الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

أيها البيضاويون.. لقحوا مدينتكم ضد إفلاس العمدة والوالي ومدراء شركات التنمية المحلية !

أيها البيضاويون.. لقحوا مدينتكم ضد إفلاس العمدة والوالي ومدراء شركات التنمية المحلية ! حميدوش، والي البيضاء، والعمدة العماري، يتحملان كامل المسؤولية في نسف قلب المغرب الاقتصادي
في كل الولايات الجماعية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم، لم يسبق لأي مجلس بالدار البيضاء أن حظي بـ”النعمة الحالية”، المتمثلة في كون العاصمة الاقتصادية أضحت في أغلبها مرهونة بيد منتخبي “البيجيدي”. فهؤلاء لا يتحكمون في مجلس المدينة والمقاطعات 16 فحسب، بل يتحكمون أيضا في مجلس النواب (المشرع) ، وفي رئاسة الحكومة التي يسيرها زعيم الأصوليين. ومع ذلك فهذه الوضعية لم تستفد منها ساكنة العاصمة الاقتصادية بما يجلب رغد العيش وتجويد نمط التدبير.
ففي السابق كان السياسيون يرفعون ذرائع شتى لتبرير عجزهم في تدبير البيضاء من قبيل أنهم مكبلو الأيادي بدعوى أن الحكومة تنتمي لحزب خصم والبرلمان يسيطر عليه حزب آخر. كما كانوا يشتكون سابقا من ضيق الهامش، ومن الحروب التي كانت تخوضها الحكومات والأغلبيات ضدهم.
الوضعية اليوم تغيرت، ولم يعد من المقبول أن “يتمسكن” العماري، عمدة البيضاء، ويشهر ورقة أن الحكومة ترفض له مثلا طلبا ماليا، أو أن البرلمان يمتنع عن سن قانون لتيسير معيشة البيضاويين. 
فلماذا لم تنعكس تلك الوقائع على تحسين جودة العيش بالبيضاء؟ ولماذا كل القطاعات التابعة لمجلس مدينة البيضاء تعرف مشاكل؟
الجواب واضح: إما أن قلب منتخبي حزب البيجيدي معنا وسيوفهم مع معاوية!! وإما أنه حزب "خاوي" ولا أطر له، وعامر فقط بالساقطين والفاشلين والأميين في التدبير العام!! وإما أن الفرضيتين معا تصدقان على واقع تدبير البيجيدي للبيضاء. الدليل هو الفشل الذي يميز مختلف المرافق المحلية كما أسلفنا، وهو الفشل الذي بلغ ذروته يوم الثلاثاء الأسود 5 يناير2021 حين غرقت البيضاء، علما أن حجم التساقطات المطرية لم يكن من الحجم الكبير جدا الذي يرعب المسيرين في عدة مدن مماثلة بالعالم (مثلا في الرباط سلا بلغت التساقطات 55 ملم وفي طنجة 40 ملم، بينما لم تتعد 32 ملم بالبيضاء!).
المثير أن افلاس الدارالبيضاء لم يترجمه عجز العمدة العماري وفريقه فقط، بل هناك طرف آخر يتحمل هو الآخر المسؤولية الكاملة، ونقصد والي الدارالبيضاء الممثل الأول للدولة بالمدينة والوصي على إعمال القانون وتأمين سير مرافق الدولة وجماعاتها.
وتزداد ظروف التشديد حين نعلم أن الوالي يتحكم في تسيير الدار البيضاء عبر آلية شركات التنمية المحلية التابعة له (الوالي هو رئيس المجلس الإداري ومدراء شركات التنمية يعينهم وزير الداخلية!)، وللأسف بدل أن تكون هذه الشركات رافعة للتنمية تحولت إلى مضخة للريع وإلى أداة عرقلة الدار البيضاء!!!
علينا أن لا ننسى أنه لما بادرت وزارة الداخلية إلى خلق شركات التنمية المحلية بالدار البيضاء، تم التمهيد لذلك بحملة مفادها أن العاصمة الاقتصادية للبلاد تعد «غولا» يقتضي اعتماد آليات جديدة في التدبير لإنجاز وإدارة المشاريع بدل تركها بيد المجلس الجماعي.
ورغم تهريب وزارة الداخلية لسلطة القرار بشركات التنمية المحلية وإحكامها للقبضة الحديدية على كل مفاصل هذه الشركات ووضعهاةتحت إبط الوالي (من رئاستها للمجالس الإدارية في شخص الوالي، إلى إسقاط مدراء بالمظلات على رأس هذه الشركات بدون مباراة، مرورا بتحديد البرامج والتصورات)، فإن العديد من المتتبعين أعرضوا عن هذه الاختلالات، أملا في أن تعطي شركات التنمية المحلية قيمة مضافة بالدار البيضاء. لكن ما أن تم ضخ الملايير في خزائن هذه الشركات من موارد الخزينة العامة، وشرعت هذه الآليات الجديدة في العمل حتى برزت للعيان المآسي من جهة واكتشف المتتبعون أن شركات التنمية المحلية كانت منتجة للفظاعات أكثر من إنتاجها للجودة في تحسين إدارة المرافق العامة من جهة ثانية.
لن نتوقف عند شركة الخدمات التي كانت نذير شؤم على قطاع النظافة الذي تحولت معه البيضاء إلى «أوسخ مدينة كبرى بالحوض المتوسطي»، ولن نتوقف عند الشركة المكلفة بالباركينغ او شركة الدار البيضاء للنقل أو كازا ترام التي تلهف المال دون أن يكون النقل جيدا، ودون أن يبني باركينغ واحدا. بل سنأخذ مثالين بارزين للفظاعات التي برزت يوم الثلاثاء الأسود: المثال الأول يخص "شركة الدار البيضاء للتهيئة"، والمثال الثاني يتمحور حول "شركة الدار البيضاء إيفنت". فهاتان الشركتان رغم أن لهما نفس المجلس الإداري تقريبا ونفس الممول ونفس الجهاز الوصي، فإنهما يشتغلان بمنطق «الكانيباليزم» (Cannibalisme). أي أن كل شركة تفترس حقوق المواطنين وتتباهى كل واحدة منهما بمن ستكون أشد فتكا بتهيئة الدار البيضاء وتشويهها.
هاهي فضيحة ملعب محمد الخامس يوم 5 يناير2021 تنهض كحجة على منطق اللامحاسبة بالمغرب، إذ أن تواطؤ شركتين للتنميةالمحلية في الفضيحة جعل المغاربة أضحوكة بالعالم (رغم إنفاق 22 مليار سنتيم مؤخرا على إعادة إصلاح الملعب).
وهاهي فضيحة مشروع محاربة الفيضان لواد بوسكورة تزكي الاستهتار بأموال الخاضعين للتكليف الضريبي دون أن ينعكس المشروع على حماية المدينة فعلا من الفيضان (وهذا موضوع فصلنا فيه في أكثر من مناسبة).
وهاهو كورنيش عين الذئاب ينهض كمثال آخر على هذا «الكانيباليزم» المالي والإداري والتعميري دون أن نسمع صوت الوالي أو صوت العمدة أو صوت حزب في الأغلبية أو المعارضة يحتج على المسخ الذي يطال ساحل الدار البيضاء.
هل يعقل أن تسمى شركة الدار البيضاء للتهيئة، وهي لا تحمل من التهيئة إلا الاسم؟ هل المنطق يسمح بأن نأخذ من جيب البيضاويين «زبالة ديال الفلوس» لننفقها على تهيئة الكورنيش (من مطعم سجلماسة إلى موروكومول) دون أن تعمد الشركة إلى ترك مسارات مستقبلية لخط جديد للترامواي من محطة القطار الميناء إلى دار بوعزة لتسهيل تنقل المصطافين؟
هل من المقبول أن «ترمي» شركة الدار البيضاء للتهيئة 20 مليار سنتيم على الكورنيش وترهن المدينة لمدة 15 أو 20 سنة بعدم المساس بالمشروع (في حالة نضج الصحوة بالحاجة إلى خط ترامواي ساحلي) بدعوى «أننا أصلحنا للتو الكورنيش ولا داعي للهدم والنبش من جديد؟!»