الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: التعسف في استعمال حق السؤال الكتابي في البرلمان كآلية رقابية

رشيد لزرق: التعسف في استعمال حق السؤال الكتابي في البرلمان كآلية رقابية رشيد لزرق

السؤال الذي وضعته إحدى الآليات الرقابية بين يدي البرلمان للرقابة على الحكومة بغية إثارتها لموضوع معين في إحدى القطاعات أو بغية حل مشكل في السياسات العمومية؛ وعلى اعتبار أن  السؤال هو من أدوات الرقابة التي بيد نواب الأمة، ومحدد في القانون الداخلي للمجلسين، وفق ضوابط وإجراءات ينبغي سلكها من جهة البرلماني صاحب السؤال.

 

وبالتالي فهذا الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفه الأهواء والمزايدة السياسية. فالسؤال هو في حد ذاته فكرة ديمقراطية والذين شرعوا لها كانوا يريدون إعطاء فرصة لممثلي الأمة من الفرق البرلمانية، أن تراقب الحكومة وتشارك بفاعلية في صنع السياسات. لكن المشكلة أن طرح السؤال الكتابي وإعلانه على الفيسبوك، لم يكن الغاية منه ممارسة الرقابة السياسية على الحكومة في شخص رئيس الحكومة، بل هو محاولة محاكمة المندوب السامي للسجون  أمام الشعب، بل وتحوّل إلى تصفية حسابات وتسجيل أهداف وتمرير رسائل لصالحهم على حساب الفعل الجاد. وإيجاد مخرج المعتقلين في احداث الريف.

 

ويظهر ذلك في الصيغة المختارة للسؤال من طرف النائب البرلماني، والتي جعلها سؤالا كتابيا وباسمه وليس باسم الفريق، ومن جهة اخرى كون الفريق الذي ينتمي إليه النائب البرلماني ليس بفريق معارض، بل هو من أعضاء الفريق الذي يقود الحكومة. مما يجعل الغاية من وراء السؤال هي إضعاف المسؤولين ومندوب إدارة السجون تحديدا، والمزايدة بملفات بغية التنصل من المسؤولية السياسية.

 

لهذا فإن طرح السؤال يدخل ضمن ما يمكن تسميته بالتعسف في استخدام الحق. وهو الأمر الذي بعمق الضبابية، ويهدد الثقة في المؤسسات، لأنّها آلية من شأنها أن تمنح الغطاء السياسي لإضعاف المندوب العام للسجون .

فاستغلال الموقع البرلماني للمزايدة دون القدرة على الفعل الواضح بالدعوة للجنة تقصي الحقائق على سبيل المثال او عبر سؤال شفهي  يكون على مسؤولية النائب كنائب وليس على مسؤولية الفريق.

 

إن هذه الممارسات تعمق الفجوة بين البرلمان من جهة، وبين الناخبين من جهة ثانية، الذين ندم جزء كبير منهم على اختياراتهم وأصبحوا لا يهمهم ما يجري داخل هذا البرلمان.

 

وهكذا أعتقد أن السؤال الكتابي، كما تمت صياغته من طرف برلماني من العدالة والتنمية وليس الفريق سيكون له كما يعلم المتتبعون له وقع سياسي أكثر من أن يكون له وقع إجرائي؛ بمعنى آخر أنّه لن يكون له أثر في سياسة رئيس الحكومة؛ وهو أيضا سؤال يمكن ترجمته فقط  كاستعداد للتنصل من المسؤولية السياسية  في تدبيرهم للحكومة امام الملفات الحقوقية..

 

وكلّ من يتابع المشهد السياسي يعلم أنّها مجرد طرق الباب من طرف العدالة التنمية، ومن الأكيد بانه ستتلوها محاولات أخرى لعلها لن تكون من الجيل السياسي الحالي، ولكن من الأجيال السياسية القادمة التي ستتابع على بلادنا قبل تنظيم الاستحقاقات الانتخابية.