من مجموعة استرازنيكا البريطاني و40 مليون لقاح  من سينوفارم الصيني التي شارك  المغرب في تجاربها الاكلينيكية. لكن لم يتوصل حتى الساعة إلا بمليون لقاح من الصين في  حين توصل  ب 6 مليون لقاح استرازنيكا المصنع بالهند.

وهو ما يعطيه السبق بإفريقيا وفي العالم يحتل المرتبة السادسة عالميا من حيث عدد الأشخاص الملقحين يوميا.

المغرب حقق  نجاحا كبيرا مقارنة  ببلدان  كبيرة بإفريقيا مازالت لم تحصل على كميات  من اللقاح تتلاءم  مع حاجيات سكانها، رغم امكانياتها الكبير مثل جنوب إفريقيا، ومصر ونيجيريا  والجزائر، وهي بلدان يصدر بعضها الغاز والبترول  بكميات  كبيرة، وتتوفر على إمكانيات مالية كبيرة من العملة الصعبة.

السباق العالمي من اجل اللقاح هو معقد وفشلت فيه العديد من البلدان، حيث لا يكفي أحيانا التوفر على المال من أجل الحصول عليه بل لا بد من خبرة  وكفاءة  في العلاقات على المستوى الدولي.

والعديد من بلدان إفريقيا التجأت الى الصين وروسيا من اجل الحصول على اللقاح ولو  بكميات محدودة  جدا  لا تتعدى  مئات من الالاف وهو رقم غير كافي   لوضع حملة تلقيح  حقيقية.

وهو حالة بلدان مثل مصر،الجزائر والسنغال وجنوب افريقيا حسب الإحصاءات التي توفرها منظمة الصحة العالمية.

والحصول على هذه الكميات الصغيرة هو  للإعلان السياسي  ومن أجل القول لرأي العام بها أنها تتوفر على اللقاح.

ومن أجل التضامن في هذا المجال، وتمكين الدول الفقيرة  أو الغير المنظمة من الحصول على اللقاح تم خلق  برنامج كوفاكس لصالح هذه البلدان. ونشرت الية  كوفاكس لائحة  البلدان التي سوف تتلقى  اللقاح ضد وباء كورنا،  والتي سوف تحصل عليها في النصف الأول من سنة 2021 ومن بين هذه الدول  كوريا الشمالية، الجزائر، بنغلاديش وغزة.

وسوف يتم توزيع ما يقارب 340 مليون جرعة  من أجل تلقيح 3.3 في المائة  من مجموع الدول 145 وسوف يتم التركيز على  المواطنين الأكثر عرضة للمرض   ولا سيما أعضاء الفرق الطبية. حسب منظمة الصحة العالمية.

ويتضمن البرنامج كوفاكس   الية تمويل موجهة لدول الفقيرة ، وثمة 92 بلدا تستوفي  كل المواصفات المطلوبة  للاستفادة من هذا الدعم.

وتمكن هذا البرنامج من الحصول على ملياري دولار  لتمويل القاحات، والخبر السار  في هذا المجال هو انضمام ادراة الرئيس الأمريكي جون بايدن الى هذا البرنامج وعودة التعاون الدولي في هذا المجال. واعلنت الإدارة الجديدة  عن  تخصيص  4.3 مليار دولار لبرنامج كوفاكس، وألمانيا 1.5 دولار, والاتحاد الأوربي اعلن عن  مضاعفة مساهمته الى مرتين، اما بريطانيا فقد أعلنت انها سوف تخصص الفائض من حاجياتها من التلقيح لهذا البرنامج. اما مقترح فرنسا تخصيص 5 في المائة  من اللقاحات  الموجودة لديها الى البلدان الافريقية  الفقيرة ، فانها مبادرة لم تقبل خلال اجتماع مجموعة السبع الخميس الماضي.

وصرح ماكرون "فلننقل اليوم 3% أو 5% من اللقاحات الموجودة لدينا إلى إفريقيا. هذا ليس له تأثير على وتيرة استراتيجية التطعيم (في الدول الغنية). إنه لا يبطئها أبدا،وتابع "هذا في مصلحة الفرنسيين والأوروبيين لأن "لدي أكثر من 10 ملايين مواطن لديهم عائلات على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط.وشدد على ضرورة "ممارسة ضغوط شديدة جدا" على المختبرات الدوائية الكبرى لزيادة إنتاج اللقاحات.

وأكد  مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أهمية "التوزيع العادل" للقاح في إفريقيا وأميركا الجنوبية بشكل خاص.

ومن اجل  "تسريع" حملات التلقيح في الدول الناشئة لا بد من تضامن حقيقي على المستوى الدولي خاصة ان التلقيح ثمنه باهض جدا بالإضافة الى ندرته،  ما عدا بعض المختبرات مثل استرازينيكا البريطاني  الذي  التزم ببيع التلقيح  بثمن مقبول وفي متناول مختلف البلدان.

لتجنب حرب جديدة للقاحات  واستغلال بعض الدول له كسلاح ديبولوماسي.  لان المشكل اليوم مطروح حتى للبلدان  الغنية التي لا تجد اللقاح الكافي لسكانها لعجز مختبرات الصيدلة عل تصنيع كميات كافية.

وتجنبا  لحرب اللقاحات، فان الشركات المصنعة للقاح التزمت برفع وثيرتها سواء فايزر/بايونتيك وموديرنا، كما ان استرازنيزيكا  التي تعرضت منذ أيام لانتقادات أوروبية حادة بسبب تأخر كبير في الإنتاج  سوف تسرع  عملية التسليم على الموعد المقرر أصلا" و"ستوسع أيضا قدرتها الانتاجية في أوروبا.
حرب اللقاح  التي يعرفها العالم اليوم من اجل الاستحواذ على أكبر كمية وتلقيح  اكبر عدد من السكان، لم يتمكن الاتحاد الاوربي من الفوز بها بل فازت بها بلدان مثل الولايات المتحدة الاميركية،اسرائيل وبريطانيا.

السباق من أجل الحصول على اللقاح  بين بلدان العالم غاب عنه التضامن، ونفس السباق والمنافسة التي وقعت على الحصول على الاقنعة الطبية تتكرر من جديد.

من المؤكد ان وصول ادارة اميركية جديدة  تؤمن بالتعاون الدولي  وخصصت ميزانية مهمة لبرنامج كوفاكس  لتعميم التلقيح على الجميع والذي وسف تستفيد منه البلدان الافريقية وهو ما سيمكن من احد ادنى من التضامن، والتخفيف من  ضغط ديبلوماسية اللقاح التي تستغلها بعض البلدان وتضغط بها على البلدان الفقيرة خاصة بافريقيا. بل تسلمها احيانا لقاحات لم تحصل على  التراخيص اللازمة في هذا المجال.

نحن في سباق دولي يغيب عنه التضامن والاخلاق.