الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

نشطاوي: من حق الشعب الجزائري محاسبة كل من تورط في مهزلة دعم قيام كيان وهمي بالصحراء المغربية

نشطاوي: من حق الشعب الجزائري محاسبة كل من تورط في مهزلة دعم  قيام كيان وهمي بالصحراء المغربية د.محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش
يرى د.محمد نشطاوي، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن عداء النظام العسكري الجزائري للمغرب يعد عقيدة مترسخة، وله مسبباته التاريخية والاستراتجية وحتى المذهبية، مضيفا أن من حق الشعب الجزائري محاسبة كل من تورط في مهزلة دعم كيان البوليساريو الوهمي ودعم قضية فاشلة في وجهة نظر القانون الدولي بمقدرات الشعب الجزائري، في حين أن الشعب الجزائري يعاني الضنك ويعاني من غياب أبسط المتطلبات اليومية.
 
 
كيف تقرأ هذا العداء المستمر للنظام الجزائري تجاه المغرب، هل يتعلق الأمر بعقيدة لدى قصر المرادية قائمة على استعداء الجيران في المنطقة؟
لابد من الإشارة إلى أن هذا العداء ضد المغرب هو عقيدة مترسخة لدى نظام العسكر في الجزائر، وهو عداء له مسببات تاريخية واستراتيجية، وحتى مذهبية. ونحن نعلم أن حرب الرمال لعام 1963 أخرجت ما كان يكنه القادة الجزائريون للمغرب، رغم أنهم عاشوا واستمتعوا باليد المدودة من طرف المغرب، لدرجة أنه كانت هناك رسوم وضرائب تفرض على الشعب المغربي لتمويل حركة التحرير في الجزائر، فلما استقلت الجزائر واستفادت من الحدود الموروثة عن الاستعمار تنكرت لما سبق أن التزمت به من إعادة رسم الحدود الشرقية بينها وبين المغرب، الأمر الذي أثبت لحركة التحرير الوطني في المغرب أنها كانت تتعامل مع أناس غير جديرين بالثقة، وقد تكرس ذلك بنكرانهم للجميل، وبنكرانهم حتى للتاريخ. والجميع يدرك أن الجزائر هي دولة بدون تاريخ، فحتى تسمية الجزائر أطلقها الاستعمار الفرنسي على محافظة عثمانية كانت موجودة ولم يكن لها تاريخ، وهذا أفرز لدى القادة الجزائريين نوعا من البغض، ونوعا من الحقد على الشعب المغربي، وعلى الدولة المغربية التي تعتبر من أقدم الملكيات في العالم إلى جانب الملكية البريطانية، وسياسة اليد الممدودة من طرف الملك أو الحكومة المغربية ظلت دائما تواجه بتنكر من قبل العسكر الجزائري. وأعتقد بأنه عندما يتخلص الشعب الجزائري من هذه الطغمة الحاكمة، آنذاك يمكن أن تكون هناك علاقات عادية بين النظامين، علما أن العلاقات بين الشعبين المغربي والجزائري ظلت راسخة.
 
هناك من يرى أن هذه العقيدة القائمة على استعداء الجيران في المنطقة المغاربية ارتبطت بفترة الحرب الباردة، وما عرفته المنطقة من استقطاب بين المعسكرين الشرقي والغربي. لكن الآن هذه العقيدة لم يعد لها من مبرر في ظل الرغبة الجامحة لشعوب المنطقة في بناء الاتحاد المغاربي وتحقيق التكامل الاقتصادي بين بلدان المنطقة، ما رأيك؟
هذا تحليل العقلاء، أما تفكير الطبقة الحاكمة في الجزائر فهو يرمي إلى مزيد من السيطرة على النظام السياسي وعلى مقدرات الشعب الجزائري، ونحن نرى كيف احتال الجيش على الثورة الجزائرية ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وعوضه برئيس آخر أكثر كرها للشعب الجزائري، علما أنه ينتمي إلى الطبقة السياسية الفاسدة التي هي في واد، بينما طموحات ومتطلبات الشعب الجزائري في واد آخر، صحيح أن النظام الدولي تغير بعد انهيار العسكر الشيوعي، لكن اذا ما حاولنا البحث في عقيدة الأمور، سنجد أن النظام الإشتراكي قد تغير، في حين أن الطبقة السياسية في الجزائر ظلت على حالها، فهي لازالت تعيش على ذكريات ماضي العداء ضد المغرب، ولعل المتتبع للشأن الجزائري سيرى كيف ان الشعب الجزائري والصحافة الجزائرية منبهرة بما وصل إليه المغرب سواء اقتصاديا أو عمرانيا أو سياحيا..
 
بعض المراقبين يرون أن المتغيرات الحاصلة على مستوى المنتظم الدولي والتعاطي الإيجابي مع المقترح المغربي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا من طرف القوى الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، ربما قد يفضي إلى تغيير على مستوى العلاقات المغربية – الجزائرية مستقبلا، خصوصا في ظل ارتفاع أصوات بالجزائر تنتقد هدر الثروة الجزائرية في دعم البوليساريو.. ما تعليقك؟
أظن أنه من حق الشعب الجزائري محاسبة كل من تورط في هذه المهزلة.. مهزلة دعم كيان وهمي بمقدرات الشعب الجزائري، البعض يتحدث عن أزيد من 34 مليار دولار تم إهدارها على قادة البوليساريو، في حين أن الشعب الجزائري يعاني الضنك، ويعاني من غياب أبسط المتطلبات اليومية، وهناك معدلات مرتفعة للبطالة، ومطالب بالسكن والعمال.. وأعتقد بأنه من حق الشعب الجزائري أن يحاسب هذه الطبقة التي عليها أن تكشف حساب كل ما قدمته للبوليساريو، ولحساب قضية هي فاشلة من وجهة نظر القانون الدولي، وأيضا من وجهة نظر المنتظم الدولي، اعتبارا لكون أغلب الدول سحبت اعترافها من البوليساريو، بالإضافة إلى الدعم الأمريكي اللامشروط لمغربية الصحراء وأن الحكم الذاتي يبقى هو الخيار الوحيد لبلورة أي حل سياسي متفاوض حوله، وأتمنى من الانتفاضة الثانية في الجزائر أن تؤكد على محاسبة كل من تورط في هذه المهزلة، في الوقت الذي تتكتل فيه الشعوب، وحيث أننا في المنطقة المغاربية نتوفر على كل مقومات الوحدة من لغة ودين وثقافة وعادات، وفي الوقت الذي تتطلع فيه شعوب المنطقة للتكثل نجد أن الحدود مغلقة والزيارات بين رؤساء البلدان المغاربية مقطوعة.. الكراهية والعداء في تزايد ومستمر.. الشائعات والأخبار الكاذبة تغلب على الأنظمة.. عداء مستمر بين المغرب والجزائر.. عداء بين تونس والجزائر.. عداء بين تونس وليبيا.. أعتقد بأن هناك خللا استراتيجيا في العلاقات بين طبيعة المكونات في شمال إفريقيا، وهو الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في طبيعة هذه العلاقات، وأن تكون هناك مبادرات على مستوى الأحزاب السياسية والمجتمع المدني على الأقل للتخفيف من حدة هذه التوترات.
 
الآن موازين تميل لصالح الطرح المغربي في ما يتعلق بحسم النزاع المفتعل في الصحراء المغربية بعد اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء، هل يشكل هذا نقطة ضوء لرسم علاقات جديدة في المنطقة مستقبلا؟
لابد من الإشارة إلى أننا في انتظار موقف إدارة بايدن بشأن اعتراف الرئيس الأمريكي السابق ترامب بمغربية الصحراء، وأكيد أن هذا الاعتراف لن يتغير، ومطروح علينا محاولة تسويق هذا الاعتراف لدى القوى الكبرى، وخصوصا الإتحاد الأوروبي، والعمل على إبراز مكتسبات فكرة الحكم الذاتي، وكيف أنها لا تتعارض مع متطلبات المكون الصحراوي، في الأقاليم الجنوبية، والاستمرار في المسلسل التنموي في الأقاليم الجنوبية، وأعتقد أن الخطة التي اقترحها المغرب في إطار النموذج التنموي والمقدرة بحوالي 77 مليار درهم للنهوض بالأقاليم الجنوبية والعمل على استثمار مقدراتها الإستراتيجية وكذلك الباطنية من أجل التسويق لهذه المنطقة وجعلها منصة للاستثمار في القارة الإفريقية جنوب الصحراء. وأكيد أن القنصليات التي تم افتتاحها سواء في العيون أو الداخلة، وكذلك المشروع الاستثماري الأمريكي في المنطقة ربما سيشكل إضافة نوعية للاعتراف الأمريكي، والتأكيد على أن الخيار الاقتصادي والتنموي في المنطقة من شأنه أن يكون خير سفير للسياسة المغربية في الأقاليم الجنوبية، والعمل على استغلال الاستثمارات الأمريكية والأوروبية من أجل النهوض بالمنطقة، خصوصا وأننا نعلن أن منطقة الساحل والصحراء هي منطقة مشتعلة تضم حركات جهادية وحركات إرهابية، وتضم دول فاشلة سياسيا يغيب فيها الأمن والاستقرار، وكل هذا يبين أن الخيار الاقتصادي الذي نهجه الملك في الأقاليم الجنوبية من شأنه أن يكون منصة للاستثمار، وكذلك أداة من أجل علاقات اقتصادية دولية في إطار سياسات رابح/ رابح.