الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

«أنفاس بريس» في زيارة حصرية لغياهب سجن الأحداث بعين السبع في زمن «كورونا»

«أنفاس بريس» في زيارة حصرية لغياهب سجن الأحداث بعين السبع في زمن «كورونا» مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع (عكاشة) بالدار البيضاء
تشدد كبير في التدابير الاحترازية التي اتخذتها إدارة مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع (عكاشة) بالدار البيضاء، بدء من مدخل الزوار إلى الزنازن.
الأمر لا يتعلق بتخيل ذهني للوضع داخل أكبر تجمع للنزلاء القاصرين بالمغرب، وإنما حقيقة وقفت عليها موقع «أنفاس بريس»، من خلال الزيارة الحصرية التي قادتنا إلى غياهب سجن يقبع فيه قرابة 800 نزيل ما دون العشرين سنة، من مجموع 1230 نزيلا حدثا.
غسل اليدين وتعقيمهما ومسح أسفل الحذاء بمادة مطهرة، إلى جانب قياس درجة الحرارة، واتخاذ مسافة الأمان تدابير وأخرى حرصت إدارة السجن على تنفيذها بشكل صارم.
التقيد الصارم بهذه التدابير قوى من «السلطة التقديرية» للطاقم الطبي الرئيسي بالسجن بقيادة الدكتورة فوزية محاسن، سلطة طبية فاقت السلطة الإدارية لمدير المركز محسن ارفون، وهو ما عاينته جريدة «الوطن الآن» وموقع «أنفاس بريس» خلال تحرك المدير بين ممرات ومرافق السجن، حيث لايكاد يخلو ممر او مدخل من وجود طاقم طبي مجهز يقيس درجة حرارة اي وافد، ويحرص على اتخاذ تدابير الحماية والتعقيم.
إجراءات احترازية لا تنحصر في هذا المركز التهذيبي بل معمول بها بشكل صارم وحازم في 76 مؤسسة سجنية (65 سجنا محليا، و6 سجون فلاحية و3 مراكز للإصلاح والتهذيب، وسجنين مركزيين)، غايتها حماية النزلاء وكذا المستخدمين والأطر من أي تسلل للفيروس وسط ساكنة سجنية تتعدى 83 ألف نزيل، والمئات من الموظفين والمرتفقين، خصوصا على صعيد جهة الدار البيضاء سطات، حيث تضم 8 سجون محلية في المحمدية وعين السبع وعين البرجة والجديدة وبرشيد وابن احمد وابن سليمان، إلى جانب 3 مراكز للإصلاح والتهذيب بعين السبع وابن سليمان وعلي مومن، وكذا سجن فلاحي بالعادر..
الاحتياطات الاحترازية التي اتخذتها مندوبية السجون، حسب المدير ارفون، تندرج ضمن الرعاية الصحية بالسجون، والتي ليست حديثة، بل هي ضمن استراتيجية عمل المندوبية، حيث فرضت المستجدات الوبائية لفيروس كورونا، تقويتها وتعزيزها بوحدات صحية مقدمة للساكنة السجنية وتجهيزها بالمعدات الطبية اللازمة وتأهيل الوحدات القديمة.
في فضاء مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع بالدار البيضاء، تقف إدارة المركز على «الشاذة والفاذة»، سواء من خلال حراس الممرات والزنازن، أو عبر مراقبة الكاميرات المنتصبة في فضاء المركز داخليا وخارجيا، حالة استنفار عامة، جندت لها كل الأطر الطبية وشبه الطبية وكل الموظفين للحفاظ على الصحة العامة داخل السجن والحيلولة دون انتقال عدوى الوباء الحالي إلى المعتقلين والموظفين، كما لوحظ الحرص الشديد على تعقيم جميع مرافق المؤسسات السجنية بشكل يومي مع الحفاظ على النظافة العامة، تعقيم ونظافة تسهر عليهما مباشرة الطبيبة الرئيسية التي لها السلطة التقديرية في استعمال هذه المادة او تلك، بالنظر لتأثيراتها الجانبية على النزلاء، مادام أن بعضهم يعاني من امراض تنفسية.
وضمن الإجراءات الاحترازية، تم وضع 36 نزيلا في العزل الصحي، وهم من النزلاء الوافدين، بعيدا عن باقي النزلاء، وتحرص الدكتورة محاسن على تتبع حالتهم الصحية بشكل دائم ومستمر، وتحرص أيضا على إخضاع كل حالة مشكوك فيها بشكل فوري للتحاليل المخبرية للتأكد من عدم إصابتها، حيث أكدت الدكتورة محاسن لـ «أنفاس بريس» انه لم تسجل حتى نهاية شهر مارس 2020 أي حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، وهي بذلك تطمئن أسر وذوي النزلاء بأن حمايتهم من أولويات المندوبية العامة لإدارة السجون.
عبد الرحمان، المهدي، خالد، نزلاء يقضون عقوبة السجن منذ أشهر في مركز الإصلاح والتهذيب صرحوا لموقع «أنفاس بريس»، أنهم تحت العناية والمراقبة الطبية مثل جميع أقرانهم، من خلال الزيارات التي يقوم بها الطاقم الطبي بشكل منتظم داخل الزنازن، مع توفير مواد النظافة بشكل شخصي عبر توزيع حقائب تتضمن هذه المواد، وزيادة حصة الاستحمام، كما لوحظ تقليص أعداد النزلاء في الزنزانة الواحدة إلى خمسة نزلاء فقط، ضمن تدبير إعادة الانتشار.
النزلاء الثلاثة، كغيرهم كانوا منشغلين بتتبع برامج القناة الثقافية، بعد ان قرر إغلاق مراكز الدراسة في السجن والتكوين المهني، وهو ما اكده محمد خلدون، رئيس مصلحة العمل الاجتماعي بالمركز، بالقول ان الطاقم التربوي يقوم بمد جميع النزلاء بالمقررات الدراسية وتتبع مساراتهم، مع الاستعانة بالتعليم عن بعد، وكذا نفس الأمر بالنسبة لشعبة التكوين المهني، مضيفا ان جميع الأنشطة التي كانت تعرف تجمعا للنزلاء تم تعليقها إلى إشعار آخر.
العياشي والد أحد النزلاء، صرح لـ «أنفاس بريس»، أنه يثمن إجراءات المندوبية من أجل اتخاذ التدابير الاحترازية لحماية النزلاء، وعاينت الجريدة طريقة صرف الحوالة لابنه النزيل بما مجموعه 600 درهم، مفضلا عدم زيارته والاكتفاء بالحديث معه هاتفيا، «حتى يرفع الله عنا هذه الجائحة»، على حد قوله.
روائح التعقيم والتطهير كانت منتشرة في الممرات والزنازن ومرافق مركز الإصلاح والتهذيب، وعبر زيارة مستودع مواد التنظيف وقفت موقع «أنفاس بريس»، على مخزون كبير يمتد لأشهر طويلة، ويشرف على عملية التوزيع المقتصد في احترام تام لتعليمات الطاقم الطبي. مخزون كافي هو الآخر ويتعلق بالتغذية، بحيث لم تتوقف صفقة التغذية مع الشركة المعنية، ومازالت حصة الغذاء هي نفسها المعتمدة في المركز..
الحرص على حماية النزلاء لا يقل عن الحرص على حماية الأطر والموظفين في كل سجون المملكة، مثلا في مركز الإصلاح والتهذيب بعين السبع يوجد حوالي 130 موظفا من مختلف الرتب والمهام، وبعد تحديد الموظفين الذين بإمكانهم الاشتغال عن بعد، تم وضع 58 موظفا في الحجر الصحي بالمؤسسة السجنية، حيث يؤدون مهامهم الوظيفية دون الانتقال إلى بيوتهم، وقد وفرت لهم المديرية الجهوية لإدارة السجون بالدار البيضاء كل الظروف لكي تكون إقامتهم محفزة على العمل، وهو ما عاينته موقع «أنفاس بريس»، من خلال الزيارة التي قام بها محمد بندريس، المدير الجهوي لمركز الإصلاح والتهذيب عين السبع، على ان يتم تعويض هذه المجموعة بمجموعة أخرى اعطيت تعليمات بان تكون في الحجر المنزلي في هذه الفترة.
وطنيا قامت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بتعبئة موظفيها العاملين بالمؤسسات السجنية من أجل تحصين الساكنة السجنية والفضاء السجني والعاملين به، وكذا أفراد أسرهم وتعزيز حمايتهم من العدوى من خلال إخضاعهم لإجراء الحجر الصحي.
ومن أجل ذلك، قامت المندوبية العامة بتقسيم هؤلاء الموظفين إلى فوجين يعمل كل واحد منهما خلال أسبوعين كاملين، مع توفير الإقامة لهم بفضاءات مخصصة لهذا الغرض بالمؤسسات التي يعملون بها، مجهزة بجميع الوسائل والأغراض الضرورية لاضطلاعهم بمهامهم على الوجه المطلوب.