الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

النشناش: مدنسو نصب عبد الرحمان اليوسفي التذكاري، أشخاص متطرفون عقائديا

النشناش: مدنسو نصب عبد الرحمان اليوسفي التذكاري، أشخاص متطرفون عقائديا محمد النشناش مع صورة النصب التذكاري الذي تم تدنيسه من طرف خفافيش الظلام

وصف محمد النشناش، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان في تعليق لجريدة "أنفاس بريس" تدنيس النصب التذكاري للمجاهد عبد الرحمان اليوسفي بطنجة، بالحادث المؤسف، والذي يظهر حسب رأيه أمرين :

أولا، أن المستوى الحضاري للمغاربة منخفض جدا، بسبب غياب التربية على القيم، فهناك قيم مشتركة ينبغي علينا جميعا الدفاع عنها، مضيفا بأن منفذي الاعتداء على النصب التذكاري للمجاهد عبد الرحمان اليوسفي، هم أشخاص حاقدين على المجتمع.

والجانب الثاني، حسب محاورنا، هو وجود أشخاص متطرفين عقائديا، علما أن الراحل عبد الرحمان اليوسفي لم يكن من الأشخاص الذين يظهرون وهم يؤدون الصلوات في المساجد، أو من الذين يحاولون دائما إعطاء نوع معين من التصريحات لوسائل الإعلام، أو المشاركة في تظاهرات معينة، فلم يكن يظهر عليه في حياته نوع من التعلق بالتدين الخارجي، علما أن الإيمان يعد مسألة شخصية مرتبطة بكل شخص على حدة.

 

وذكر محدثنا في نفس السياق باغتيال عمر بن جلون، الذين كان يعتبر من الشباب المتطور والمتقدم، الذي كان يعمل من أجل إصلاح البلاد، وكان عمليا وريث المهدي بن بركة، من حيث نشاطه السياسي والنقابي، فقام بعض المتطرفين المتأسلمين، باغتياله أمام بيته.

 

وأضاف النشناش في تصريحه: "ظاهرة الكراهية والرفض موجودة في عدد من الجهات، ويمارسه أشخاص يدعون أنهم يمثلون الإسلام، أو يمثلون القيم، لكنهم بالعكس فهم يهدمون كل القيم.."

 

وفي سؤال لجريدة "أنفاس بريس" عن ما إذا كانت مثل هذه الاعتداءات تعد دخيلة على المجتمع المغربي، أجاب محاورنا قائلا: "لا ينبغي أن نعلق كل مشاكلنا على الخارج، حيث جاء في الآية الكريمة: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون". مجتمعنا ناقص التربية، ناقص التكوين، ناقص الدفاع عن القيم المشتركة، فالمدرسة تفتقد للتربية، والجامعة لا تربي الأفراد على الاستقامة، وهذا النوع من التطرف موجود، فهناك من يقومون بنبش القبور ويدنسون كل شيء، وهناك من يدنسون مواقع التواصل الاجتماعي بالمس في كرامة الآخرين، وسبهم، ونحن نجهل دوافع ارتكاب مثل هذه الاعتداءات"...

 

من جانب آخر لفت النشناش الانتباه إلى وجود نوع المبالغة في الإشادة بالراحل عبد الرحمان اليوسفي، علما أنه ليس الرجل الوحيد الذي قام بكل هذه التضحيات في هذا البلد، فقد سبقه رجال كبار: المهدي بن بركة، عبد الله إبراهيم، عبد الرحيم بوعبيد، علال الفاسي.. وكلهم زعماء كانوا في مستوى عبد الرحمان اليوسفي، لكن ما ميز عبد الرحمان اليوسفي هو كونه قام بدور أساسي في الانتقال الديمقراطي في المغرب، وهو المعطى الذي جعل البعض يتعامل مع نصبه التذكاري بهذه الكراهية. كما دعا نشناش إلى ضرورة تربية المواطن على روح المواطنة واحترام الآخر، وروح التسامح، وهي القيم التي تظل بعيدة عن المجتمع المغربي.

 

وفي سؤال آخر عن وجود مواطنين، أبدوا أسفهم وألمهم الشديد لفقدان المجاهد عبد الرحمان اليوسفي، ووضعوا أكاليل من الزهور بجانب نصبه التذكاري، مع عبارات الإشادة بمناقب الراحل اليوسفي، والتي تجعل من الصعب تعميم ما وقع من تدنيس على كل الشعب المغربي، أجاب نشناش: "الأشخاص الذين قاموا بالتدنيس مجرد أقلية، فالأغلبية قاموا بتكريمه، ووضعوا الورود وكلمات الإشادة بجانب نصبه التذكاري، وبالتالي فنحن لا نقول بأن الشعب المغربي ككل ناقص التربية، لكن فيه جماعة حاقدة على الوطن، وتستثني نفسها من روح المواطنة، وهذا موجود في مجتمعنا، ونحن في انتظار البحث الأمني من أجل الوصول إلى الحقيقة، وآنذاك يمكن أن نتطرق لسبل الإصلاحات اللازمة لضمان عدم تكرار ما وقع".

 

وعن إمكانية نسب ما وقع لتيار معين، قال النشناش: "هذا يبقى احتمالا ممكنا، لكن لا ينبغي التصريح بذلك مسبقا، ونحن في انتظار البحث عن الحقيقة لمعرفة ما وقع.. وعلى كل حال، فالحمد لله أن الاعتداء انصب على نصب تذكاري من الحجارة، ولم ينصب على أحد أفراد عائلة اليوسفي، أو حرق منزل.. كما يحدث في عدد من المجتمعات التي تعد أكثر تطرفا من المجتمع المغربي".