الثلاثاء 21 مايو 2024
كتاب الرأي

كمال السعيدي: من دروس كورونا

 
 
كمال السعيدي: من دروس كورونا كمال السعيدي
بعيدا عن تقييمنا لطبيعة النظام الحاكم في الصين، الجميع يعترف أن هذا البلد استطاع مواجهة وباء كورونا بالعلم والتكنولوجيا المتطورة والوعي المجتمعي وقوة الدولة وحسن التنظيم .. 
تصرفت الصين منذ البداية على أساس أنها تواجه ما يشبه حربا بيولوجية ويبدو أنه كان لديها خطط وبرامج لمواجهة مثل هذا السيناريو المرعب لذلك اعتمدت على نفسها ولم تستجد أحدا لمساعدتها، بل إنها اليوم هي من يعرض المساعدة وتقاسم الخبرة مع دول أوروبية تصنف عادة ضمن المراتب المتقدمة والتي قد لا تستطيع رغم ذلك خوض هذه الحرب بنفس الكفاءة والإقتدار التي واجهت بها الصين مصيرها على امتداد الشهور الثلاثة الأخيرة .. 
بعد أن رأينا كيف يتم الأمر الآن على صعيد الإتحاد الأوروبي فقد أصبح من المؤكد أن باقي الشعوب ستواجه قدرها المحتوم في هذه الحرب وحيدة وعزلاء اليد، معتمدة على إمكانياتها الخاصة والبدائية في أغلبها وستدفع الشعوب التي تجاهلت أنظمتها أو قللت من قيمة وأهمية التعليم والصحة كلفة عالية للغاية وهي تنتظر ما قد يجود به الغرب أو ربما معجزة إلاهية تقلل فداحة خسائرها .. مع العلم المسبق أنه وعلى افتراض نجاح الدول المتقدمة في تطوير دواء فعال أو لقاح ناجح بسرعة فإن تلك الشعوب الفقيرة أو التي تربت على استهلاك ما ينتجه الآخرون ستكون آخر من يتوصل - le dernier servi - بالأدوية أو باللقاح وبعد أن تكون لا قدر الله قد تحولت بلدانها إلى مقابر جماعية ..
وباء كورونا هو من نوع الأوبئة التي غيرت في الماضي مجرى التاريخ وسيكون له ما بعده، نأمل على الأقل أن يتغير في بلدنا نحن الكثير على مستوى الثقافة الشائعة مجتمعيا التي تمجد الكسل والخرافة وأن تتغير العقليات التي تحكمت سياسيا لعقود وأنتجت الحصيلة التي نراها اليوم بحسرة شديدة وأن نستخلص الدروس لإنقاذ الأجيال المقبلة ..
 
الدكتور كمال السعيدي/ قيادي بالحزب الاشتراكي الموحد