الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

بوعزة كريم: الندوات التفاعلية..تآكل خطاب الزعماء السياسيين

بوعزة كريم: الندوات التفاعلية..تآكل خطاب الزعماء السياسيين بوعزة كريم
انعقدت العديد من اللقاءات التفاعلية عن بعد، تنوعت مواضيعها بين ما هو اجتماعي واقتصادي والسياسي...
شارك في تأطيرها أساتذة باحثين، وإعلاميين وطلبة باحثين وفاعلين جمعويين واقتصاديين وسياسيين...
لكن ما يمكن الوقوف عليه بخصوص هذه اللقاءات، هو نسبة المتابعات التي عرفتها تلك اللقاءات،إذ يمكن أن أجزم أن اللقاءات التي أطرها بعض زعماء الأحزاب السياسية أو أعضاء بمكاتبها السياسية، عرفت أدنى نسبة مشاهدة مقارنة مع اللقاءات التي شارك فيها أساتذة جامعيين ومحللين اعلاميين وطلبة باحثين...
ماذا يعني هذا؟
يعني أن المغاربة يئسوا من بعض الوجوه السياسية، وأصبحوا يهتمون أكثر بمتابعة الخطاب الأكاديمي لأنه في نظرهم هو الأقرب إلى الواقع المعاش، وأن رجل الجامعة يتحدث بلغة واقعية دون تزييف أو تراشق بالكلمات، لذا أصبح لازما اليوم على القادة السياسيين أن يعودوا إلى الثقافة، وهذا أمر طبيعي لأن ممارسة السياسة بدون رجال مثقفين قد ينتج لنا خطاب شعبوي بعيد عن لغة الشعوب...
فإذا عدنا إلى التاريخ المعاصر للمغرب، نجد كبار السياسة الذين طبعوا تاريخ البلد، كانوا رجال ثقافة وفكر، ويمكن أن نقرأ مثلا كتب علال الفاسي، محمد الحسن الوزاني، المهدي بنبركة، عبدالرحيم بوعبيد، محمد عابد الجابري، محمد كسوس، محمد الحبابي واللائحة طويلة...
أما دعوة المثقفين بالرجوع إلى السياسة لا يمكن أن تستقيم دون وجود قادة سياسيين مثقفين ويحملون مشروع فكري متكامل، وهذا لا يعني أن المثقفين غير منتسبين للأحزاب، بل هم كثر، لكن صوتهم لا يظهر مع خطاب التفاهة والتطاحنات التي يقودها أعداء الثقافة داخل الأحزاب السياسية...
وحتى بالأنظمة المقارنة، نجد العديد من القنوات البرلمانية لدول متقدمة، تخصص جلسات استماع لأكاديميين ومتخصصين، يتحدثون في قضايا سياسية واقتصادية وفلاحية وبيئية...إلخ، لأن المجال السياسي العام لا يمكن أن يقوده قادة لا يحملون لغة ثقافية رصينة وفكر تنويري، يتجاوب مع الوضع الراهن للبلاد والعباد، وما دون ذلك، فإننا بذل الرفع من منسوب الثقة في المؤسسات الدستورية والسياسية، سنساهم في الخوار الفكري الذي يهدم أكثر مما يبني...