السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد العالي بلقايد: عاشوراء بين الثقافة والمآلات المشوشة

عبد العالي بلقايد: عاشوراء بين الثقافة والمآلات المشوشة عبد العالي بلقايد ومشهد من

عاشوراء علامة ثقافية بارزة في التشكيلة الثقافية للمغرب، بكافة أطياف المجتمع، بدو وحضر، ومن سكن السهل والجبل.

هي مناسبة كذلك لاستحضار ما وقع من عنف في التاريخ، من طرف طائفة معينة لصيانة المصالح باسم المقدس في حق طائفة أخرى ارتكبت في حقها المظالم.

تبعا لهذه السياقات تبقى ممارسة تلك الطقوس حسب ترتيب زمني معين، ومحدد هو لغاية عدم نسيان ما وقع، وفي نفس الوقت هو إعادة رباط المحبة مع الطائفة المظلومة.

لكن في حالة الحساسية الثقافية للمغرب، يتم ذلك عبر البنية الثقافية الكبرى للإنتماء الإبراهيمي من خلال استحضار الإبتلاء العظيم الذي وقع للأب المؤسس لأمة التوحيد ، مع النمرود المهزوم بتحويل النار ومفعولها إلى ما يخالف طبيعتها الحارقة، نفس الإبتلاء يطال آل البيت مرة أخرى ممثلا في سيدنا الحسين. مما يجعل طقوس عاشوراء هي ممارسة رمزية لإعادة ما وقع ، ولكن مع ربطه بمظاهر الفرح ، كتعبير أن الإبتلاء تتجاوزه إرادة من يسير على نهج الآباء المؤسسين.

لكن كيف تفسير هذا العنف المبالغ فيه في أحيائنا، وحاراتنا؟

هناك تفسير يذهب إلى أن هذا العنف هو رد فعل على العنف الطبقي الذي تمارسه الطبقات السائدة، وهذه المقاربة رغم جدارتها العلمية ورصانتها، فهي تحلل بعض الجوانب، ولكن أخرى لا يطالها التحليل، إذن كيف ذلك ؟

سنحاول مقاربة الأشياء من جانبها الثقافي، وهو تحليل يعتمد العلامات والرموز الثقافية، أكثر من الاقتصادية، أو ما شاكل.

العنف المبالغ فيه مقترن بمناسبة منتهية في الزمن، وهي مناسبة احتفال، التي تقام بحشود يحضر لديها اللاوعي الجمعي، و خاصة حين يكون المكان الأحياء الشعبية التي تحب أن تذهب بالاحتفال إلى مداه، ويغيب العقل الذي يمكن أن يعقل السلوكات المدمرة والمخربة، و نفس الأمر نشهده في ملاعب كرة القدم.

لكن ما هو ملاحظ أن هذه السلوكات المدمرة، يتم نقلها والترويج لها عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وهي وسائط إعلام جديدة بخلفية فكرية وتواصلية جديدة، تنافس المؤسسات الإعلامية القائمة، وباقي المؤسسات الأخرى المرتبطة بها.

أليس العنف الممارس الآن هو حلقة من حلقات عنف كثيرة سابقا؟

تعددت مصادر إذكاء العنف، والهدف واحد، والخوف أن تكون الغاية تدمير أسباب توازن المجتمع ثقافيا، وإفراغه من قيمه.

المجتمعات التي تحوز رصيد ثقافي ، وحضاري لها الكثير من أسباب القوة لمواجهة هذه الحروب السيمانتيكية التي تختلط فيها التحالفات وتتعقد، ولكن ضرورة تجديد المشاريع انطلاقا من حاجات المجتمع ورهاناته يعتبر ضرورة ، على الأقل في هذه الظروف التي لا أحد يمتلك القدرة على إنتاج معاني تتفاعل مع ما جرى ويجري.