الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

جليل طليمات: اغتصاب عدنان..في الحاجة إلى استراتيجية وطنية لمواجهة آفة الإغتصاب

جليل طليمات: اغتصاب عدنان..في الحاجة إلى استراتيجية وطنية لمواجهة آفة الإغتصاب جليل طليمات
هذا هو حالنا !! ننتظر أن يقع الفأس في الرأس لنتذكر بأ ن في أحيائنا وشوارعنا وبيوتنا ، ومن ذوي الأصول " ذئاب بشرية" تتربص بلحم بني جلدتها . وحين  تسقط الضحية , امرأة كانت أو قاصرة أو طفلا أوطفلة بين يدي حيوان مفترس في هيئة بشرن تتعالى الصرخات المنددة ، والتنديدات القوية المطالبة بالقصاص، والتطبيق الصارم للقانون. وها نحن اليوم في نفس الوضعية مع فاجعة الاغتصاب ثم القتل  للطفل عدنان بمدينة طنجة .      
 نعم؛  لقد قامت الجمعيات النسائية، ومازالت بمجهودات كبرى للتحسيس والتوعية بخطر فشو ظاهرة الاغتصاب والتحرش بمختلف أشكاله ، وساندت الضحايا معنويا وماديا وقضائيا، ولكن يبدو أن لهذا المجهود حدوده الموضوعية والذاتية . فاليد الواحدة لا تصفق كما يقال، وهذا ما يفسر النزوع المجتمعي شبه العام نحو التطبيع مع  هذه الآفة . ومن هنا   تأتي ضرورة و استعجالية وضع إستراتيجية وطنية  مجتمعية لمواجهة هذه الآفة، تنخرط فيها كل  الفعاليات والهيئات السياسية والحقوقية والجمعوية  ووسائل الإعلام و جميع قنوات التنشئة الاجتماعية، و تعمل (الإستراتيجية)على  تقوية الترسانة القانو نية الرادعة لتكرار جرائم  الاغتصاب والتحرش الجنسي، وتبسيط مساطرها بما ينصف الضحايا ويوقف التساهل مع المعتدين أو إفلاتهم من العقاب .  
لنعترف جميعا،  بجوانب القصور واللافعل القائمة ،  ونحن نواجه من حين لآخر فواجع المعلنة، أما الخفي منها فهو الأكثر وأعظم في معاناته أذكر منها بايجاز:        
_   تقصير في المواكبة الطبية النفسية لضحايا الاغتصاب  والتحرش الجنسي ,لعلاج صدماتهم  التي تصبح متحكمة في مجرى حياتهم،  وتتسبب لهم بالتالي في اضطرابات نفسية تقود أحيانا إلى الانتحار، أو إلى احتراف الدعارة..   
_   الاستخفاف بهذه الظاهرة الكارثية من طرف الفئات المجتمعية المفترض فيها بحكم ثقافتها وموقعها الاجتماعي أن تكون طليعية في فضحها والتصدي لها والتحسيس بآثارها التدميرية لمستقبل يافعات ويافعين من شبابنا. . 
  _   تقصير قضائي ظالم اتجاه الضحايا , حيث يتم إطلاق سراح المجرمين المعتدين , كما وقع سابقا  بناحية مراكش ما أدى إلى انتحار الضحية التي تعرضت لاغتصاب جماعي فضت فيه بكارتها.  
  _   تقصير في التربية المدرسية، وفي أجهزة الإعلام بمختلف أصنافها في التوعية والتحسيس، والتكوين لشبابنا في المسألة الجنسية كمسألة حيوية تتعلق ببعد أنطولوجي للإنسان ، هو البعد البيولوجي الذي يتقاسمه مع الكائنات الحيوانية . إن أنسنة هذا البعد و تهذيبه رهينان بتحمل المدرسة والإعلام ومختلف وسائل التثقيف مسؤوليتها في ذلك , فمتى سينتبه أصحاب القرار التربوي إلى أن الوقت لم يعد يسمح بالتلكؤ في إدماج مادة التربية الجنسية ضمن المناهج والمقررات الدراسية من الابتدائي إلى الإعدادي؟, فبدون ذلك سينشأ الطفل ( ة) المغربي على تمثلانه الخاطئة للجنس الآخر وعلى استيهاماته للعملية الجنسية التي قد تقوده لانحرافات خطيرة أو عقد نفسية مستعصية. .. 
وبإيجاز , فإن مواجهة جرائم  الاغتصاب والتحرش  والبيدوفيليا هي معركة مجتمعية ذات واجهتين حاسمتين في ربح رهانها الإنساني :
_ الواجهة التربوية التوعوية في الأسرة وفي المدرسة، والتحسيسية أيضا للكبار الذين يتعاملون مع الظاهرة إما باستصغار وتعالي, وإما بالخوف من الفضيحة أو العار عندما تمسهم بشكل من الأشكال . إن الصمت هو تكريس للظاهرة وتشجيع للفاعلين المجرمين على التمادي في إيذاء النساء والطفلات وحتى الرضع بغريزتهم المتوحشة.
  _ الواجهة القانونية ، وذلك بتشديد الأحكام على مرتكبي فعل الاغتصاب والعنف ضد النساء والطفولة ، وتسهيل مساطر التقاضي بالنسبة للضحايا، الذين غالب ما يصبحون بفعل الأداء القضائي المتساهل ضحايا مرتين، ما دمر مستقبل العديد منهم . إنها مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى إذ لا يستقيم بناء دولة الحق والقانون دون حماية حازمة لكرامة النساء  ولبراءة الطفولة ..  
بدون العمل في هذا الاتجاه، سيصبح أطفالنا وطفلاتنا " مشاريع ضحايا" تلك الذئاب البشرية. 
سلام على روحك الملائكية يا عدنان.. والصبر الجميل لوالديك ، ولجميع أصدقائك وأقربائك .