اسمهان عمور أنعشي مسام جلدك بالماء الفاتر كل صباح؛ واجعلي عيونك يشع منها بريق اليوم بوضع قلم كحل مع ماسكرا لتنسدل الرموش برفق على الجفنين. ولا تنسي أن توردي خديك وتضعي لشفتيك أحمرا خفيفا يرطبهما من جفاف الأمس... لا تكثرتي لعيون المتلصصين، ولا تهتمي لغمزات المارات، بل أنصتي إلى ذاتك التي انغمست لسنين طويلة في الركض والتسوق، في الكنس والطهي، في الجري داخل دهاليز عمل تتقاضين عنه راتبا لم ينلك منه إلا كشوفات الاقتطاعات تسديدا لديون البيت والدراسة.
هكذا انسلت حياتك من بين أصابع القدر، وجرتك قدماك إلى قاعات الانتظار في بناية التقاعد، مندهشة لكم الأجساد المتهالكة المتسائلة عن مصير الراتب.
نساء كثيرات هن اللواتي تمتعن بسراح مهني بعد قضاء عمر بكامله يوازين بين خدمة البيت والمكاتب، أحلن على التقاعد، وأغلبهن يشتكي جسدهن من العلل الظاهرة منها والخفية. يركن إلى بيت تشي جدرانه بالوحدة هو الذي كان مزهرا بضحكات الأطفال ولمة العائلة.
وحيدة في ركن قصي منه تستدر إنعاش الذاكرة من البوم الصور. وتستعطف الهاتف أن يرن عل صوتا قادما يكسر رتابة الصمت.
استجمعي قواك. لا تخذلك القطيعة ولا السكون. اجعلي من يومك أحلى أيام العمر، تذكري أنك أنهيت خدمتين، رعاية البيت ودهاليز المكاتب. عن لك الآن أن تضخي في قلبك مصل الحياة لتنتعش خلايا الجسم وتصبح التجاعيد والبقع الداكنة دليلا على أن عمرا بكامله وهبته، وجدي لك مكانا في فضاءات الصحو، وانغمسي في عوالم الضياء والطهر، وارتقي بنفسك التي هي حق عليك، واعلمي أنه آن لك أن تبدئي يومك بماء فاتر وترشي عطرا وتضعي كحلا وتتجملي فالحياة لم تنته عند سن التقاعد.
