الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الرحمان العمراني: لهيب جديد في العلاقات الأمريكية-الصينية سبب كوفيد 19 

عبد الرحمان العمراني: لهيب جديد في العلاقات الأمريكية-الصينية سبب كوفيد 19  عبد الرحمان العمراني
وأنا أتابع أخبار اليوم ذات الصلة بجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاستراتيجية وتأثيرها على العلاقات بين القوتين الأكثر بروزا في عالم اليوم، أمريكا والصين، فوجئت بحجم ما أثارته لدى الجانبين، خلال الأسبوع الأخير فقط من ردود أفعال، قد تعمق بشكل سريع من أزمة الثقة، وهي أزمة حادة أصلا منذ  تسلم ترامب مقاليد البيت الأبيض، وما اتخذه من قرارات اقتصادية مست الصين بدرجة أساسية.  
في عموده المعتاد بتويتر وفي زلة لسان أثارت حفيظة مسؤولي منظمة الصحة العالمية قبل أن تثير غضب الصينيين تحدث ترامب عن "المرض الصيني"chinese disease في إشارة إلى كوفيد 19. 
مسؤولو المنظمة العالمية استهجنوا النعت باعتبار أن الأخلاقيات التي يشتغلون عليها لا تقبل ربط أي مرض او وباء بقومية او جنسية معينة. 
من جهتها أعلنت الصين على لسان ناطقة باسم الخارجية عن قرار عدم تجديد صلاحية أزيد من عشرة صحفيين من النيويورك تايمز والواشنطون بوست وقناة CNN (وهي صيغة ملطفة  لقرار الطرد) معتبرة أنهم يروجون من خلال تحقيقاتهم الصحفية لادعاءات تسيء إلى الصين في موضوع الطرق التي نهجتها في محاربة كورونا، حيث روجت تلك المنابر، وفق الرواية الصينية لمواكبات، بعضها استقته حسب قولها -أي المنابر الأمريكية- من نشطاء صينيين، يقولون  ضمن ما كتبوا -إن الصين تلكأت كثيرا عند بروز العلامات الأولى للجائحة وطاردت وألزمت الصمت عددا من الصحفيين الذين بلغوا عن هذا الأمر، وأنها تعاملت بانتقائية مع المصابين في في أوج الأزمة.
وبلغ السيل الزبى بالنسبة للسلطات الصينية  حينما حمل مقال من تلك المقالات عنوان رجل آسيا المريض the sick man of Asia. في اشارة الى البلد.
هو إذن لهيب حام يؤجج مشاعر الصراع على خلفية ملفات اقتصادية ثقيلة بين البلدين ،وآفاق الزعامة القطبية الراءدة في المستقبل المنظور.
أين الحقيقة؟ وأين السياسة في هذا الموضوع؟ مسألة تظل جد شائكة وعصية على أي إجابة بالقطع أو باليقين.
حساسية الأغلبية تجاه سياسات الولايات المتحدة، خاصة السياسة الخارجية -وهي حساسية مبررة - تغذيها بالطبع تجارب السابق في الأزمات وفي الحروب، قد تدفع إلى الارتياب من كل ما  ينشر هناك ،حتى لو تم من طرف صحفيين وإعلاميين رائدين -نموذج صحفيي النيويورك تايمز- (لنتذكر عملهم في الكشف عن ووترغيت أو النيويوركر او the nation اليسارية، والمعروفين بالاستقلالية والاحترافية والنقد اللاذع للمؤسسات السياسية والعسكرية والمركبات الاقتصادية الكبرى في الولايات المتحدة).
والعمى الإيديولوجي قد يجعل البعض  يأخذ كل ما قام أو تقوم أو ستقوم به الصين في كل القضايا والمواضيع والملفات والأزمات الدولية على أنه الفضيلة بعينها لا يقبل ان يتم تقييمه  فاحرى انتقاده.
لا نتحدث هنا بالطبع عن موضوع مكافحة كورونا الذي توفقت فيه وتستحق فعلا  تهنئة الجميع بخصوصه.
وإذن ماذا؟ 
الميزان صعب، والعقل حكم في البداية وفي النهاية.