الأربعاء 24 إبريل 2024
منبر أنفاس

ليلى أشملال: من يوميات امرأة.. الكلب بوتشي

ليلى أشملال: من يوميات امرأة.. الكلب بوتشي ليلى أشملال

الثلاثاء، وعقارب ساعة تشير إلى الثامنة صباحا...

أستيقظ اليوم باكرا وهذا ليس من عادتي؛ لكنني نمت نوما عميقا ليلة أمس، وهذا على الأرجح سبب نهوضي باكرا اليوم، أرى زوجي يرتدي بذلته العسكرية ويهم بالخروج على عجل....حتى قبلاته تأتي على عجل ليغادر السرير بنفس التذبذب، تاركا لي رائحة عطر ومساحة من الأوهام، لكن هذا لا يزعجني لأنه رجل سياسي يتقن إصدار الأوامر فقط وخدمته العسكرية لا تترك له مجالا لممارسة الحب بنكهة العشاق...

 

أنتبه لصياح بوتشي "الكلب" في الحديقة كأنه يريد إشعاري بأنني ما زلت لم أطعمه، وأن صحنه مازال فارغا...

 

- فلنلتقي في الفندق المعهود

- حسنا سآتي في الساعة التاسعة ليلا...

- هل تعلمين أنني أشتهيك

- سأرتدي الثوب الذي يعجبك...

- هل أخبرك شيئا؟

- ما هو!!

- نحن لا ننسى المرأة التي تسكننا، والتي اشتهيناها عقدا من الزمن ولم يمنحها القدر لنا يوما..

- هل أفهم من كلامك أنك نسيت زوجتك؟

- بانتظارك على الساعة التاسعة مساء...

 

يتابع بوتشي هذه المحادثة بشره كبير، هو الذي اعتاد أن يقاسمني الأريكة المقابلة لتلفاز عتيق لنشاهد معا ما يبثه هذا الجهاز الممل، هل تراه يفهم ما يقال!!!

بوتشي ليس مجرد كلب... لكن هل عرف بوتشي الحب يوما!؟؟..

 

غدا أول أيام الإجازة، أحببت قضاء بعض الوقت مع زوجي وأن أغير من هذا الروتين اليومي القاتل الذي يحيط بي، لذلك فاتحته بموضوع السفر، لكنه تحجج كعادته ببعض الأعمال وأنه سيضطر للسفر يوم غد لتلبية دعوة صديقه الذي سيقيم حفلا بمناسبة ترقيته، لم أعقب على الأمر، لأنني أدرك جيدا الفرق الشاسع بين رجل عسكري سياسي بأوسمة كثيرة، وبين امرأة وسط أربعة جدران، بالتزامات منزلية كبيرة...

 

انشغلت برؤيته مساء وهو يجمع أغراضه، لكنه كغير العادة لم يضع في مقدمتها بذلته العسكرية.

 

- هل ستحضر الحفل بدون زي عسكري!؟

- نعم فهذا الحفل خاص

- متى ستذهب

- غدا باكرا، هل ستبقين في المنزل!

- نعم لا رغبة لي في الذهاب عند أحدهم...

- حسنا سأخلد للنوم الآن، تصبحين على خير

 

أطفئ النور وأغادر الغرفة، أشعل التلفاز تم يأتي بوتشي ليجلس بجانبي، هو الذي يشاركني وقتي أكثر من زوجي، يحدث أن يمنحك حيوان ما ما لم يمنحه لك حتى أقرب الناس إليك؛ أحببت بوتشي كثيرا، كان هدية زوجي بمناسبة عيد زواجنا الرابع، كأنه تعمد أن يجعلني أنشغل بشيء ما بدل الاهتمام به طوال الوقت.

 

شعرت بالنعاس، توجهت إلى غرفة النوم، رأيت هاتفه يرن وكان على الوضع الصامت، لم يكن هناك رقم معين لذلك لم أجب ولم أحب أن أوقظه من نومه ليجيب على مكالمة مجهولة من طرف مجهول. وما إن انقطع الخط حتى وصلته رسالة، ليس من عادتي أن أبحث في هاتفه فالرجل السياسي ليس له وقت للخيانة فكل وقته فداء للوطن ووفاء للدولة.

 

"لا أصدق أنك ستأتي غدا حبيبي، اشتقت إليك كثيرا لم أستطع النوم فرحا بالأيام التي سنقضيها معا"، هذا كل ما جاء في الرسالة.

 

لم أستطع النوم أيضا، لفرط الأسئلة التي تراود ذهني، لكنني استسلمت للنوم أخيرا... كما استسلمت لمر الخيانة، أدهشني منطق الحياة المعاكس، فهديتي لم تكن بوتشي فقط، بل أكثر من ذلك، هديتي كانت وفاء كلب سيداري خيانة زوج...